تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الفيلم التسجيلي في نادي السينما بحمص وإشارة تعجب

 

لا أعتقد أن نادي السينما في حمص قد وفّق في نشاطيه الأخيرين المخصصين للسينما التسجيلية، حسب ما لمسته من جمهور النادي.
 
إذ إن استضافته للمخرجين (نبيل المالح وريمون بطرس) وأفلامهما، لم ترو نزوع المشاهدين لفن الفيلم التسجيلي، لاسيما وأن المالح وبطرس لم يعرفا كمخرجين لأفلام تسجيلية وإن أنجزا فيها بعض الأفلام، وكان يفضل استضافتهما مع أفلامهما الروائية، لتحقيق الغاية المرجوة منها في اللقاء المباشر معهما عقب عرض الفيلم. ولا يعني كلامي أن الفيلم التسجيلي يقل أهمية من الناحية الإبداعية عن الفيلم الروائي، على العكس بل قد يبلغ مدى أفضل في تأثيره في المشاهدين، على الرغم من أن الفيلم التسجيلي قد لا يحظى باحتفاء من جمهور السينما بالقدر الذي يحظى به الفيلم الروائي خصوصاً وأن عرضه يجري في الأغلب الأعم على هامش المهرجانات الخاصة بالأفلام الروائية. وعدم تلبية نزوع جمهور النادي للفيلم التسجيلي قادمة من الذائقة التي بدأت تتكون لديه من خلال متابعته لسنتين متتاليتين تظاهرة أيام سينما الواقع الواقع dox box التي أقيمت فعالياتها في أكثر من مدينة ومنها حمص التي أقامتها شركة «بروآكشن فيلم» للإنتاج والتوزيع السينمائي والتلفزيوني في دمشق بالتعاون مع المؤسسة العامة للسينما وهيئات أخرى. ويزداد استغراب المرء أن إدارة النادي قد تنبهت للمخرج أسامة الحسيني الذي عرف بإنجازه للأفلام التسجيلية واستضافته في نشاط يستحقه، فالفيلم التسجيلي «ملامح دمشقية» الذي عرض في النشاط الأخير للنادي، سيناريو وإخراج ريمون بطرس فيلم يبتعد عن مفهوم الفيلم التسجيلي إلى حد ما ويدخل في خانة الفيلم السياحي الذي يروّج لدمشق بمعلومة تاريخية موثّقة عن حضارة دمشق وعظمتها، قدم الفيلم تلك المعلومات بصوت الفنان طلحت حمدي فسرد لنا مسيرتها عبر التاريخ كأقدم مدينة مأهولة، منذ أن كانت بحيرة مروراً بالآراميين والبيزنطيين، وإلى أن جاءها التحرير العربي الإسلامي. وأظهر دورها في انتشار الديانة المسيحية من خلال مجيء شاوول لمحاربة المسيحيين فيها فتنصّر علي يدي القديس حنانيا ومضى يبشر بالمسيحية في أوروبا بعد أن أصبح اسمه بولس. كما توقف الفيلم عند فترة الحكم الأموي وما حققته دمشق من أهمية على الصعد كلها. ولم يبخل الفيلم علينا بصور لرموز هذه الحضارة معمارياً وفنياً دون أن ينسى رموزها الطبيعية كقاسيون وبردى. والانطباع الذي يسجله المشاهد لهذا الفيلم عدم قدرته على تخزين الصور التي شاهدها باستثناء ما شاهده من صور للجامع الأموي الذي كان للفيلم أكثر من وقفة معه منذ أن كان معبداً لديانة وثنية وتحوله فيما بعد لكنسية ثم تحوله لجامع، والسبب في ذلك الزخم الحضاري لدمشق والمونتاج السريع الذي لم يسمح للعين التقاط المشاهد كما ينبغي لتخزينها في الذاكرة، على الرغم من جمالية السرد الشعري أحياناً الذي استعان بقصائد نزار قباني ومحمد مهدي الجواهري ومحمود درويش وطلال حيدر، وما قالوه في دمشق شعراً يليق بها. ‏
 
 
 
 
ونود أخيراً الإشارة إلى أن مفهوم الفيلم التسجيلي حسب ما يراها النقاد هو الفيلم الذي يرتبط بالواقع ولا يعتمد في سرده على البناء الروائي ولا يستخدم الديكورات المصنعة ولا يلجأ للاستديوهات والممثلين المحترفين بل يصوّر في مواقع الأحداث نفسها وبعناصرها الحقيقية الطبيعية من أشخاص وأماكن. ويعتمد على التنقل والملاحظة والانتقاء من الحياة نفسها، فيصوّر لنا المشاهد الحية والوقائع الحقيقية. ‏
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.