تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

السعودية وسياسة الغاية تبرر الوسيلة!!

مصدر الصورة
SNS

                                                                                                                                       2/1/2014

لم تعد الأمور مخبأة ولا سرية ولا في خانة التكهن والتحليل، بل هي واضحة وصريحة، بل وفجّة ويعلنها السعوديون بكل وقاحة: السعودية تسعى إلى إسقاط الاعتدال في المنطقة؛ من مصر إلى لبنان وسورية والعراق. تجاوزت الأهداف الإسرائيلية وإن التقت معها من قبل. كان البعض يعتقد ان إسرائيل تستخدم السعودية لتحقيق أهدافها لتفتيت دول الطوق حولها(مصر لبنان والأردن وسوري، وحتى العراق)، ويبدو أن العكس هو ما يحصل؛ السعودية تستخدم الغطاء الإسرائيلي وبالتالي الغربي لتمزيق هذه الدول وفرض سيطرتها.

الوهابية السعودية تحاول الانتشار وتعميم فكرها المتطرف في المنطقة والعالم خدمة لآل سعود وانتشار أهدافهم ومطامعهم، لأن الاعتدال كان وما زال إلى الآن، يمنع هذا الانتشار ويعيقه. السعودية حاولت شراء الموقف المصري عبر محاولة الوقوف إلى جانب الثورة، ولكن الشعب المصري والنخب المصرية لاحظوا ذلك، وهم وإن هادنوا السعودية نظراً للحاجة المادية، لكنهم رفضوا ويرفضون "وهْبَنَة" مجتمعهم و"سَعْوَدته"، ويخشون من ذلك وتأثيره وأخطاره. وهذا ما لاحظه الكتّاب السعوديون وحذروا منه ومن اليقظة المصرية، ومن رؤية البعض في مصر "أن هناك مؤامرة وهابية ضد مصر". ولهذا اعتبر الكاتب السعودي خالد الدخيل (الحياة 29/12/2013) أن مصر مرتبكة " بين السعودية وإيران"، ومصدر الارتباك السياسي بالنسبة له هو ثقافي. ويعتبر الدخيل أن مصر الحالية "فقدت ريادتها الثقافية والسياسية في المنطقة. منذ ما قبل الثورة تبدو مصر وكأنها دخلت مرحلة جمود فكري وسياسي، وغير قادرة على تجاوزها". ماذا يعني ذلك؟ هل ستقدّم السعودية "نموذجها الثقافي والفكري" إلى المصريين، كما تحاول أن تعمم ذلك في اليمن والعراق وسورية ولبنان؟ منذ متى يستطيع السعوديون الحديث عن نماذج للثقافة وانتقاد الآخرين؟ هذه ليست عنصرية، هذه حقيقة!!

وفي لبنان، تحاول السعودية، وعبر أموالها أيضاً، ضرب "الحصن الحصين" وربما الوحيد للدولة اللبنانية (والذي بناه لبنان بمساعدة سورية، أنكر البعض ذلك أم أقرّ به، فهذه هي الحقيقة)؛ الجيش اللبناني. تحاول السعودية عبر بعض الأطراف اللبنانية و"رشوة المليارات الملكية"، متسلّحة بفرنسا، ضرب هذه المؤسسة ووحدتها وقوتها ليسهل اللعب بالمجتمع اللبناني وبنيته واستقراره، بواسطة عصاباتها النائمة هناك وبعض مؤيديها، ولاسيما تيار المستقبل وأعوانه جاهزون للقيام بمثل هذا الدور المأجور.

أما في العراق واليمن، فإن عصابات الإجرام الممولة سعودياً، تعمل عملها في القتل والتخريب ونشر الرعب وتدمير البنى التحتية ونشر الموت وعدم الاستقرار وتغذية الحالات الطائفية واللعب بالبنية المجتمعية للبلدين. وهذه الممارسات تعتمدها الوهابية السعودية منهجاً رسمياً منذ عدة سنوات لتخريب سورية أيضاً!! فالمطلوب سعودياً في سورية هو إنهاء الاعتدال والمنطق والفكر المستنير المتسامح والإخاء والعيش المشترك في بلاد الشام بالمجمل ووحدة سورية، على الخصوص، و"خربطة" النسيج المجتمعي السوري وتشويهه، والقضاء على "فكرة" وحياة التعايش الخلاّق التي عاشها ويعيشها السوريون منذ آلاف السنين، والتي أثمرت أروع الحضارات وقدّمت أغنى التجارب، لصالح الفكر الوهابي القاعدي المنغلق والمدمّر.

وهذا السلوك السعودي يبدأ في الأصل من الداخل السعودي بتدمير كلّ إرثٍ وحضارة ليس لهما علاقة بالعائلة المالكة، بدءاً من الأماكن الدينية والمقدسة؛ فكيف يمكن لبلدٍ يدّعي مَلِكَه خدمة الحرمين الشريفين أن يدمّر ويزيل كل الآثار الإسلامية التي تعود لحقبة الرسول الكريم والخلفاء الراشدين وأيام الدعوة الإسلامية الأولى، وأي منطق أو حجّة تستطيع تبرير ذلك؟! وعلى الأقل ـ إذا أبعدنا الصفة والأهمية والقدسية الدينية عنها، فهذه الأماكن جزء من التراث العالمي للإنسانية جمعاء، وليست ملكاً لعائلة آل سعود حتى تمسحها وتزيلها من الوجود. ولكن هذه هي سياسة آل سعود أيضاً في تدمير الأضرحة والجوامع وكل المقامات والرموز الدينية والفكرية في العراق وسورية ولبنان ومصر وغيرها؛ مِنْ قطعِ رأسِ تمثال الفيلسوف أبي العلاء المعري إلى تحطيمِ تمثال عميد الأدب العربي طه حسين وصولاً إلى تكسير تمثال الشاعر أبي تمام الطائي!!

يقول الكاتب السعودي يوسف الكويليت في (كلمة الرياض السعودية2/1/2014) إن "ترْكَ لبنان رأساً للهلال الشيعي الإيراني قد يغير من موازين السياسة العربية كلها". إذاً المسالة هي الحرب القذرة التي تديرها وتمولها وتسلحها السعودية تحت مسميات وشعارات مختلفة حسب الحاجة في كل مكان وإقليم؛ التدخل الإيراني، الدور الحوثي، تشيّع العراق، تدمير سورية... الدفاع عن حقوق الشعوب... الخ، سمّها ما شئت. في الحقيقة، لم تعد السعودية قادرة على إخفاء توجهاتها وأهدافها. الكويليت يختصر ويعلن، دون أن يقصد ربما، أهداف السياسة السعودية وكيفية الوصول إليها: استخدام الشعار الديني والتخويف الطائفي والمذهبي لتبرير الحرب السعودية الوهابية لتحقيق أهداف وأغراض سياسية بحتة.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.