تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

كلام اسرائيلي جميل ومعسول وخادع والفعل على أرض الواقع جداً خطير وقبيح

 

يمتاز قادة اسرائيل بفن الخداع والمماطلة والتسويف، ويظهرون وكأنهم دعاة سلام وامن واستقرار، وأن العالم العربي هو من يعتدي على دولتهم، ويشكل خطراً أمنياً كبيراً عليها. ويمتازون بقطع الوعود والتعهدات وتوقيع الاتفاقيات، ولكنهم سرعان ما ينكثون بتعهداتهم، ويتراجعون عن الاتفاقيات الموقعة.. وهناك أمثلة كثيرة تؤكد لا بل تبرهن على ذلك.

 

فالرئيس الاميركي السابق جورج بوش الابن وصف رئيس وزراء اسرائيل ارئيل شارون عام 2004 بأنه "رجل سلام"، ومنحه رسالة ضمانات أميركية في شهر نيسان من العام نفسه. لقد تعهد نتنياهو، رئيس وزراء اسرائيل الحالي بتحقيق السلام مع الفلسطينيين، وها هو يماطل ويسوف ويخدع، ويتعامل مع الفلسطينيين وكأنهم من كوكب آخر. ومؤخراً أعلن عن تعهده باجراء مفاوضات مع الفلسطينيين خلال الشهور القليلة القادمة وبعد تشكيل حكومته الجديدة. وجاء هذا الاعلان بعد التوقيع على اتفاق مع تسيبي ليفني، رئيسة حزب الحركة، يتم من خلاله انضمام هذا الحزب الى الائتلاف الحكومي الجديد، وستتولى ليفني رئاسة الطاقم الاسرائيلي المفاوض مع الجانب الفلسطيني.

 

وجاء أيضاً قبل زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما من أجل "وضع العصا أمام الرأي" والادعاء بأنه ضم حزباً وسطياً الى ائتلافه الحكومي، وانه جاد في اجراء مفاوضات مع الجانب الفلسطيني، ولكن الفلسطينيين هم الذين لا يريدون العودة الى طاولة المفاوضات بوضع شروط تعجيزية لا تستطيع الحكومة الحالية والسابقة ولا القادمة من تلبيتها، واهم هذه الشروط هو تجميد الاستيطان. وسيقول للرئيس اوباما لماذا يرفض الفلسطينيون التفاوض مع طاقم تترأسه ليفني الآن في حين أنهم كانوا يجرون مفاوضات معها خلال السنوات الماضية، وفي عهد رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود اولمرت.

 

سَيَّدعي نتنياهو أنه جاد في اجراء المفاوضات، وجاد في اقامة دولة فلسطينية، ولكن بعد التوصل الى اتفاق حل نهائي حسب متطلبات دولة اسرائيل الأمنية، هذه المتطلبات التي لن تعطي شعبنا الفلسطيني سوى ادارة مدنية تحت السيادة الاسرائيلية.. وسيطلب من الرئيس اوباما ممارسة الضغط على الجانب الفلسطيني كي يعود الى طاولة المفاوضات من دون أي تأخير أو مماطلة ومن دون شروط مسبقة.. واوباما سيصغي الى نتنياهو جيداً، وسيتبنى مواقفه ومطالبه لأنه لا يستطيع في ظل الظروف الموجودة على الساحة الاميركية، ونفوذ اللوبي الصهيوني اليهودي الاميركي الواسع والمؤثر جدا أن يخالف ذلك، أو حتى لا يستطيع مناقشته، لأن أمن اسرائيل هو من أمن الولايات المتحدة، وهذه مقولة يكررها كل رؤساء اميركا منذ عقود، وسيواصلون ترديدها مستقبلاً الى أن تتغير المعطيات على الساحة الداخلية الاميركية، هذا إذا تغيّرت!

 

انطلاقاً مما ذكر سابقاً فإن العالم كله مخدوع بما يقوله القادة الاسرائيليون، ويصدقون كلامهم الجميل، والمعسول جداً، ولذلك نرى أن هناك تقاعساً كبيراً تجاه حل القضية الفلسطينية، وتقاعساً في انهاء احتلال بغيض ومتواصل في القرن الحادي والعشرين، رغم أن هذا العالم يرفع شعارات الحرية وحقوق الانسان لكل الشعوب، طبعاً سوى شعبنا الفلسطيني، لأنه لربما من شعوب كوكب آخر، أو من قرون مضت!؟

 

وهدف اسرائيل الواضح حالياً هو العودة الى طاولة المفاوضات من أجل اجراء المفاوضات، ومساعي نتنياهو والحكومة الاسرائيلية الجديدة هو ادارة "الازمة" وليس حلها. ولأن الحكومة الجديدة التي تضم تحالفاً يمينياً متطرفاً سواء أكان علمانياً أم متديناً، لن تستطيع اتخاذ قرار واحد لصالح "السلام"، لأنهم هم في غالبية أعضائها ضد السلام، وكل الأحزاب اليمينية تقول وبكل وقاحة أن أراضي الضفة هي أراض يهودية، ويمكن فقط تحسين مناحي الحياة اليومية للفلسطينيين، كما ان بعضهم تمادى وتطاول بالادعاء أن على الفلسطينيين الرحيل إلى الأردن لأنه وطنهم البديل، أي أن قادة اسرائيل لا يحترمون اتفاقيات موقعة مع المملكة الاردنية الهاشمية، ولا يحترمون اتفاقياتهم مع منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة اتفاقيات اوسلو، وحتى انهم تهربوا من الالتزام بصيغة مؤتمر مدريد رغم أنها من اعداد اميركي صرف، كما انهم تهربوا من تطبيق ما يسمى بـ خارطة الطريق.

 

الكلام جميل جداً حول اجراء مفاوضات، وحول وجود نوايا سليمة تجاه شعبنا الفلسطيني، ولكن على ارض الواقع، فإن الممارسات والاجراءات جداً قبيحة وخبيثة وخطيرة سواء في القدس العربية المحتلة أو في الضفة الغربية ومن المتوقع أن تتواصل وتستمر هذه الاجراءات القمعية اللاإنسانية التعسفية ضد شعبنا، وستتواصل سياسة الاستيطان والتوسع ومصادرة الاراضي وهدم المنازل وفرض أمر واقع على الارض الفلسطينية.

 

على الجانب الفلسطيني أن يكون واعياً بأن المفاوضات ان وافق على استئنافها عبر المشاركة فيها ستكون لسنوات، وستبدأ هذه المفاوضات مع نتنياهو من نقطة الصفر، وليس من النقطة التي تم التوصل اليها في جولات المفاوضات السابقة مع ايهود اولمرت أو ما قبله، لان نتنياهو لا يعترف ولا يحترم المفاوضات السابقة، وسيقول نحن "أبناء اليوم وليس الأمس"، أي اطالة أمد المفاوضات.

 

قد يسأل أحدهم: وما العمل، وهل يحق لنا رفض التفاوض برعاية اميركية، وهل نعادي العالم كله وخاصة الولايات المتحدة.

 

ويمكن الاجابة على مثل هذه التساؤلات بالقول أن على الجانب الفلسطيني أن يدرس الوضع جيداً قبل السير خطوة واحدة الى الامام، وعليه أن يتحرك دولياً واقليمياً، وان يتمسك بمواقفه، وان تكون لديه البراعة والحكمة في مواجهة فن الخداع الاسرائيلي.

 

لست متشائماً ولست متفائلاً أيضاً، ولكني أملك أملاً كبيراً في أن صمود شعبنا، وتمسكه بمواقفه، وصبره وعدم التنازل عن أي من حقوقه الثابتة، هي عوامل لصالحه، مهما طال الزمن، لان هذا الزمن ليس لصالح اسرائيل لان الخيارات أمامها تضيق، وبعد انهيار وانتهاء حل الدولتين لم يبق سوى حل الدولة الواحدة ثنائية القومية. فالمماطلة والتسويف والاجراءات الاسرائيلية القبيحة على ارض الواقع لن تخدم اسرائيل، بل ستقودها الى وضع لا تحسد عليه!

                                                                      رئيس التحريرالبيادر السياسي المقدسية: جاك خزمو

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.