تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

طلحت حمدي يراهن على الزمن لتحويل الفن إلى ثقافة

مصدر الصورة
SNS - بلدنا

محطة أخبار سورية

لم يدرس الفن أكاديمياً،  لكن الفنان (طلحت حمدي 1942 ) كان مولعاً بالتمثيل منذ صغره، و كان لأخيه الفنان والكاتب الراحل(خالد حمدي) الفضل الأول في تفتح موهبته مبكراً، ودخوله عالم الفن ليصبح بعد وقت قصير أحد نجومه اللامعين؛ نجماً إذاعياً ومخرجاً وممثلاً تلفزيونياً يتقن اختيار الأدوارالصعبة وتجسيدها بحرفية عالية.

حين تعود به الذاكرة عشرات السنين إلى الوراء،

يتحدث عن تلك الأيام «كان خالد الأخ الأكبر للعائلة بمثابة الأب أيضاً، إضافة إلى كونه أستاذ مدرسة، فقد بدأ يعمل ممثلاً في فرقة «زهير الشوا».في العام 1952 كان يشارك في أحد العروض المسرحية مع الفرقة، وتطلّب العرض وجود طفل لأداء أحد الأدوار، فما كان منه إلا أن اختارني لأداء الدور، ولشدة حبي للمسرحية قمت بتمثيلها في المدرسة

 هكذا بدأت الحكاية واستمرت فصولها، على سبيل الهواية، حتى نهاية المرحلة الثانوية التي تعتبر بداية مرحلة مفصلية في حياة الفنان طلحت حمدي..» في العام 1959 قدمني الباحث الموسيقي صميم الشريف إلى الإذاعة للعب دور في مسلسل إذاعي عن حياة المؤلف الموسيقي فريدريك شوبان. تلك كانت الانطلاقة الحقيقية لي عبر الإذاعة، لكنني كنت في ذات الوقت أتردد على فرق الهواة المسرحية، بخاصة فرقة «العهد الجديد» وفرقة «النادي العربي» اللتان كانتا تضمان مجموعة من نخبة الكتاب والفنانين والممثلين. وفي العام 1960 تم اختياري لأكون واحداً من مؤسسي المسرح القومي. بقيت في المسرح القومي مدة أربع سنوات، لكن عندما تم نقلي إلى العمل في المستودع بالقرب من غرفة الملابس، قدمت استقالتي

وتشاء الظروف بعد ذلك أن يعمل «حمدي» في عدد من تلفزيونات الدول العربية الناشئة، وأن يشارك في أعمال درامية مهمة، لأنه كان مطلوباً بكثرة من قبل المخرجين نظراً إلى مقدرته على أداء الأدوار الصعبة والمركبة وذلك قبل أن يعود إلى العمل في التلفزيون السوري، حتي أحيل على المعاش. وحين نسأل الفنان المخضرم الذي أجاد أداء أدوار البطولة في سلسلة طويلة من الأعمال الدرامية مثل(الاختيار، ساري العبد الله، دائرة النار، حمام القيشاني، وضاح اليمن...الخ) عن سبب اختيار المخرجين له لأداء الأدوار الصعبة، وعمّا إذا كان ذلك يتم مصادفة، يقول باعتزاز لا تنقصه مسحة من الألم:» المخرج الحقيقي والموهوب يبحث دائماً عن الممثل المبدع والقادر على إيصال أفكاره ومشاعره بدقة ووضوح. أنا حالفني الحظ في شبابي بوجود مخرجين يؤمنون بموهبة طلحت حمدي وقدراته، ولذلك كانوا يختارونني لأداء الأدوار الصعبة. أما الآن، وبعد أن دخلنا عصر الاستسهال في كل شيء، حتى في الدراما..وبحكم الزمن والتغييرالنوعي في طبيعة المجتمع السوري، حل مكان القامات الكبيرة والمخرجين القدامى مخرجون جدد: منهم من درس في معاهد عالية ومنهم من أصبح مخرجا بحكم التجربة والانتقال من عمل إلى آخر. هذا إضافة إلى ظهور نوعية جديدة من مخرجي الدراما السورية الذين ليس لهم اهتمامات سوى التسلية والإمتاع الذي يتبخر تأثيره بعد لحظات. هؤلاء المخرجون الجدد ومعهم أصحاب شركات الإنتاج، يبدو أنهم لم يسمعوا بطلحت حمدي..وكأننا أصبحنا وسطاً فنياً بلا ذاكرة!.»

ويبدو أن حكاية الفنان طلحت حمدي مع شركات الإنتاج التلفزيوني مثيرة للشجن، على الرغم من كونه واحداً من أوائل الذين أسسوا شركات إنتاج درامية خاصة في سورية في الثمنينات، لكن شركته (الينابيع) توقفت بعد فترة.»كانت فترة منتصف وأواخر الثمانينات فترة مفصلية في حياة الدراما السورية، حين ظهرت شركات الإنتاج الدرامي الخاصة، وكنت أنا واحداً من أوائل الذين أسسوا شركات إنتاج خاصة. لكن أيضا دخلت بسرعة كبيرة رؤوس أموال هائلة، وتم توظيفها في تأسيس شركات إنتاج درامية، و كانت النتيجة أن توقفت الشركات الصغيرة عن العمل لمصلحة الشركات الكبيرة ورؤوس الأموال الضخمة التي ابتلعتها لعدم قدرتها على المنافسة

إذا كانت هذه رؤيته لشركات الإنتاج، فكيف ينظر إلى واقع الدراما التلفزيونية السورية ومستقبلها؟

الدراما السورية تتطور شكلانياً، هناك تطور إبداعي على صعيد الإخراج واستخدام المخرجين لطاقاتهم ومواهبهم مع الاستفادة من المعطيات والتقنيات الحديثة. وهناك تطور أيضاً على صعيد التمثيل وأداء الممثلين وظهور فنانين بارعين على صعيد الأداء، أما على صعيد المضمون والسوية الفكرية للأعمال، فالدراما السورية تعيش حالة من التخبط، ونادراً ما ترى أعمالاً مهمة وجادة وتستحق الاحترام والمتابعة، رغم كل الإمكانات والأموال التي تصرف على إنتاجها وتسويقها. الطامة الكبرى هي على صعيد الكتابة الدرامية التي أصبحت استسهالاً وأشبه بـ «طق الحنك» وحكواتية المقاهي. لقد تم استبعاد الكتاب الحقيقيين وأدباء الرواية والقصة عن حقل الدراما، وحل مكانهم هؤلاء المبدعون جماعة من «الكتبة» الذين لا يهمهم إلا الربح التجاري. أنا لست متشائماً، لأنني أعتقد أن الدراما السورية تعيش مخاضاً ولا بد من أن يأتي وقت و تعود إلى هويتها الحقيقية؛ الحياة لا تتوقف والزمن كفيل بتحويل الفن إلى ثقافة والدراما إلى ثقافة.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.