تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

"فرش" المفاهيم لتقسيم الأقاليم

 

محطة أخبار سورية  

بقلم : ثابت السالم

تكرر قي الآونة الأخيرة استخدام مصطلح  "الأقليات" عند تناول التركيبة المعتقدية للمجتمع السوري.

من الواضح  أن استعمال هذا المصطلح وإدخاله في الوعي الاجتماعي السوري ليس بريئا. كان من العار والخسة على أي سوري يوما، أن يتلفظ  بهذا المصطلح او بمر على لسانه. ولم ينتج ذلك عن "تقية" أو خجل، بل كان ممارسة صادقة عبرت عن وعي سليم للهوية الوطنية قولا وممارسة. وكم سخر السوريون من إخوتهم اللبنانيين كون هؤلاء يتناولون مواضيع كهذه علنا ودون خجل أو حياء. ولوحظ آن الكثير من وسائل الإعلام، ولاسيما العربية منها، أخذت تكرره بوعي أو دونه. وأقل ما يقال في هذا الأمر أنه ليس بريئا فضلا عما يحمل من خسة ووضاعة وتخريب وابتعاد عن الموضوعية والعلمية.

 

وإذا ما حاولنا مناقشة مصطلح "الأقليات" كبعد ديني، فهذا يفترض أن سوريا تحتوي على أكثر من أقلية واحدة، إلا إذا كان المقصود القول أن الأغلبية هي الطاثفة السنية ، وعندما نقول " أقليات" نقر ضمنا بأن الطوائف السورية من الشيعة والدروز والعلويين والإسماعيليين والصابئة واليزيديين هم ليسوا مسلمين. وإذا قلنا أن الأقلية تعني الديانات غير المسلمة فهذا يعني أن هناك أقلية واحدة وليس "أقليات" هي الأقلية المسيحية بالإضافة إلى ثلاثين يهوديا مازالوا في البلاد.

 

دعونا نعترف، ودون مواربة، أن الجلي والمراد والمقصود من وراء استخدام هذا المصطلح هو القول بأن الأغلبية هم السنة وسواهم هم الأقليات. قد يبدو ذلك محقا على مستوى واحد من التحليل، لكنه في مستوى آخر يحمل افتئاتا وظلما لكثير من مكونات السوريين السنة كالأكراد والشراكسة والأرناؤووط  والتركمان وسواهم من أبناء القوميات من السنة الذين يرون أن لهم خصائص  قومية أو ثقافية متمايزة  عن غيرهم من السنة، فبالتالي هم من "الأقليات".

 

هذا يعني أنه من الصعب تطبيق مفهوم الأقليات في بلد كسورية ولاسيما أنه ليس لدينا معيار علمي وموضوعي يشرح وينسب ويحدد معنى دقيقا لمفهوم "الأقليات" في سوريا وأعدادها. هذا لا يعني بتاتا أن لفئة أن تضطهد غيرها تحت حماية من مبدأ المساواة في المواطنة.

 

الأهم من هذا وذاك هو السؤال: ماذا يعنيني شخصيا كسوري أن أكون من أتباع طائفة ما، وفقا لسجلات الأحوال الشخصية، ولا يربطني بالعديد من أفراد هذه الطائفة أي فهم أو مفهوم سياسي أو اجتماعي مشترك ؟ وكيف لي أن أبرر أن ما يربطني بأفراد من طائفة أخرى سياسيا واجتماعيا هو أقوى بكثير مما يربطني بأفراد الطائفة التي أنتمي إليها؟ ومن يقرأ بيان جماعة "الإخوان المسلمون" في سوريا يجد أن هذا البيان –التعهد- خلا تماما من مصطلح "الأقليات" لأن كاتبه، على ما يبدو، هو ممن يحملون تلك الثقافة التي سادت الوطن منذ الثورة العربية الكبرى وحتى نهاية الخمسينات من القرن الماضي حين كانت المواطنة هي المعيار الوحيد الذي يحدد هوية الأفراد المكونين للمجتمع السوري. إن الذي يربأ بنفسه عن استخدام هذا المصطلح غير الموضوعي الذي أخذ بالانتشار بالتوازي مع مشاريع تقسيم البلاد، لهو أشرف بمرات ومرات من مدعي العلمانية الذين يتشدقون بها في حين يسقطون في فخ الفئوية المقيت من خلال زلات اللسان وما أكثر هؤلاء.

 

من هنا فان إدراج مصطلح "الأقليات" على ألسنة السوريين، وفي مقدمتهم من يعتقدون أنهم من النخبة، لهو أمر في غاية الخطورة وليس له من هدف سوى تفتيت الوحدة المجتمعية للوطن والتحضير لخلق بيئة ثقافية غريبة وخطرة تمهد لتقسيم البلاد بناء على مزاعم واهية، ولو دخل السوريون في مثل هذه اللعبة الخطيرة والمجرمة، فليس لي سوى القول: على سوريا السلام.             

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.