تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

3.5 مليــون مسيحــي فــي الخليـــج لا تحـــق لهــم دور عبــادة؟!!

 

د. ندى الحايك خزمو

"الكويت جزء من الجزيرة، والجزيرة العربية يجب ان تهدم كل ما فيها من الكنائس، لان هذه الكنائس اقرارها اقرار لدين غير الاسلام، والنبي صلى الله عليه وسلم امرنا وقال (لا يجتمع في جزيرة العرب دينان). فبناؤها في الاصل لا يصح لأن هذه الجزيرة يجب ان تخلو من هذا كله".

فتوى أفتاها رئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ومفتي عام المملكة العربية السعودية عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، الذي يمثل المرجعية الأكبر في السعودية، الذي قال بوجوب هدم جميع الكنائس في شبه الجزيرة العربية، والتي اعتبرها تخضع لدين الإسلام فقط، ووجود الكنائس في بعض الدول منها هو اعتراف بصحة هذه الأديان. وقد جاءت هذه الفتوى بعد أن وجهت له "جمعية احياء التراث الاسلامي" الكويتية سؤالا حول "صحة الدعوات في ميزان الشريعة التي اطلقها اعضاء في البرلمان الكويتي الى منع او هدم الكنائس".

هذه الفتوى جوبهت باستنكارات وتنديدات كثيرة، ليس فقط من قبل المسيحيين، وانما أيضاً من قبل بعض الأخوة المسلمين الذين ساءهم اصدار مثل هذه الفتوى التي ستصب الزيت على نار الفتنة الدينية، وستؤدي الى حرب طائفية بين المسيحيين والمسلمين، وكان للكاتب السعودي تركي الحمد تساؤل في معرض تعليقه على هذه الفتوى التي جاءت على صفحته في تويتر: "ماذا لو عاملونا بالمثل فهدموا مساجدنا في أميركا وأوروبا؟ هل نلومهم؟  كم نحن بحاجة إلى خطاب ديني وسياسي جديد في هذا البلد. خطاب ديني يحترم عقائد الآخرين ويتعايش معها، وخطاب سياسي يستوعب متغيرات المجتمع." بالفعل هل ينتظر أصحاب مثل هذه الفتوى أن يصمت المسيحيون والغرب عليها، بخاصة وان هناك ملايين من المسلمين المهاجرين يعيشون في دول الغرب ولهم مساجد ومدارس اسلامية وجوامع الخ... بها وفي كل منطقة من مناطق تواجدهم.. ورغم ان معظم تلك الدول مسيحية (مع تحفظنا على بعضها نتيجة مواقفها السياسية تجاه الفلسطينيين) فانها استقبلت المسلمين وسمحت لهم ببناء مدارس ومساجد وممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية في الوقت الذي تمنع فيه المملكة العربية السعودية اقامة أية كنيسة للمسيحيين المتواجدين فيها، ضاربة عرض الحائط بمشاعر العاملين المسيحيين الاجانب الذين يحرمون من حقهم في ممارسة شعائرهم الدينية بسبب التعنت السعودي بهذا الشأن، ولأنهم، أي العاملين، أجبروا على التواجد في تلك الدول لحاجتهم للعمل والوظيفة . وان كانت هذه الآية (لا يجتمع في جزيرة العرب دينان) تقصد فعلاً ما جاء في الفتوى ، فلماذا استوردوا العمالة الأجنبية الى السعودية بصفة خاصة ودول الخليج الاخرى بصفة عامة؟! وما داموا يسعون الى جلب هذه العمالة الأجنبية وارتضوا أن تقوم (الخادمات والمربيات الأجنبيات) بتربية أبنائهم والاعتناء بهم فبأي حق يحرم هؤلاء من حقهم بممارسة شعائرهم الدينية ؟!!،  ويا ليت الأمر بقي عند هذا الحد، فمن يحمي السعودية وبعض دول الخليج سوى القوات الأميركية والغربية وقواعدها التي انتشرت في تلك الدول.

والغريب في الأمر أنه لم يصدر حتى كتابة هذا الموضوع أي تعقيب من قبل الحكومة السعودية على هذه الفتوى، وهذا الصمت دليل على موافقتهم عليها، فإلى هذا الحد من التعصب الديني وصل الأمر بالسعودية وبملكها وبحكومتها . ألا يكفيهم الحرمان الذي يعيشه المسيحيون في السعودية، فيريدون أيضاً تطبيق ما يحدث لديهم على دول الخليج بأكملها. والأغرب اننا قد سمعنا أن العاهل السعودي يعتزم افتتاح مركز للحوار بين الأديان، فما هذا التناقض؟! وأين الحوار الذي يريده العاهل السعودي وهو يحرم المسيحيين من حقهم في العبادة، بل ويصمت على مثل هذه الفتوى التي لن تؤدي الا الى الفتن الطائفية والتعصب الديني الأعمى الذي سيؤدي الى كوارث على البشرية في حال اندلعت الحرب الطائفية، ولن يكون تأثيرها على السعودية ودول الخليج فحسب، بل على العالم بأجمعه، وقد بدأت هذه الفتن فعلاً حيث جرت محاولات للاعتداء على كنائس في مصر بعد الفتوى، فالى أين يريد المفتي الوصول بفتواه هذه؟!! ألم يدرك عواقبها قبل ان ينطق بها؟! ألم يفكر الى ماذا ستؤول اليه الأمور ؟! ألهذا الحد وصلت به الكراهية للمسيحيين؟! لو أن الأمر جاء من شخص عادي، لقلنا أنه لا يدرك معنى التعاليم الاسلامية السمحة، ولكن أن تصدر مثل هذه الفتوى عن شخص يفترض فيه أن يكون ملماً بشكل كامل، ومدركاً لكل معاني الآيات القرآنية التي جاءت عن الرسول الكريم من احترام لأهل الكتاب وأماكنهم المقدسة  فهذا ما نستغربه ونستهجنه.. وقد جاء في القرآن الكريم {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً}(سورة الحج: [الآية: 40].).

"وإن ما حدث في مسجد الرسول الكريم عندما سمح لوفد لمسيحيي نجران وكان عددهم قرابة الستين شخصاً بأن نزلوا في مسجده فترة ضيافة كاملة لعدة أيام؛ طعاماً وشراباً ونوماً وصلاة مسيحية -هذه الصورة- قد تكررت في كنيسة القديس يوحنا الكبرى في دمشق، التي أصبحت فيما بعد الجامع الأموي الكبير، فقد رضي المسيحيون حين الفتح أن يأخذ المسلمون نصفها، ورضي المسلمون أن يصلوا فيها صلاتهم، فكنت ترى في وقت واحد أبناء الديانتين الإسلامية والمسيحية يصلون متجاورين ، هؤلاء يتوجهون إلى القبلة ، وأولئك يتوجهون إلى الشرق". (من محاضرة لسماحة الشيخ أحمد كفتارو بتصرف).

هذه هي تعاليم الرسول الكريم وهذا هو التسامح المسيحي الاسلامي.. فأين مفتي السعودية وأمثاله من هذه التعاليم السمحة بفتاويهم هذه ؟!!

ان هناك من يتربصون بمثل هذه الفتاوى أمثال المسيحيين المتصهينين- الذين لا يمتون للمسيحية بصلة، بل هم صهاينة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى-  لأخذها حجة وذريعة لمحاربة العرب، المسيحيين قبل المسلمين، لأن هدفهم ليس دينياً وانما سياسياً بحت،  ولتحقيق أطماعهم في بلادنا العربية،  لذلك لماذا تُسهّل الأمور عليهم لخلق فتنة ستؤدي الى ضعف عربي فوق ضعفه، ونعطيهم الحجج والذرائع لتنفيذ مآربهم في وطننا العربي .

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.