تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

اسرائيل لاتفهم مطالب الأسرة الدولية بإقامة دولة فلسطينية

 

                                                                                                              بقلم: نداف إي
          حكومة نتنياهو لا تفهم التلميح. المرة تلو الاخرى يتحدث رئيس الوزراء عن "السلام الاقتصادي" عن تحسين "نسيج الحياة" للفلسطينيين وعن الاستثمارات في المناطق كمسار "للحكم الذاتي" . ولكن العالم ولا سيما اوروبا يرد على هذه الاقتراحات ببرود مجمد.
بيانات الناطقين باللسان الصادرة من اسرائيل والمحملة بالوعود لتحسين الوضع المادي للفلسطينيين لا تنجح في صرف الاسرة الدولية عن التركيز على المشاكل الاساس للنزاع – وبالاساس على الحل الدائم الوحيد المقبول من كل المحافل، دولة فلسطينية مستقلة. كل زعيم دولي تحدث مؤخرا في موضوع الشرق الاوسط، شدد على اقامة دولة فلسطينية. من المهم ان نفهم أن هذا عمل مشترك: ماركييل، براون، اوباما، ساركوزي، كلهم منسقون ويكررون ذات الكلمات عن قصد: الهدف: نتنياهو.
          الرسالة الاسرائيلية لا تصل لان نتنياهو، ظاهرا فنان الاعلام لا ينجح في ان يلتقط موجة الزعماء في الغرب اليوم. احاديث عن "الحكم الذاتي" تبدو كالكولونياليا للمبتدئين، كاقتراح لاقامة دولة مرعية على نمط البانتوستان.
خطاب يركز على "تحسين شروط الحياة للفلسطينيين" ويتجاهل مطالبهم الوطنية يعتبر غرورا سياديا ينبع من الإحساس بالتفوق.
وببساطة، نتنياهو يعطي الانطباع بانه يعتقد بانه يمكنه رشوة الفلسطينيين. وكأنه لا يوجد لهم وجود الآن، ولا يوجد لهم حق لتقرير المصير. هم اطفال يحتاجون الى تنمية متنوعة،، برعاية الامبراطورية الاسرائيلية، التي ستلقي لهم ببضعة فتات.
          جوهريا، هذا نهج قديم. وهو كأنه اخذ من كتب التاريخ عن الاستعمار الاوروبي، الذي ادعى هو ايضا اعطاء الاطفال "حكماً ذاتياً" في ظل حرصه على "التنمية الاقتصادية" في الطريق الى "خلق مجتمع مستقر". وكانت النتيجة، دوما، هي ان الحكم الاجنبي استثمر استثمارات هائلة وفشل في هدفه الكبير – منع اقامة كيان سياسي مستقل.
من اللحظة التي ينشأ فيها اعتراف وطني جماعي، لا يعود ممكناً إعادة العجلة الى الوراء والآلية تقود نحو الاستقلال الكامل والمطلق. فالفلسطينيون باتوا يملكون وعياً وطنياً متبلوراً، وآلية الانسحاب من المناطق – التي بدأ بها اريئيل شارون – اقوى من كل فكرة جديدة من مدرسة نتنياهو. ماذا يظن نتنياهو، ان يقتنع الفلسطينيون بأن لا حاجة لهم بدولة، ومعهم الاسرة الدولية؟ ان يعلن رئيس الولايات المتحدة أن امريكا تتخلى عن خريطة الطريق وتركز على تحسين المجاري في قلقيلية؟
          نهج نتنياهو عديم المنطق الداخلي. اذا كان الحديث يدور فقط عن خطاب يرمي الى تأجيل الحل الوسط الاقليمي  فان نهجه يعاني من انه يعتبر(غير منطلق)  ويؤدي بذلك بالاسرة الدولية فقط الى تشديد الضغط على اسرائيل – ومن هنا التجند الاستثنائي لزعماء العالم لتكرار تعبير "دولة فلسطينية" في كل مناسبة.
خلل اخر يرتبط بالذات بفرص نجاح نهج نتنياهو الافتراض بان تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي لدى الفلسطينيين سيؤدي الى هجر افكار تقرير المصير الوطني هي مغلوطة من اساسها. فبالعكس: تاريخ القرن العشرين يثبت ان تحسين الوضع الاقتصادي هو في احيان كبيرة محفز حرج للكفاح في سبيل التحول الوطني. الاستقرار الاقتصادي الذي يولد طبقة وسطى قوية وشريحة من الشباب المثقف يشكل وصفة ناجعة للثورة. ولا بد ان نتنياهو يعرف كل الدروس التاريخية هذه؛ فهو ابن مؤرخ.

                                                                                       

معاريف- مقال –   13/5/2009

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.