تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الياس زحلاوي...الكاهن الدمشقي الذي ينثر الحب أينما حلَّ

مصدر الصورة
SNS - بلدنا

 

 

محطة أخبار سورية

الأب الياس زحلاوي...كاهن دمشقيٌ، عروبيٌ بامتياز، «الشاب» الذي تجاوز الثمانين ولم تزل روحه طفلة وعقله بستاناً عامراً بالسكينة والإيمان وحب الآخر. أول كاهن عربي تحدّثَ إلى الغرب باسم العرب و باسم قضاياهم، وعلى وجه الخصوص قضية فلسطين، التي احتلت على الدوام المكانة  الرئيسة في كل أعماله الأدبية والفكرية؛ في المسرح والترجمة وحتى عبر أعماله الفنية التي جسدتها - جوقة الفرح- منذ أكثر من ثلاثين عاماً.

     كانت ولادته في العام 1932 في حارة الصليب الثانية التي هي امتداد لشارع بغداد في دمشق، حيث أمضى سنين طفولته الأولى التي لا تزال راسخة في وعيه وملء فؤاده حين يقول مستذكراً: «كانت المنطقة محاطة ببساتين الغوطة، وكنّا مجموعة أطفالٍ نعيش مع أهلنا وأصحاب البساتين المسلمين، الذين يحيطون بالحارة، نعيش وإياهم كأننا عائلة واحدة ما نفرّقُ يومها بين طفل مسيحي ومسلم» ....ولم تكن هذه الوداعة والطيبة إلا امتداداً للإيمان والحب اللذين كانا يكللان حياة الأسرة بوجود أم متفانية في خدمة بيتها وأسرتها كما يقول الأب الياس: «في البيت تجسّدَ الإيمان والحب والتضحية الصامتة ليلاً ونهاراً، في أمي. حتى اليوم أتساءل من أين كانت تستمد القوة لتخدم جدتي وأختي الصغرى التي أُصيبت بالتهاب السحايا، إضافة إلى رعايتها شؤون والدي الذي يحمل لها الغسيل من محله الخاص بحلاقة الرجال، وفوق ذلك، تجد الوقت لتطريز بعض الأقمشة الكبيرة والصغيرة، لتشارك أبي في نفقات بيتنا المتواضع، منها تعلمتُ ذكر الرب والسيدة العذراء قبل كل عمل».

ويتابع الطفل دراسته في دمشق حتى سن الثانية عشرة، حين سافر إلى القدس للدراسة في مدرسة القديسة حنة، لينتقل بعد عام واحد إلى لبنان، ويمكث هناك حتى إنهاء الدراسة الثانوية، ليعود إلى القدس لدراسة الفلسفة وعلم الاجتماع، في الوقت الذي بدأ ينشأ ولعه بالمسرح وحبه للأدب: «في القدس تابعت دراستي الفلسفية، كنا نؤلف ونمثل ونطالع أيضاً، المسرح يعني لي شيئاً كبيراً. عندما أتيت إلى دمشق راقبت ما كان يحدث في نطاق النهضة المسرحية في بداياتها، أوائل الستينات، مع نشأة المسرح في سورية في مسرحي الحمراء والقباني»

في ذلك الحين، وتحديداً في العام 1968 وجد الأب الياس الفرصة مناسبة لكي يؤسسَ فرقة مسرحية برفقة الراحل سمير سلمون تحت اسم «هواة المسرح العشرون» التي قدمت مجموعة مسرحيات مهمة، كان منها: ليتك كنت هنا، المدينة المصلوبة، الطريق إلى كاجو، ووجبة الأباطرة...لكن ذروة نشاطه وإبداعه تجلتا في تأسيسه «جوقة الفرح» في العام 1977 في كنيسة سيدة دمشق، لتكون جوقة الفرح جامعةً لكل الأعمار ومحققةً أجمل حوارٍ بين الأديان، حيث جسدت اللقاء الإسلامي المسيحي...يقول الأب الياس في هذا الصدد: «أنا كاهن ينتمي إلى كنيسة تستدعي طقوسها وجود جوقة، إلا أن جوقات الكنائس كلها كانت تقصرُ الترنيمَ على خدمة الطقوس داخل جدران الكنيسة، من هنا انطلقتُ لإيجاد جوقة، وشئتُ لها أن تحيي الطقوس بأعلى قدرٍ من الإمكان، كما شئت لها أن تخرج من جدران الكنيسة لتصوغ لغة ترنيم جديدة يلتقي فيها كل مؤمن بالله، وتواصلت مسيرة الجوقة واتسعت بوجود فنانين كبار من أمثال وديع الصافي وزكي ناصيف.. وغيرهما»

وقد وصل تعداد أفراد جوقة الفرح إلى 600 عضو من كافة الأعمار؛ من 7 سنوات و حتى 75 سنة، وتنقسم هذه الجوقة بدورها إلى خمس جوقات، وذلك بحسب الأعمار واختلافها. ولا يكلُّ الأب الياس ولا يملُّ في إطلاق رغبته في محاورة الآخر، خاصة الغرب، لتعرية مواقفه الداعمة للصهيونية وفضح عدائه للقضايا العربية، وذلك عبر توجيهه الرسائل تلو الأخرى إلى زعماء العالم وساسته مدافعاً عن قضايا أمته وبلده سورية في ظل ما تمر فيه من أزمة، يعتبر الأب الياس أنها زائلة لامحالة بفضل حالة الوعي والتراحم والتلاحم التي تسود العلاقات داخل المجتمع السوري بكافة أطيافه وانتماءاته الاجتماعية والدينية.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.