تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

السيسي رئيس مصر القادم.. ولكن؟؟

مصدر الصورة
SNS-خاص

                                                                                                                                12 /1/2013

بدا أمس السبت أن وزير الدفاع المصري الفريق أول عبدالفتاح السيسي يسير نحو الترشح للرئاسة نزولاً عند مطالبات بخوضه الانتخابات المقبلة المتوقع إجراؤها بعد إقرار وثيقة الدستور التي سيُستفتى عليها المصريون في الأيام المقبلة.

وخلال حضوره ندوة نظمتها إدارة الشؤون المعنوية في القوات المسلحة المصرية ردّ السيسي على مطالب الحضور بإعلانه خوض الانتخابات، بأن «ما يريده الله سيكون» وقال: «المصريون لمّا يقولوا حاجة سننفّذها وأنا لا أعطي ظهري لمصر أبداً».

وقبل البدء بقراءة مؤشرات ما يقوله الوزير السيسي يجب أن نشير إلى أنّ الفترة الماضية، وبعد عزل الرئيس الإخواني السابق محمد مرسي، شهدت إدارة واضحة للسيد السيسي، للأمور في مصر أو لما يسمى المرحلة الانتقالية بالتعاون مع الرئيس المؤقت عدلي منصور، وإن من خلف الكواليس. والوزير السيسي هو ابن مصر ومؤسستها العسكرية، ويعرف مشاكلها المتشعبة ولاسيما بعد سنوات حكم الرئيسين  الأسبق حسني مبارك والسابق محمد مرسي، وعمليات الفساد وكل التركيبة المصرية. ومن هنا يريد السيسي قبل الترشح للرئاسة الحصول على "تفويض شعبي" واسع للإقدام على هذه الخطوة، بحيث يضمن النتيجة قبل حصول الانتخابات التي تتحول عندئذ إلى عملية استفتاء. والسيسي إذ يريد ذلك، فإن لديه أسباباً شخصية وعامة تجعله يسلك طريق الحذر والتوخي قبل إعلان ترشحه ـ المعلن ـ  رسمياً:

أولاً، لا يريد السيسي بعد التحولات التي جرت في مصر منذ ثلاث سنوات وحتى الآن أن يظهر وكأنه يركض لاهثاً خلف السلطة والوصول إلى كرسي الحكم، كما فعل أسلافه، بل يريد أن يقول إن الشعب هو الذي يدفعه إلى هذا المكان وهو لا يستطيع أن يرفض الإرادة الشعبية، وهو بذلك: يضمن التأييد الشعبي الواسع عند الإقدام على تنفيذ خطوات معينة ـ قد تكون جراحيةـ في المرحلة القادمة التي تتطلب جهوداً استثنائية وجبّارة للنهوض بمصر. وهذا التكليف الشعبي يمكّنه من مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية بأن ما جرى وسيجري ليس انقلاباً كما يريدُ البعض أن يسوّق ويصوّر، وليس عودةً لحكم العسكر كما يرغب البعض بالمزاودة.

وبالأمس، عندما تعالت الصيحات ووقف فنانون ومثقفون مصريون يطالبونه بالترشح للرئاسة، ردّ السيسي أنّه «لا يمكنُ أحداً أن يتكلم باسم الشعب... (إنها إذاً ) دعوة إلى ضرورة ألا يتحدث أحد باسم المصريين». ماذا يعني ذلك؟؟  يعني أنه يريدها "نعم" شعبية واضحة وصريحة وكبيرة جداً لا لبس فيها. لأن أي خطوة غير محسوبة، ستضع مصرـ والشعب المصري المنقسم بين عدة تيارات واتجاهات ويعاني من ضغوط كثيرة وأزمات متعددة ولاسيما الاقتصادية منها ـ على كف عفريت. وإذا كان الجيش المصري أحد أهم وأمنع الحصون التي تحمي مصر، فإن، أي خطوة ناقصة من شأنها أن تمس هذا الجيش ـ الحصن من خلال سلوك وخيارات وزير دفاعه، ستكون تبعاتها خطيرة على استقرار مصر وأمنها وموقعها ودورها في المنطقة والإقليم، ومصر الآن، كما سورية والعراق، باتت مستهدفة وفي عين العاصفة، وممارسات الإخوان الإرهابية خير دليل.

ثانياً، عندما ألحّ الحضور أمس، على السيد وزير الدفاع لإعلان ترشحه، قال السيسي: «... أنا بين رجالي في القوات المسلحة نعمل منذ الساعة الخامسة صباحاً... المصري الموجود في المستشفى والمصنع سيعمل من الخامسة صباحاً؟ مصر تحتاج إلى العمل في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة الحالية». لقد وضع السيسي أصبعه على مكان الألم والوجع والتحدي الأبرز الذي سيواجهه، هو، أو أي رئيس قادم لمصر ـ وإن أصبح السيسي قاب قوسين أو أدنى من الرئاسة؛ فبلد الثمانين مليوناً تعاني أوضاعاً اقتصادية صعبة وحرجة وهذا ليس جديداً. والشعب لا ينتظر ولا يرحم، وهو يظنّ أن الحاكم يحمل عصى سحرية وأنه بين ليلة وضحاها يستطيع تحقيق كل الأحلام وتأمين الرخاء والحياة الأفضل.

وفي المجال الاقتصادي سيواجه الرئيس المقبل ـ السيسي، جملة تحديات ومصاعب، منها؛ تأمين الاستقرار لعودة الحياة للدورة الطبيعية للاقتصاد المصري، وعودة الحركة للقطاع السياحي وعائداته المهمة، وعودة وزيادة الاستثمارات والتنمية والمشاريع للحدّ من البطالة والفقر المدقع في بعض المجتمع المصري. وفي هذا المجال هناك عدة عقبات على الرئيس ـ السيسي مواجهتها؛

1) المشاريع المائية التي بدأت أثيوبيا بإقامتها على نهر النيل بشكل أحادي ودون كثير اكتراث للموقف المصري وانعكاس ذلك على الزراعة المصرية.

 2) التمويل الخارجي للمشاريع والاقتصاد المصري، الذي بدأته السعودية ـ وسحبت الإمارات العربية المتحدة معها ولاحقاً الكويت ـ  لشراء الموقف السياسي المصري بمليارات الدولارات التي قدمتها البلدان الثلاثة. وهنا بالتحديد سيكون على الرئيس المصري قيادة الدفة بمنتهى الحكمة والحزم، إذ لا يجوز لبلد مثل مصر أن تخضع لابتزاز مملكة في طريقها للتفكك والزوال، أو أن تسمح "أمّة" بحجم مصر لبلد هشّ مثل السعودية النفطية، بقيادتها والتأثير في مستقبلها وعلاقاتها العربية والدولية. وهذا سلاح ذو حدين؛ فالبعد مكلف جداً والقرب أكثر كلفة وأخطر، لما له من انعكاسات على استقلال القرار المصري، وعلى استقرار المجتمع المصري من ناحيتين: الناحية الاقتصادية واحتمال أن توقف السعودية الدعم عن مصر كعادتها في الابتزاز وممارسة الضغوط، أو التأثير الثقافي والفكري الرجعي حيث بدأ مثقفو مصر وكتّابها يتلمسون خطر الوهابية التكفيرية وانتشارها في مصر، بعد انتشار الإخوان وانكشاف دورهم وغاياتهم التخريبية الإرهابية.

ولعل المشكلة الأخرى التي لا تقلّ أهمية، هي علاقات مصر الدولية بعد التلكؤ مع الولايات المتحدة والتحسن النسبي مع روسيا. وفي هذا المجال، فإن الدول الكبرى ـ وكما هو معروف ـ ليست جمعيات خيرية، وهي تريد مصالحها أولاً وأخيراً. وهذا سيتطلب جهوداً جبارة من الرئيس المصري العتيد لمبادلة هذه المصالح، بالمصالح المصرية والوقوف نداً ـ قدر المستطاع ـ لمثل هذه القوى، لتحقيق مصالح مصر والشعب المصري في إفريقيا والوطن العربي وأوروبا وبقية العالم، ولاستعادة دور مصر الريادي كما يجب أن يكون عليه. وكل ما سبق، يشرح بعضاً مما يجعل السيسي يصرّ على تفويض شعبي ووكالة شعبية للترشح لرئاسة مصر؛ إنها مسؤولية كبيرة، ربما لا يخشى السيسي تحملها ولكنه يعرف حجمها! لكن مصر العظيمة تستحق التضحية لأجلها!!

 

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.