تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مخطط رهيب وجميع المسلمين مستهدفون

 

مخطط رهيب وجميع المسلمين مستهدفون

 

 

 

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وغياب العدو الشيوعي عن ساحة المواجهة الباردة مع الغرب، بدأت الإدارة الاميركية في البحث عن عدو جديد تستثمره وتستغله لتنفيذ مؤامراتها ومخططاتها، ولإبقاء التجارة بالسلاح قائمة، لأنها تجارة مربحة جداً جداً.

فكرت أميركا بجعل "الإسلام" عدواً لها، وملاحقته، ولكنها وجدت أن مثل هذا الأمر لا ينطلي على أحد، وسيُدخل العالم متاهة خلافات دينية، وحروب شرسة لا يمكن السيطرة عليها، كما أن الدين المسيحي لا يسمح للقادة الاميركان بذلك إذ أن الديانة المسيحية قائمة على جوهر الايمان والمحبة والتسامح، ويمنع ضرب الأخ أو العدو.. ومن هنا تم تعديل ذلك، لمحاربة قوى ارهابية ولو كانت إسلامية الإسم، وبعد أحداث 11 أيلول 2001 ظهر تنظيم "القاعدة" الذي كان يعمل في أفغانستان، وكان يزود بالعتاد والمال من اميركا ذاتها. وتحت حجة مكافحة الارهاب تم احتلال أفغانستان، وبحجة امتلاك أسلحة دمار شامل، تم احتلال العراق، وحاولت الادارة الاميركية تفتيت العالم العربي تحت شعار شرق أوسط جديد، لكن هذه الجهود باءت الفشل الذريع عندما فشلت الحرب الاسرائيلية على لبنان في تموز 2006 في تحقيق أهدافها.

حاولت أميركا عبر احتلالها للعراق إذكاء واشعال نار الفتنة الدينية والمذهبية والطائفية إذ قامت بعد ساعات من احتلال هذا القطر العربي المهم بحل حزب "البعث" الذي يرفع شعارات وطنية وقومية، وتذوب فيه الهوية الدينية، إذ أن الجميع متساوون في كل شيء.

أي أن الجهود انصبت على خلق فتنة دينية أو حرب طائفية. وها هي مستمرة في مخططاتها من أجل خلق حرب بين الشيعة والسنة، ومقتل أو اغتيال رفيق الحريري في بيروت يأتي ضمن هذا الهدف لـ "تلبيس" تهمة الاغتيال لعناصر من حزب الله أو من أبناء الشيعة في لبنان. وتقوم اميركا بتحريض دول الخليج العربي على معاداة ايران، وتسليح هذه الدول على حساب نفط ودخل هذه الدول، أي على حساب الشعب الخليجي، وبث الرعب من ايران وكأنها العدو الرئيسي، حتى تنسى هذه الدول أن العدو الرئيسي التاريخي هو اسرائيل، وحتى تنسى أن القضية الفلسطينية كانت القضية العربية الأولى.

هناك وعي كبير في لبنان منع الانزلاق في حرب طائفية ومذهبية، والشعب العراقي كان وما زال واعياً، ورغم توظيف تنظيم القاعدة لفعل ما فعل وارتكب من جرائم بحق المساجد والكنائس وكل المدنيين، فإن العراق رفض التقسيم، ورفض الفتنة الطائفية!

لم تستسلم الادارة الاميركية بعد، فهي ماضية في مخطط أحداث فتنة بين المسلمين، بين السنة والشيعة، فها هي تصادر الحراك الشعبي في المغرب العربي ومصر ليتبوأ "الاسلام" السياسي، أي الاخوان المسلمين لمقاليد الحكم، وتقوم قطر بدعم الاخوان المسلمين، وتدعمها تركيا التي يحكمها حزب العدالة والتنمية، وهو بالفعل حزب الاخوان المسلمين التركي، لكن تحت يافطة اسم اجتماعي لأن القانون التركي يمنع تشكيل احزاب بأسماء دينية. وتحوّلت تركيا فجأة من صديق وشبه حليف لسورية الى عدو لدود، وبدأت تركيا تقود العالم السني بالتعاون مع قطر لمواجهة مستقبلية محتملة بين الدول ذات الأنظمة الاسلامية "السنية"، وأنظمة ذات طابع شيعي مثل ايران والعراق وحزب الله، أي إدخال الوطن العربي في متاهة حروب داخلية، والمستفيد الأول هو اسرائيل لأن العالم العربي يتفتت ويضعف أكثر وأكثر، وتتم إقامة دويلات دينية أو كانتونات هنا وهناك.

والمخطط الرهيب الذي تعدّه قوى الغرب المعادية هو إذا فشلت المساعي والمخططات لاندلاع حرب بين السنة والشيعة، فإن المساعي ستتحول إلى ايقاع حرب بين أبناء السنة أنفسهم بين "سلفيين" أو متشددين أو "متطرفين" أو "وهابيين" (مهما كانت تسمياتهم)، وبين المسلمين المعتدلين الليبراليين مثل الاخوان المسلمين، أي أن الادارة الأميركية برئاسة اوباما تدعم تسلم الإخوان المسلمين لأنظمة الحكم في العديد من الدول العربية وخاصة في مصر بعد تونس وليبيا، حتى يؤدوا هذه المهمة مستقبلاً، مهمة المواجهة الاسلامية الاسلامية.

ما نقوله قد لا يتقبله كثيرون، وقد يقولون أنه "وهم"، ولكن في الواقع ليس وهماً إذ أن "أميركا" تفعل ما تريد، ومن دون أي خجل، وبكل وقاحة من أجل تحقيق أهدافها والحفاظ على نفوذها في المنطقة، فهي التي دمّرت العراق، وهي أحد أسباب سيطرة الشيعة على نظام الحكم هناك، وفي الوقت نفسه "تحارب" العراق الآن لأنه رفض تمديد فترة احتلالها له، ورفض إبقاء جندي أميركي واحد على أرضه.

من هنا نقول ونشدد ونصر ونؤكد أن جميع المسلمين في منطقة الشرق الأوسط هم مستهدفون، وتعمل اميركا على تجزئتهم وتقسيمهم كما تعمل على إضعاف الوطن العربي بمحاولة تجزئة وتقسيم دوله الحالية إلى المزيد من الدويلات الضعيفة الهزيلة؟ تحاول أن تضرب منظمة أو رابطة العالم الاسلامي إذ صادرت تأثيراتها ووجودها على الساحة الدولية من خلال تمزيقها وإدخال أعضائها في خلافات مع بعضها البعض، كما صادرت الجامعة العربية وأنهت دورها العروبي لتتحول إلى منظمة إقليمية مدعومة أو تابعة للسياسة الأميركية.

المحاولة لضرب أبناء السنة مستمرة وقائمة، ولذلك فإن ما نشهده من خلافات على الساحة المصرية بين السلفيين والإخوان المسلمين هو جزء من هذا المخطط، ناهيك عن تنظيم القاعدة الذي يساهم إلى حد كبير في إنجاح هذا المخطط سواء عن قصد أو غير قصد.

لا بدّ من محاربة ومواجهة محاولات إدخالنا في متاهة الصراعات الدينية والطائفية والمذهبية، لا بدّ من المزيد من الوعي لافشال المخطط الرهيب للإيقاع بين أبناء الدين الواحد، ولا بدّ من أن نوحد الصفوف، وأن نعمل على إسقاط هذه المؤامرة، وحتماً ستسقط، لأن شعوبنا كلها واعية، ولأننا جميعاً نمتلك إيماناً حقيقياً، ونرفض رفضاً تاماً استخدام الدين لأهداف سياسية أو تجارية!

جاك خزمو

 رئيس تحريرمجلة البيادر السياسي المقدسية  

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.