تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

سورية مستعدة لكل التطورات القادمة..

لما يُسمى "مؤتمر أصدقاء سورية"، وكثيرون يدعونه "بمؤتمر" أعداء سورية، أما الواقع فهو أنه "مؤتمر أصدقاء أعداء سورية" إذ جمع المؤتمر كل الذين يتآمرون على سورية، بمشاركة قطر وتركيا والولايات المتحدة وفرنسا والمانيا والعديد من الدول العربية المرتمية بأحضان السياسة الاميركية، وقيل أن 83 دولة شاركت فيه، علماً أن المشاركة لهذه الدول كانت عبر منظمات، وليس عبر حكومات.

المهم أن هذا المؤتمر الثاني عقد في يوم كذبة نيسان، أي انه كذبة كبيرة، وليس بالشيء المهم والكبير بالنسبة لسورية، ولكل شرفاء العالم.

المؤتمر عقد برعاية تركية، وبتمويل قطري/ سعودي مشترك، وبدعم ومباركة المجتمع الدولي "المزيف" بقيادة اميركا.

لماذا عقد المؤتمر، وماذا حقق ولماذا فشل، وماذا كشف؟ هذه الاسئلة يطرحها كثيرون، وهذا التحليل الهادىء يحاول الاجابة عليها بصدق وموضوعية واتزان.

 

لماذا عقد في هذه الفترة

المؤتمر الأول عقد قبل عدة أشهر في تونس، وفشل في توحيد "المعارضة" السورية الخارجية التابعة للغرب أو الخارج، بل ان المؤتمر ادى الى اعلان عدد من المشاركين فيه الانسحاب من المجلس الاسطانبولي، وكان المؤتمر دعائياً، ودعماً اعلامياً اضافياً لما تقوم به وسائل الاعلام المضللة المشاركة في المؤامرة على سورية.

ويعقد المؤتمر الثاني بعد أن مُني المجلس الاسطانبولي بالمزيد من الفشل على أرض الواقع في سورية، وأخذ يثبت يوما بعد يوم انه دمية بيد الغرب، وليس له أي وجود فعلي شعبي على أرض الواقع، وعلى الساحة الداخلية، بل ان مراهنته على مسلحين ارهابيين وتسميتهم بأنهم يشكلون ما يسمى بالجيش الحر فشلت إذ تم تحرير منطقة بابا عمرو في حمص، وتم القضاء على عدد كبير من هؤلاء المسلحين، اضافة الى استسلام أعداد كبيرة منهم. ونجحت السلطات السورية المعنية بمصادرة كميات عديدة من السلاح.

وجاء عقد هذا المؤتمر الثاني أيضاً بعد أن أعلن وزيرا خارجية قطر والسعودية رغبتهما وتأييدهما لتسليح المعارضة. واكدت صحيفة الغارديان البريطانية في عددها الصادر يوم الجمعة الموافق 6 نيسان 2012 ان السعودية وقطر تدعمان المسلحين فعلياً وبصورة سرية بالسلاح والمال لأنهما لا يريدان حلاً للأزمة السورية، ولسبب واحد وهو الانتقام الشخصي من الرئيس بشار الأسد الذي كشف عوراتهم ومواقفهم المخزية، ورفض السير في ركبهم، وأصر على موقف سورية المشرّف المعادي والممانع لسياسة الهيمنة الاميركية على المنطقة، ولانه أصبح زعيماً عربياً قومياً تكن له الجماهير كل الدعم والتأييد، ويحظى بشعبية كبيرة، ولذلك فقادة هذه الدول المتآمرة يودون الانتقام من سورية قيادة وشعباً بصورة شخصية إضافة إلى أنهم ينفذون أوامر ومخططات أسيادهم في واشنطن.

وعقد المؤتمر جاء  نكاية ومناكفة للتوافق الدولي على ارسال مبعوث دولي الى سورية، وهو الامين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان لايجاد حل سياسي للازمة، ووقف اعمال العنف التي يرتكبها المسلحون الارهابيون.

من هنا، ومن كل ما ذكر سابقاً يمكن القول أن عقد المؤتمر جاء لافشال مهمة عنان، ولرفع معنويات المسلحين في سورية والتي أخذت في الانهيار، وللاعلان بكل وقاحة عن تخصيص اموال، أي مكافأة، للمعارضين من مجلس اسطانبول الى المسلحين الذين يعملون تحت راية ما يسمى بـ الجيش السوري الحر! ودعماً للمجلس الوطني الاسطانبولي الذي بدأت الخلافات الداخلية بين أعضائه تقضُ مضاجعه.

 

فشل المؤتمر في تحقيق أي انجاز

فشل هذا المؤتمر في تحقيق أي انجاز، ولاسباب عديدة:

1.     لم تشارك روسيا والصين والعديد من دول العالم في هذا المؤتمر، حتى ان الامين العام للأمم المتحدة استنكف عن الحضور لانه لا يستطيع ان يعارض أو يلغي دور مبعوث الأمم المتحدة لسورية.

2.     لم تشارك قوى المعارضة السورية جميعاً في هذا المؤتمر، وخاصة المعارضة الوطنية في الداخل، أي المتواجدة على الساحة السورية، إذ أنها ضد كل من يتعامل مع الغرب ضد الوطن الام سورية كما ان العديد من قوى المعارضة في الخارج رفضت المشاركة في المؤتمر ايضاً لأنها تعرف مسبقاً أنه فاشل.

3.     المجلس "الاسطانبولي" بقيادة برهان غليون والذي تم تشكيله برعاية تركية قبل عدة شهور يفقد مصداقيته مع أنه لم يتمتع بأية مصداقية منذ تأسيسه، وهناك خلاف قوى داخلي، ولم يلتزم غليون وكثيرون بما اتفق عليه عند تأسيسه، وهو أن تكون رئاسة المجلس دورية، وها هو غليون يصبح رئيساً دائماً!

4.     فشلت جهود قطر وتركيا واميركا والسعودية في لم شمل هذا المجلس الاسطانبولي عندما عقد مؤتمر خاص بـ "المعارضة" في الدوحة، وأدى المؤتمر الى مزيد من الانشقاق داخلها.

5.     أعلن غليون عن تشكيل مجلس عسكري تابع للمجلس الوطني، ولكن قائد ما يسمى بالجيش السوري الحر رياض الأسعد أكد أن جيشه أو أتباعه خارج اطار هذا المجلس.

6.     المجلس في بداية تشكيله كان يعلن معارضته لتدخل الخارج في الشأن السوري، واليوم يؤيد التسليح، ويؤيد التدخل العسكري ولذلك فهو يناقض نفسه في مواقفه.

 

تحد لكوفي عنان

هذا المؤتمر جاء ليعبّر عن عدم رضى تركيا وقطر والسعودية عن التوافق الدولي لارسال عنان كمبعوث للأمم المتحدة الى سورية لمحاولة ايجاد حل سياسي، لان قادة هذه الدول يريدون تدمير سورية، ولا يريدون ايجاد حل لازمتها المفتعلة المدعومة من الخارج. ومشاركة هذه الدول في المؤتمر هي محاولة لارسال رسالة عدم الرضى عن مهمة عنان.

والغريب العجيب ان هذا المؤتمر يلقى دعماً وتأييداً من رئيس المجلس الوطني الليبي مصطفى عبد الجليل أو "عبد الناتو" وعدد من الذين وضعوا يدهم في أيادي أعداء أوطانهم وشعوبهم.

وجاء هذا المؤتمر كتحد لمهمة كوفي عنان. ويجب التذكير بأن العديد من التصريحات أطلقت مؤخراً من قبل مسؤولين اوروبيين ومعارضين لمهمة عنان تتوقع فشل عنان قبل أن يبدأ بمهمته، لأنهم لا يريدون نجاح عنان، ويريدون ابقاء سورية تعاني من الارهاب الذي أصبح مكشوفاً للجميع.

 

دعم للارهاب

من يتابع تقارير غربية وتصريحات لمسؤولين أمنيين اميركيين واوروبيين يجد أن هناك اعترافاً بوجود ارهابيين يعملون على الساحة السورية، وقد تسلل عدد كبير منهم من دول الجوار لسورية وخاصة من لبنان وتركيا والعراق. وهناك تقارير تؤكد ان تنظيم القاعدة يعمل ضد سورية، وهو الذي اقترف جرائم التفجيرات في كل من المدن السورية والتي أودت بحياة المئات من أبناء الشعب السوري المدنيين والعسكريين.

أي أن العالم يعرف أن سورية تتعرض لموجة عالية من الارهاب، ورغم ذلك تدعو دول خليجية (قطر والسعودية) الى تسليح الارهابيين، أي الى دعم الارهاب، وهذا بحد ذاته مخالف للقانون الدولي.

الإدارة الاميركية تعلن انها ضد تنظيم القاعدة وتدعم اليمن في التصدي له، ولكنها في سورية تتغاضى عن دعم ارهابيي هذا التنظيم، وتسكت عن تصريحات سعود الفيصل وحمد بن جاسم المؤيدة والداعمة للارهاب. وقد عانت سورية من الضغوطات الاميركية الممارسة عليها لأنها تدعم قوى المقاومة المشروعة، ووصفتها اميركا بأنها تدعم "الارهاب" مع انها تدعم مقاومة مشروعة تقرها المواثيق والشرائع الدولية والانسانية، أما من يدعم الارهاب علناً مثل قطر والسعودية فان الولايات المتحدة تسكت عن ذلك لانهما تابعتان لها.. وتنفذان سياستها وهي دعم "الارهاب" مهما يكون شكله لتحقيق اهداف السياسة الاميركية في المنطقة؟

 

دعم مالي واضح

في بداية الازمة في سورية، المعارضون المرتمون بأحضان أعداء سورية نفوا تلقيهم مساعدات مالية، وادعوا أنهم يعملون من تلقاء أنفسهم، وبدافع الغيرة والحرص على الوطن.. ولكن الأيام تكشف عن الاموال الضخمة التي تضخ للمعارضة المسلحة الارهابية، ولم يتردد أمير قطر في القول والتصريح الوقح بأنه مستعد لدفع مبلغ وقدره مائة مليار دولار لاسقاط الرئيس الأسد.

نفى غليون أنه تلقى دعماً أو رشوة قطرية، ولكن في هذا المؤتمر الثاني لاصدقاء أعداء سورية الاسطانبولي أعلن أن مخصصات شهرية ستصرف للجيش "السوري" الحر، أي أنه سيكافىء المسلحين الارهابيين، وسيزودهم بالمال والعتاد وبصورة مكشوفة، بعد ان منوا بخسائر كبيرة، وانهارت معنوياتهم.

وتساؤل يطرحه كثيرون: من يمول المجلس الاسطانبولي، ومن يوفر للارهابيين السلاح؟ الاجابة واضحة ومعروفة للجميع، وتكشف عن ان هناك دعماً وقحاً للارهابيين ولا يخجل هؤلاء أعداء سورية من البوح بذلك، والعالم الذي يدعي بأنه ضد الارهاب، لا يفعل شيئاً، بل يتغاضى عن هؤلاء الوقحين المساندين والداعمين للارهاب من أجل اسقاط سورية، مع أنهم يدركون انهم فاشلون، ولن تتحقق أهدافهم لان سورية قوية بفضل وحدتها الوطنية ووعي شعبها الكبير.

 

المزيد من الانشقاق داخل المجلس الاسطانبولي

يتوقع كثيرون بأن المجلس الاسطانبولي سيشهد المزيد من الانشقاقات داخل صفوفه بعد انتهاء أعمال هذا المؤتمر الدعائي فقط، إذ أن كثيرين غير راضين عن أداء رئيسه المفروض عليهم، ولأنهم يدركون أيضاً أن بقاء عضويتهم في هذا المجلس مسيء لهم بعد أن تبين لهم وبشكل واضح أنه لن يحقق أي انجاز، وهو فاشل منذ لحظة صناعته تركيا.

لقد أثبت غليون انه أداة طيعة جداً بيد امير قطر، وانه ينفذ ويطبق ما يطلب منه، أو يملي عليه. وهذا بالطبع أدى الى عدم رضى الاعضاء الآخرين عن غليون، وغضبوا لان قطر "تدلل" غليون على حساب الآخرين، ولذلك فهناك من سيترك المجلس ليس بدوافع فكرية أو عقائدية أو احتجاجاً على موقف ما، بل سعياً للحصول على مخصصات اكبر، أو احتجاجاً لأنهم لم ينصفوا مالياً.. أي أن اعضاء المجلس الاسطانبولي هم "تجار" سياسة، ومستعدون بيع الوطن مقابل حفنة من الدولارات، ولكن ذلك لن يؤثر على سورية القوية والعصية على كل المؤامرة والكاشفة لخساسة هؤلاء الذين انضموا الى المجلس الاسطانبولي طمعاً في الحصول على المال، وليس سعيا لتحقيق اصلاح في سورية. من هنا يمكن القول ان الانشقاقات ستحدث بسبب صراعات حول توزيع كعكة المال، او لعدم رضى البعض عن ديكتاتورية غليون، وسيطرته الكاملة على هذا المجلس، ورفض الاستماع لآراء الأعضاء الآخرين في مجلسه الضعيف!

 

الأسد مع وبين جماهير شعبه

رغم كل ما يقال عن وجود أزمة في سورية، ورغم ما يشاع عبر وسائل الاعلام المضللة، إلا أن ذلك لم يمنع الرئيس بشار الأسد من اتخاذ خطوات تبين كذب وسائل الاعلام، وتؤكد أن سورية قوية وواعية، وتحقق الانتصار على الارهابيين.

زار الاسد حي بابا عمرو، وقابل أعداداً كبيرة من أبناء الحي، واطلع على ما جرى فيه من تدمير وخراب على يد الارهابيين. واصدر أوامره بالبدء فوراً في العمل على اعادة ترميم هذا الحي الذي يقطن فيه حوالي مائة الف نسمة.

الرئيس الأسد يتفقد العديد من المناطق، يقدم العزاء لأبناء جبل العرب بوفاة أحد الشيوخ الدروز، ويرعى العديد من الاحتفالات ويلتقي العدد الكبير من أبناء الشعب. أي أنه مرتاح، ويتابع أمور وشؤون سورية على أكمل وجه ليؤكد انه مع وبين جماهير الشعب السوري التي تحبه وتقف الى جانبه، وهذا ما تكشف عنه وتعلنه المسيرات المليونية التي تجوب شوارع المدن السورية معربة عن دعمها وتأييدها للاصلاح بقيادة الرئيس الاسد، ورفضها للتآمر الخارجي.

 

هل تنجح مهمة عنان

طرح عنان خطة من ستة بنود، ووافقت عليها الحكومة السورية، واهم ما في هذه البنود هو اعتراف الخطة بأن الدولة السورية هي التي ترعى الحوار، وهي القيادة الشرعية للشعب السوري.

هناك محاولات لافشال مهمة عنان، كما حاولوا افشال مهمة المراقبين العرب بقيادة اللواء الدابي.

وتؤكد مصادر عديدة أنه اذا كان المراقبون الدوليون أصحاب ضمائر حية، ويقولون الحقيقة، واذا كان عنان صادقاً في مساعيه، فإن المهمة ستنجح وتحقق السلم في سورية.

لكن إذا حاول عنان ومراقبوه الاعتماد على تقارير التضليل التي تبثها وسائل الاعلام المعادية، فحتماً ستفشل مهمته. وقد بدأ الضغط الفعلي على عنان كي يفشل اذ بدأت وسائل الاعلام تطعن بعنان نفسه، وارتكاب أخطاء كبيرة خلال توليه لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، ومنها "قضايا فساد".

سورية معنية بنجاح عنان، وفي الوقت نفسه مستعدة لمواجهة ما قد ينتج عن فشله أو إفشاله.. أي أن سورية ما زالت قوية، وتجاوزت الجزء الاكبر من المؤامرة.. وهذا ما ستثبته الأسابيع القادمة.

 

بقلم جاك خزمو / رئيس تحرير مجلة البيادر المقدسية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.