تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

نذير نبعة.. بحث دائم عن التجديد والإبداع

مصدر الصورة
SNS - وكالات

محطة أخبار سورية

هو أحد رواد الجيل الثاني من الفنانين التشكيليين السوريين. نذير نبعة 1938. الفنان الذي أسهم في إرساء الأسس الجديدة للحركة التشكيلية الحديثة والمعاصرة، ناهيك عن امتلاكه أسلوباً خاصاً ورؤية متفردة، خاصة في إطار العلاقة مع البيئة والأسطورة ومعالجتهما على سطح اللوحة، ومن خلال عوالم وعلائق لونية مبهرة.. حيث استطاع، طوال أكثر من نصف قرن، أن يقدِّم تجربة فنية اتَّسمت على الدوام بالخصوصية والتطوُّر والانعطاف، بحسب كلِّ مرحلة من المراحل التي كان فيها باحثاً شغوفاً، مطوراً أدواته وموضوعاته، حتى أصبح مدرسة بحدّ ذاتها، يشار إليها بالبنان ضمن خارطة الفن التشكيلي السوري.

 

"ولدتُ في دمشق، في حي المزة، وأمضيت سنين طفولتي الأولى، حيث تهجَّيت لأول مرة أبجدية الحب والجمال، ولاتزال تسكنني، ولايزال عشقي لها طافحاً وكبيراً". ولأنَّ موهبته الفنية ظهرت مبكراً، فلم يأل جهداً في التوجُّه نحو الفن دون تردُّد أو مواربة: «تعلَّمت القواعد الأولية للرسم على يد الفنان الكبير ثابت قباني، الذي ساعدني أيضاً على الانضمام إلى جمعية الفنون الجميلة، حيث أصبحتُ بسرعة واحداً من أعضائها النشيطين، وشاركت في عدد من المعارض الجماعية منذ العام 1952، الذي يعدُّ نقطة البداية الحقيقية لتجربتي الفنية الناشئة»..

 

لم يقتصر دور الفنان الرائد ثابت قباني على تعليمه المبادئ الأولية للرسم، بل كان السبب في تعريفه بعدد من الفنانين البارزين في تلك المرحلة. وفي العام 1958 تعرَّف إلى الفنانين اللامعين: ناظم الجعفري، ونصير شورى (وآخرين)، حيث كان لهما الأثر الكبير في رسم ملامح تجربته الفنية منذ ذلك الحين وفيما بعد.. في العام نفسه، بعد أن أنهى تعليمه الثانوي، توجَّه إلى مصر لدراسة الفن في كلية الفنون الجميلة في القاهرة..

 

 ليبدأ مرحلة مهمة من حياته وتجربته الفنية: «في القاهرة وجدت فرصتي الذهبية، ليس فقط في الحصول على شهادة أكاديمية في الفن، بل لأنني كنت قريباً من مختلف تيارات الفن الحديث، وتمكَّنت من الاطِّلاع على تاريخ وتراث الفن العربي بمختلف مشاربه واتجاهاته».. في تلك الفترة، اختار (نبعة) المدرسة الواقعية الجديدة لتكون عنواناً عريضاً تندرج تحته أعماله ورسوماته، وذلك حتى العام 1964، حين عاد إلى دمشق، ليبدأ مرحلة جديدة في تجربته الفنية: «بعد عودتي إلى دمشق، بدأت أرسم البورتريهات والطوابع، وأصمِّم أغلفة الكتب والمجلات، وهنا ظهر جلياً تأثير الفنان ناظم الجعفري في تجربتي.

 

فالجعفري يعدُّ أول فنان سوري رسم وصمَّم الطوابع البريدية».. بعد عودته إلى سورية، بدأ إعادة تقييم تجربتة بهدوء وعمق، ولعله اكتشف أنَّ كلَّ الأسس والمفاهيم التي بنى عليها هذه التجربة كانت غريبة عن البيئة الشرقية وأقرب إلى المفاهيم الغربية الوافدة، ولاتتَّصل بالبيئة المحلية أو بالتراث الفني الشرقي. وحين أقام معرضه الفردي الأول عام 1965، ظهرت في أعماله ملامح مرحلة جديدة من تجربته؛ إذ ظهر واضحاً انحيازه إلى البيئة المحلية: بطبيعتها، وأناسها البسطاء العاديين، وتراثها الشرقي، وأساطيرها.. وكانت المرأة الموضوعة الرئيسة لأعماله، حيث أعطاها بعداً إنسانياً وواقعياً: «رسمت البيئة المحلية في تلك المرحلة، ورسمتُ المرأة بكلِّ حالاتها ومدلولاتها، وكلّ ما تحمله من معانٍ ودلائل، فكانت رمزاً للحب والخير والجمال والعطاء».. لكن الفنان الباحث دوماً عن كلِّ جديد من شأنه أن يرفد تجربته ويطوِّرها، لم يركن إلى كلِّ تلك الثوابت، شأنه في ذلك شأن كبار المبدعين الباحثين عن آفاق وعوالم جديدة؛ ففي العام 1971 سافر إلى باريس لمتابعة دراسته الأكاديمية في الأكاديمية العليا للفنون الجميلة في باريس. وبعد عدة سنوات عاد ثانية إلى سورية ليبدأ مرحلة جديدة من تجربته الفنية. وفي هذه المرحلة اتَّسمت أعماله بالمزج بين الواقعية والتجريد. استمدَّ موضوعاته من البيئة الدمشقية ورسمها بطريقة لم يسبقه إليها أحد من الفنانين السابقين والمعاصرين: «تصوير البيوت والحارات الدمشقية من الداخل لتبدو عامرة بالحب والحياة والحركة ولتظهر دفء وحرارة حياة الناس».. وحتى عندما رسم المعالم الأثرية، لم يصوِّرها بمثابة معالم جامدة كما جرت العادة عند معظم مَن سبقوه وعاصروه. قام بالمزج بين التاريخ والواقع والأسطورة، واستخدم الزخرفة العربية والإسلامية وتقنيات الخط العربي بأسلوب جديد ومختلف عمن سبقوه.

 

نذير نبعة، الفنان العائد مؤخراً من رحلة من الخارج، بهدف العلاج، تجربة فنية سورية استثنائية لاتزال تعد بالكثير الكثير.     

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.