تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

سورية وتركيا في مهرجان ثقافي مميز

عندما تكون جسور التواصل عبر لغة الثقافة الفكرية فإن التقارب يكون عميقا إلى حد الانسجام في الرؤى ولو اختلفت بعض تضاريس الأفكار إلا أنها تسير إلى ذات المصب لتلتقي مجتمعة في إطار السعي لرفد المشهد الثقافي الشرقي العام بأنماط فكرية تكرس طموحات مشتركة في ساحة تختلط فيها الاتجاهات الفكرية لتفيد وتستفيد من تجارب الآخرين وثقافاتهم بحضور ذائقة ثقافية تركية وسورية تهوى الفن والأدب الشرقي، ما من شأنه خلق علاقة وثيقة بين التراثين العربي والتركي ليكون هذا التواصل تجسيداً لمناخات فكرية واحدة.. هذا ما يسعى إليه القائمون على تظاهرة التبادل الثقافي والفني السوري التركي في مهرجان (شكوروا) الذي افتتحت فعالياته في مدينة اللاذقية بأمسية تركية فنية وأدبية ليتابع أنشطته في كل من مدن مرسين وأضنة وأنطاكية في تركية بمشاركة أدباء وشعراء وفنانين سوريين، ليستمع الأتراك لغناء وقصائد شعرية عربية على مدى أيام ثلاثة، كما استمع السوريون لفن تركي وأدب تركي شعري في سورية في تلك الأمسية..

 
وكان قد افتتح المهرجان كل من رئيسي نقابتي الأدباء الأتراك في أضنة وأنطاكية وزهير جبور رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب باللاذقية بكلمات ألقوها كان فحواها أن الحفاظ على الوحدة الثقافية بين البلاد المتجاورة هو أمر غاية في الأهمية، لأن التقارب الفكري بين الشعبين الجارين فيه إغناء للثقافات المشتركة وتحقيق للتواصل وترسيخ لمعايير المحبة والسلام التي يجب أن تسود كل المنطقة رغم ما يتهددها من عدوان وفكر معاد يسعى للسيطرة عليها، مؤكدين ضرورة استمرار هذه اللقاءات الثقافية لتمتد جذور الثقافة عبر الأدب والفكر والشعر بين شعبي البلدين الصديقين.
وتضمنت فعاليات الأمسية التركية أجناساً مختلفة من الشعر والطرب الشعبي والغناء التركي حيث افتتح المهرجان بقصائد شعرية للشاعرة التركية آتيان قوران والشاعر التركي حميد يشار مترافقة بترجمة لملخص القصائد التي شرحت حكايات شعرية عن الوطن والعشق وتبعها وصلة فنية على البزق للفنانين التوءم (أرجان وجوكهان شاجي ران) اللذين قدما من مدينة (أزمير) التركية ليغنيا ويعزفا مقطوعات أناضولية بأنغام تركية وشرقية من ألحانهما وأخرى من الفلكلور التركي والتراث الشرقي العربي على إيقاعات البزقٍ التركي، كما قدم الفنان الشعبي التركي ايبان مقطوعات موسيقية من التراث التركي والسوري معاً مغلفة بإيقاعات أوتار موسيقا البزق.
وعلى هامش الفعاليات ذكر (تشايتيني نورو) رئيس فرع الأدباء الأتراك في أضنة لـ«الوطن» أن هذا البرنامج الثقافي المشترك بين سورية وتركيا ينظم للمرة الأولى بين دولتين، آملاً أن تمتد الفعاليات إلى لبنان بعد سورية، فمهرجان أيام شكوروا الفنية الذي افتتح في مدينة اللاذقية بدار الأسد ليلة الثلاثاء الماضي واختتم في مرسين يوم الجمعة على مدى أربعة أيام هو تظاهرة فنية شرقية مشتركة تستحق كل التقدير، متمنياً استمرار التبادل الثقافي على نحو أكثر تفاعلا وأكثر عمقا مستقبلا وقال: نحن على ثقة بأن أيام شكوروا الفنية تلعب دوراً في تعميق ثقافة السلام ضد الحرب ونحن مسرورون لوجود أدباء من لبنان والأردن والعراق بيننا يحضرون أنشطة المهرجان، وكان القائمون على تنفيذ المهرجان من كلا الجانبين السوري والتركي قد عمدوا إلى هذا الجهد الفني الفكري كخطوة لمواجهة الأطماع القذرة التي تهدد منطقتنا المشتركة بظلام فكري وخاصة مع وجود أفكار الأدب الرجعي التي تنسل في أدب المجتمع الشرقي.
كما التقت «الوطن» بالفنانين التركيين التوءم شاجيران اللذين يزوران سورية للمرة الأولى حيث أكدا أن كل الأغاني التي قدماها هي لأجل السلام والمحبة لأن لغة الموسيقا واللحن قادرة على اختراق العقل والوجدان والتأثير فيهما بسهولة، كما أن درء الغزو الفكري رهن بوجود ثقافة شعبية صحيحة وأردفا بالقول: نحن كفنانين يقع على عاتقنا واجب الدفاع عن معتقدات وأفكار مجتمعاتنا عبر ما يمكن إيصاله من مفاهيم عن العدوان وويلاته، مكرسة في الفن والأدب اللذين يملكان قدرة تعبيرية عالية في تصوير ما يخربه العدوان وما يخلفه من دمار بشري وعمراني ونحن اخترنا القضية الفلسطينية في كثير من أعمالنا المقدمة لتكون شاهداً على المعاناة التي يتركها الاعتداء، وتمنى الفنانان شاجيران أن يكون الاهتمام أكبر من الجانب السوري في الدورات القادمة لتوطيد هذه العلاقات، كما التقت «الوطن» الأديب زهير جبور رئيس فرع اتحاد الكتاب العرب باللاذقية الذي أكد أن هذا النوع من المهرجانات من شأنه تمتين الأواصر الفكرية وتقريب الفكر الثقافي بين الشعب التركي الصديق والشعب السوري، ولفت إلى أن جسور الثقافة هي وحدها التي تقرب الشعوب وهذا ما يسعى إليه المعنيون بالشأن الثقافي في سورية ولأن نقابة اتحاد الكتاب بتركيا تقف إلى جانب الخط العربي في مقاومته فقد كانت الفعاليات متضمنة أنشطة ثقافية فنية غنائية وأدبية تغني للمقاومة وتمجدها وتبرز مرارة الوجع العربي والفلسطيني على وجه الخصوص، وعلى هذا الأساس جاء الاتفاق في الحضور السوري والتركي للفعاليات الثقافية المشتركة، وأضاف: إن هذا المهرجان أقيم العام الماضي للمرة الأولى في مدينة مرسين التركية بمشاركة أدباء سوريين متمنيا استمرار هذا التواصل..
 
 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.