تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مبدعون سوريون في الخارج رندة مهتمة بالبحث عن اللون

رندة قسيس فنانة تشكيلية وكاتبة سورية تعيش في باريس منذ سنوات. لها العديد من الانشطة الاعلامية والحضور الفاعل في الاعلام العربي والفرنسي. وهي الان عاكفة على تأليف بحث علمي سيصدر خلال الشهور المقبلة.

تشرين التقيت برندة في احد مقاهيباريس وكان لي معها هذا الحوار: ‏
رندة قسيس انت سورية مغتربة في فرنسا منذ سنوات، وتعتبرين اليوم من الأسماء السورية المبدعة على مستوى الفنوالكتابة في الخارج ؟ ‏
حدثينا عن سبب اختيارك باريس للحياة فيها. وهل كونك فنانة تشكيلية احد الأسباب التي قادتك الى باريس عاصمةالفن العالمي ؟
منذ صغري، كنت احلم بالسفرإلى بلد استطاع أن ينشئ توازناً ما بين مصلحة الكتلة الجماعية و حرية الفرد، شغفيفي البحث عن الإنسان هو الذي قادني إلى اختيار باريس، المدينة الرمز في عهدالتنوير، فكان لتاريخ فرنسا المناضل الذي استطاع درء الاستبداد عنه و النضال من أجلالحصول على الحرية تأثيراً كبيراً في اختياري لها، مع أنني اليوم لا أميل أبدابتلقيبها مدينة النور لأنني أرى انه لمن الإجحاف ان نسجنها في إطار لغوي، و اننحرمها من التجدد والبعثرة من جديد كي تقوم بعدها بصياغة مفهوم جديد للحرية. ‏
عرفت في باريس كفنانةتشكيلية ونال معرضك الفني الذي أقمته في باريس شهرة عريضة خاصة وان نجوم الفنوالمجتمع العربي والفرنسي كانوا بين الحضور ؟ لماذا اتجهت للكتابة ؟ ‏
لا ادعي أن الغربيين قدوصلوا إلى تقبل الآخر المختلف عنهم إلا أن ثقافتهم تجعلهم أكثر انفتاحاً من غيرهمفي السماع و خصوصاً اذا أجاد الغريب لغة الخطاب و النقاش، فلا تبعية بالأفكار والمفاهيم بل تواصل، أعتقد أن أي إنسان في الغرب يمكنه إضفاء أشياء جديدة عليه و فيكافة المجالات اذا خرج من دائرته الصغيرة و تعلم الاستماع و قبول الآخر كي يستطيعفرض أفكاره من خلال الكتابة أو الرسم أو اي مجال إبداعي. لم أتفاجأ في معرضي الأخيرحضور صحفيين و كتاب و فنانين فرنسيين ك «زاراي»، «ستون» و «مانسون»... وذلك لوجوديالطويل هنا ما أتاح لي إنشاء صداقات عديدة. ‏
اتخذت خصوصية في لوحاتك منخلال رسم الجسد الأنثوي للتعبير عن قضايا هامة هل استطعت تطويع الجسد عبر الخطوطوالالوان للتعبير عن قضايا إنسانية سياسية اجتماعية ؟ ‏
كفنانة تشكيلية، كنت مهتمةفي البحث عن اللون و الشكل لإيجاد صيغة جمالية اعبر من خلالها عن واقع مأساوي كواقعالمرأة العربية المتقوقعة ضمن حلقة ضيقة لا يكف المجتمع عن خنقها تحت شعار العفة والشرف، لم اهتم بجسد المرأة ككائن أنثوي بل كان جسدها مفتاحاً لمعاناتها و تسليطالضوء على عقلية ذكورية تستلذ في جلد المرأة لإثبات رجولة مفقودة. ‏
لماذا اتجهت للكتابةالبحثية الأكاديمية وتركت الرسم مؤقتا ؟ ‏
أعتقد بوجود مراحل عدة فيحياة كل إنسان، و أعتقد أيضا أنني استنفزت طاقتي و إبداعي في مجال الرسم، و بماأنني لا احب التكرار و أبحث دوما عن التجديد، استطعت تغيير أداتي للتعبير عما يجولفي نفسي، كما ان القلم يعطيني إمكانية كبرى في التحليق في فضاءات عدة. ‏
الأولوية بالنسبة لي هيالتعبير عما يجول في رأسي من صور عقلية، و من ثم يأتي التساؤل عن القراء المحبينلهذا النوع من القراءة، من الطبيعي ان يرغب كل كاتب أو باحث عن نشر أفكاره إلا انهمن المأساة أن يصبح الهدف، فالهدف الرئيسي هو إيجاد ما نبحث عنه، و الشعوربالاكتفاء الجزئي المتجدد و المتداخل بالمسؤولية تجاه ما اخترناه عبر حياتنا. ‏
اتجه إلى الإنسان أينماكان، فأنا أخاطب الإدراك القائم على أساس التنظيم و الترجمة من خلال الأحاسيسالمرتكزة على التجربة الحسية، و كلما اتجهنا إلى تنظيم صورنا العقلية من خلالقراءاتنا و من خلال رغبتنا بتوسيع إدراكنا، فحياتنا العقلية ليست عبارة عن صور غيرمترابطة فيما بينها، بل هي قائمة على التنظيم و التتالي، فعندما نفهم و نعي عمليةالإدراك نستطيع الاستنتاج من خلال ذاتنا و ليس من خلال بعض الأشخاص الذين حللوالأنفسهم استملاك عقول الآخرين كي يتمددوا على العرش، لهذا اشعر بواجب إنساني يحثنيعلى إعطاء وتقديم ما اقرؤه للآخرين. ‏
أنت قارئة وباحثة وعاشقةللغات الأجنبية وحتى الان تتقنين الانجليزية والفرنسية والألمانية. هل ساعدتكاللغات في الإبحار في الثقافات الأجنبية والعالمية خاصة منها الثقافة الصينية؟ ‏
إذا أردنا الغوص في ثقافةمجتمع ما، فعلينا إتقان لغته كي نتمكن من اكتشافه، فالمفردات تخبئ تجارب متراكمة وبما أنني ابحث عن الإنسان في أي مكان، علي بإتقان لغات عدة كي استطيع مزج الثقافاتلخلق نموذج أنساني جديد، ما استكشفه اليوم عن الثقافة الصينية من خلال تعلميللصينية و تعرفي على بلدهم و تاريخهم يجعلني في حالة ظمأ للمعرفة و للإنسان وللطبيعة و لكائناتها الحية، فأنا أرى انسياباً ما بين أفعالنا و تفكيرنا و بينعوامل الطبيعة التي تحدد مسار التحرك، فنحن جزء صغير منها و حقائقنا التي نتبناهاما هي الا حقائق مبنية على تجاربنا النفسية مع جزئية إدراكنا للخارج، فالصورةالنفسية ليست بتسجيل مطابق للخارج بل هناك علاقة منطقية بينهما، اعتقد ان الإلمامبلغات عدة تتيح للانسان التجول في نفسه و في الطبيعة نفسها. ‏
تتم زيادة معرفتنا من خلالما نقرؤه و من خلال السفر أيضا للتعرف على الثقافات الأخرى و محاولة فهم سلوكالأفراد في اي مجتمع كان، الشغف لمعرفة آلية إدراك الآخر يسهل معرفة الأسبابالمتشكلة كعائق بين الثقافات، و من اجل فهم الرؤى عند الآخر، علينا أولا بتقمصسلوكه و فهم ثقافته بشكل تجريدي كي نستطيع بعدها الإبحار في إدراك الإنسان أينماكان. ‏
مقالاتك تحمل الجرأة والعمقهل تجدين للكتابة الأكاديمية العلمية قارئا في هذا العصر؟ ‏
الأولوية بالنسبة لي هيالتعبير عما يجول في رأسي من صور عقلية، و من ثم يأتي التساؤل عن القراء المحبينلهذا النوع من القراءة، من الطبيعي أن يرغب كل كاتب أو باحث عن نشر أفكاره إلا أنهمن المأساة أن يصبح الهدف، فالهدف الرئيسي هو إيجاد ما نبحث عنه، و الشعوربالاكتفاء الجزئي المتجدد و المتداخل بالمسؤولية تجاه ما اخترناه عبر حياتنا. ‏
هل ستتجهين للقارئ العربيأم الغربي ومن هو الأول في اهتمامك ؟ خاصة وأنت تحرضين القارئ على اللجوء للعقلوالعلم والتفكير وحرية الاختيار لا الانقياد الأعمى خلف أفكار سلفية ومتخلفة. ‏
اتجه إلى الإنسان أينماكان، فأنا أخاطب الإدراك القائم على أساس التنظيم و الترجمة من خلال الأحاسيسالمرتكزة على التجربة الحسية، و كلما اتجهنا إلى تنظيم صورنا العقلية من خلالقراءاتنا و من خلال رغبتنا بتوسيع ادراكنا، فحياتنا العقلية ليست عبارة عن صور غيرمترابطة فيما بينها، بل هي قائمة على التنظيم و التتالي، فعندما نفهم و نعي عمليةالإدراك نستطيع الاستنتاج من خلال ذاتنا وليس من خلال بعض الأشخاص الذين حللوالأنفسهم استملاك عقول الآخرين كي يتمددون على العرش، لهذا أشعر بواجب إنساني يحثنيعلى إعطاء و تقديم ما اقرؤه للاخرين. ‏
السفر الى البلدانالمتناثرة على أرض العالم من أوروبا إلى آسيا إلى أميركا وكندا و مختلف البلدانالتي تحبين اكتشافها ،ماذا حقق لك هذا الترحال من فائدة ورؤيا وثقافة ونظرة جديدةللكون والعالم والحياة ؟ ‏
تتم زيادة معرفتنا من خلالما نقرؤه ومن خلال السفر أيضا للتعرف على الثقافات الأخرى و محاولة فهم سلوكالأفراد في أي مجتمع كان، الشغف لمعرفة آلية إدراك الآخر يسهل معرفة الاسبابالمتشكلة كعائق بين الثقافات، و من اجل فهم الرؤى عند الآخر، علينا اولاً بتقمصسلوكه وفهم ثقافته بشكل تجريدي كي نستطيع بعدها الإبحار في إدراك الإنسان أينماكان. ‏
كيف تجدين وضع المرأةالعربية في الخارج، وهل هي مؤهلة كي تكون صورة إيجابية للمرأة العربية؟ ‏
أعتقد أن علينا التركيز علىواقع المرأة العربية في داخل مجتمعها، فلن يفيد وضع المرأة في الداخل أية صورةايجابية عند المجتمعات الغربية، لأن المرأة العربية الموجودة في الخارج هي جزء مننسيج المجتمع الآخر، و لن ينظر الغرب إليها بطريقة ايجابية لأنه يعتبران الحريةالمتوافرة في بلده هي التي وفرت ظروف إيجابية لبعض من النسوة اللواتي استطعن إبرازأنفسهن. ‏
كتابك القادم كتاب علمييعتمد على النظريات الفلسفية والعلمية يتحدث عن تطور الإنسان عصبياً و نفسياً وفكرياً، وهو كما علمنا سينشر باللغة العربية والفرنسية والانكليزية هل لك أن تعطينافكرة موجزة عنه ؟ ‏
أبحث في تطور الانسانعصبياً و نفسياً مع الاستناد على القاعدة البيولوجية من خلال نظريات حديثة و قديمةمع ايجاد تقاطع بين عدة منها، كما ابحث في تاريخ الاسطورة لاستشف منابعها الاولىالمنغرسة في الغرائز البيولوجية. أرغب بإنهائه في شهر حزيران القادم لنشره بالعربيةأولاً و من ثم بالفرنسية و الانجليزية. ‏
ألا تشعرين بالحنين إلىالوطن.. وذكريات الطفولة.. وأنت بعيدة عنه كل هذه السنوات والمسافات ؟ ‏
أعتبر نفسي حصيلة مورثاتجينية مع تأثير بيئة المنشأ أي سورية و من ثم اختلاطهم مع التجارب الفردية و معالمعرفة المكتسبة، فلا استطيع فصل أي منهم عن الآخر، فأنا سورية المولد و المنشأإلا أنني أشعر بانتمائي إلى الأرض عامة و إلى الطبيعة خاصة فهي التي تعطيني الطاقةللانتعاش من جديد، فليس لذكريات الطفولة أثر أهم من ذكريات حياتي بشكل عام. ‏
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.