يمكن بتأمل بسيط أن يكتشف المرء أن الرقة ليست معقلاً مسلحاً للنظام في سورية، وأن أي محلل، حتى إن لم يكن عسكرياً، يستطيع أن يدرك أن إمكانية السيطرة على هذه المدينة التي لا تحتوي أعدادا أو مقراتٍ للجيش العربي السوري، قابلة للتحقق من قبل عصابة كبيرة، ولكن ماذا عن إمكانية استمرار المسلحين بالسيطرة عليها؟
أولاً، أراد المسلحون ومن خلفهم، من خلال الهجوم على الرقة، التغطية على الفشل الكبير الذي لحق بهم في مدينة حلب والذي كانت قد أعلنت عنه القيادة العامة للجيش والقوات العربية السورية المسلحة قبل يومين. لذلك كان اختيار الرقة القريبة، لأنه يمكن بسهولة السيطرة على مدينة زراعية بسيطة لا قوات عسكرية ولا جيش نظاميي فيها، وغير مستعدة لهذه العمليات.
ثانياً، التحضير والدعم الميداني لزيارة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى الرياض والسعودية، لدفعه على زيادة تسليح المسلحين وبعتاد متطور أكثر وكميات أكبر، وهذا ليس جديداً في طريقة عمل أعداء سورية. وهذا ما تحقق في جانب منه عندما تراجعت لهجة كيري في قطر لصالح التسليح، مع أن الولايات المتحدة تسلّح هؤلاء منذ زمن بعيد ـ باعترافهم هم ـ وإن يكن بشكل غير مباشر.
ثالثاً، إعطاء صورة للخارج أن المدينة الذي زارها الرئيس بشار الأسد قبل فترة وصلّى فيها ورحّبت به، قد غيرّت موقفها وانضمت إلى المعارضة. ولذلك كانت الإساءة إلى رموز الدولة في المدينة.
رابعاً، إلحاق المزيد من القتل والتدمير بالمدن السورية جميعاً، وإلا كيف يمكن تفسير سرقة متحف الرقة، أي وطنية يملك هؤلاء المسلحين!؟ ولماذا سرقة المتحف؟
لكن المسلحين لن يتمكنوا من البقاء في الرقة، ولن يصمدوا، وقوات الجيش العربي السوري ستهزمهم كما فعلت من قبل، وهي بدأت عمليتها لتحقيق ذلك.
لقد سجلوا موقفاً وحققوا ضجة إعلامية في اليومين الماضيين، ولكنهم لن يغيّروا في نتيجة المعركة ولن يوقفوا الخسائر التي يتعرضون لها، والتي بدأت تفقدهم توازنهم وتجعلهم يلجأون لمثل هذه الانتصارات الوهمية والخلبية، والإعلامية. والأيام القادمة ستكشف الحقيقة!!
بديع عفيف
