تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أرجوحتا الماغوط والعجيلي

قبل أربع سنوات وشهور كان العجيلي يعيش أيامه الأخيرة متنقلاً بين دمشق والرقة للتداوي، والتقيته في مشفى بدمشق، اللقاء الأخير لأستاذ وصديق وحبيب كان يخصني بجلسات مطولة في مكان إقامته... لم يكن يخطر ببالي أن هذا اللقاء سيكون الأخير معه، وهو الذي محضني وفاء وصدقاً غير معهودين من كبار السن...

 
فقد أدمنت كما رفاقي التقريع من الكبار وتسفيه ما نقوم به، إلا أن العجيلي كان مختلفاً ليس عن جيله فقط، بل عنا وعن أقرانه.
قبل أربع سنوات وشهور كان الماغوط يجلس على أرجوحة في أحد مطاعم دمشق مع عدد من الأصدقاء، وحين صافحته كان بشوشاً أكثر من العادة ورحب بي كما لم يرحب من قبل، وحين أبديت استغرابي ورغبتي في أن ألتقيه قال لي: أهلاً أهلاً...
وبقيت أرقب الماغوط على أرجوحته حتى غادر بهدوء وبطء...
في الزمن الهارب المخادع رحل العجيلي ورحل الماغوط..
الجنازتان سارتا معاً في مكانين مختلفين.
سورية وحدها شيعت كبيرين من أقصاها إلى أقصاها...
كانا متشابهين إلى درجة الالتصاق.
كانا مختلفين إلى درجة الافتراق.
لكنهما تطابقا كبراً وإنتاجاً ووفاة..
على أرجوحة الماغوط ضبط العجيلي ساعة الملازم.
فسارا معاً على قناديل إشبيلية
تجاه وطن كتبا طويلاً عن حبه...
 
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.