تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

21 عاماً على رحيل نهاد قلعي

مصدر الصورة
الوطن السورية


من منا لم يسمع بحسني البورظان ومقولته الشهيرة إذا «أردنا أن نعرف ماذا في إيطاليا فيجب أن نعرف ماذا في البرازيل».

 
يعدّ الفنان الراحل نهاد قلعي من عمالقة الفن السوري، إذ قدّم ومنذ البدايات أروع وأجمل الأعمال السينمائية والمسرحية والتلفزيونية التي مازلنا نتذكرها حتى اليوم، كعلامة فارقة في تاريخ الحركة الفنية عامة وفي ذاكرة السوريين خاصة.
 
سيرته
برزت موهبته باكراً ولفتت الأنظار إليه وجعلته يحلم بالفن ويتجه إلى دراسته في مصر إلا أنه عندما قرر الالتحاق بمعهد التمثيل في القاهرة قبل سفره بأيام تعرض للمقلب الأول من الحياة بسرقة نقود سفره ما أجبره على ترك السفر والعمل في دمشق.
عمل في بداية حياته المهنية مراقباً في معمل للمعكرونة ثم ضارباً للآلة الكاتبة في الجامعة ونقل بعد ست سنوات من العمل إلى وزارة الدفاع واستقال بعدها ليعمل مساعداً لمخلص جمركي طوال خمس سنوات إلى أن عمل لحسابه الخاص.
انتسب نهاد إلى استديو البرق سنة 1946 وشارك بتقديم مسرحية «جيشنا السوري» وفي عام 1954 أسس النادي الشرقي مع سامي جانو والمخرج خلدون المالح وراح يقدم في المسرحيات أدوارا كوميدية مثل «لولا النساء» و«ثمن الحرية» على مسارح دمشق والقاهرة حيث حاز النجم إعجاب المسرحيين المصريين وبدأت نجوميته بالتصاعد.
لم يستقر نهاد في العمل الفني إلا مع إنشاء التلفزيون العربي السوري عام 1960 حيث عمل مع دريد لحام ومحمود جبر بمجموعة من البرامج الخفيفة كان أولها «سهرة دمشق» ثم الأوبريت المسرحي «عقد اللولو» الذي حوله المنتج نادر الأتاسي إلى فيلم سينمائي ثم شارك قلعي في مسلسل «رابعة العدوية» مع المخرج نزار شرابي كانت البداية التلفزيونية الأهم للنجم في مسلسل «حمام الهنا» مع دريد لحام ورفيق سبيعي وإخراج فيصل الياسري حيث تكرست فيها شخصية حسني وغوار ثم تكررت بعده الأعمال التلفزيونية والسينمائية مثل أفلام: غرام في إسطنبول، الصعاليك، النصابين الثلاثة، اللص الظريف، خياط السيدات، الصديقان، ومسلسلات مثل مقالب غوار، وصح النوم.
وكانت هذه الأعمال بمنزلة أيقونة فنية دخل فيها قلعي ولحام كل بيت وعملا مع كبار النجوم العرب مثل نجلاء فتحي وشادية وناديا لطفي وغيرهن.
وعلى صعيد المسرح يعتبر نهاد قلعي المؤسس الحقيقي للمسرح القومي في سورية وذلك عندما عهدت إليه وزارة الثقافة والإرشاد القومي مهمة تأسيس المسرح القومي وإدارته عام 1959 فقد قدم عدة مسرحيات منها: المزيفون، والبرجوازي النبيل، ومدرسة الفضائح، في حين كانت الأعمال المسرحية الأهم في تاريخ قلعي ضيعة تشرين، مسرح الشوك، وغربة التي قدمت على كبرى مسارح الوطن العربي، لكنها كانت آخر أعماله والتي تعرض أثناءها لحادث أليم أقعده وأبعده عن العمل الفني ليلجأ إلى كتابة مسرحيات وقصص الأطفال إلى أن توفي في السابع عشر من تشرين الأول عام 1993.
 
الثنائي الذهبي
عند افتتاح التلفزيون العربي السوري قدم نهاد مع دريد ومحمود جبر برامج منوعة خفيفة كوميدية وأولها كان «سهرة دمشق» عبارة عن برنامج منوعات يتضمن حركات كوميدية. ويتذكر الأستاذ دريد لحام لقاءه الأول بنهاد قائلاً في أحد لقاءاته: «كان يوم 23 تموز يوماً مهماً في حياة الشعبين المصري والسوري عام 1960 يوم افتتاح التلفزيون المصري والسوري ففوجئت بمدير التلفزيون الأستاذ صباح قباني (شقيق الشاعر نزار قباني) يستدعيني ليطلب مني تقديم بعض أعمالي الجامعية على الشاشة الصغيرة فقد كان لديه فكرة مسبقة عن نشاطاتي الثقافية لطلاب الجامعة، استهوتني الفكرة وبدأت صلتي بالتلفزيون بدءاً من الأسبوع الثاني من بدء الإرسال وكان أول عمل لي كهاوٍ سكتش (الإجازة السعيدة) من إخراج خلدون المالح الذي عرض في التلفزيون المصري أيام الوحدة.
وأضاف: في أول حلقة كان المطلوب أن يظهر خمسة أشخاص أنا وثلاثة آخرون وبقي الخامس الذي يصلح للدور وكان موظفاً جمركياً اسمه نهاد قلعي وهكذا التقينا أنا ونهاد.
بعد افتتاح التلفزيون بعام واحد وبمناسبة أعياد الثورة عام 1961 قام الاثنان بعمل أوبريت مسرحي اسمه «عقد اللولو» الذي لقي استحسان الجماهير فأعجب المنتج نادر الأتاسي وقرر تحويله إلى فيلم سينمائي وعلى حسابه الخاص وفي السنة نفسها شارك نهاد في مسلسل «رابعة العدوية» ومن إخراج نزار شرابي.
توطدت العلاقة سريعاً بين الفنانين العملاقين وكانت أولى ثمار هذه العلاقة برنامج «الإجازة السعيدة» الذي ظهرت أولى حلقاته لدى افتتاح بث التلفزيون ولكن الثنائي دريد ونهاد لاحظا أن شخصية كارلوس التي قدمها دريد لحام لم ترق للجمهور السوري لتبدأ رحلة البحث عن شخصيات واقعية من صميم الإنسان السوري والحارة الدمشقية ولتكون شخصيتا حسني البورظان وغوار الطوشة اللتان بنيت على أساسهما شخصيات أخرى مثل «أبو صياح وعبدو وأبو شاكر» تلاها «أبو عنتر وأبو رياح وياسينو» المدماك الذي رفع اسم الكوميديا السورية في الأعالي ولتهز عرش الكوميديا المصرية نفسها.
انتقل نهاد ودريد سريعاً إلى الفن السابع وكان فيلمهما الأول «عقد اللولو» عن مسرحية كتبها نهاد وقدمت على مسرح نادي الضباط في دمشق عام 1961 ليرسم نجاح هذا الفيلم انطلاقة الثنائي السوري السينمائية والتي ضمت مسيرتها 28 فيلماً تولى قلعي كتابة 15 فيلما منها.
لم ينس انغماس دريد ونهاد في التجربة السينمائية الشاشة الصغيرة فقدماً بدءاً من العام 1966 أربعة مسلسلات كوميدية هي «مقالب غوار» ثم «حمام الهنا» تلاه «صح النوم» بجزأين وأخيراً «ملح وسكر» والتي كرست بشكل نهائي زعامة قلعي على عرش الكتابة الكوميدية للتلفزيون عربياً وباتت أعماله مدارس قائمة بحد ذاتها وتحظى بالشعبية الطاغية لدى الجمهور العربي لدرجة أن شوارع المدن العربية كانت تفرغ من المارة لدى عرضها على حد تعبير المخرج خلدون المالح.
ولدى نكسة حزيران 1967 انضم دريد ونهاد إلى تجربة الفنان المبدع عمر حجو المسماة مسرح الشوك وقدموا سلسلة لوحات ناقدة وساخرة.
ورغبة من نهاد في الابتعاد عن الأسلوب الكوميدي الشعبي والبسيط الذي نحاه في أعماله مع دريد والتوجه لمخاطبة الجمهور المثقف تعاون الفنانان الكبيران مع المسرحي الراحل محمد الماغوط وأطلقوا ما يمكن اعتباره بالمسرح السياسي والذي كانت فاتحته مسرحية «ضيعة تشرين» التي عرضت لأول مرة عام 1973 وفي غمرة النجاح الهائل الذي عاشه الفنان الراحل وخلال عرض ثاني أعمالهما المسرحية «غربة» في دمشق عام 1976 تعرض قلعي لاعتداء ليتسبب ذلك بإصابته بشلل نصفي دائم.
 
بورظان
كثيرون لا يعرفون من أين جاءت تسميته البورظان، فيقول في أحد لقاءاته الصحفية: وذات مرة كنت أتحدث بالهاتف على الهواء مباشرة، وأنا أقوم بالتمثيل، فنسيت الحوار وحاولت تذكره، فقلت والسماعة بيدي: «أنا حسني.. ثم أضفت متسائلاً لإضاعة الوقت: حسني مين؟ وفي تلك الأثناء لمحت خلف الكواليس أحد أفراد الفرقة الموسيقية يحمل بورظاناً (مزماراً)، فقلت «حسني البورظان».
 
وأعجب الجمهور بهذا الاسم الذي اخترعته المصادفة، وأصبح اسمي منذ ذلك الحين.
 
                                                                                             وائل العدس


إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.