تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

لماذا لم يتوجهوا للأمم المتحدة لوقف العدوان على قطاع غـــزة؟!!

د. ندى الحايك خزمو

 

"يجب على المجتمع الدولي أن يشجب بالإجماع الإرهاب ضد المواطنين في جنوب إسرائيل" هذا ما صرحت به هيلاري كلينتون ، وزيرة الخارجية الاميركية ، بعد لقائها مع رئيسة المعارضة الاسرائيلية تسيبي ليفني. وكذلك قالت أمام مجلس الأمن الدولي يوم الاثنين الماضي "دعوني أيضا أدين بأشد العبارات إطلاق الصواريخ من غزة على جنوب إسرائيل الذي استمر خلال مطلع الأسبوع... ونطالب المسؤولين باتخاذ إجراء فوري لوقف هذه الهجمات. ندعو الجانبين وجميع الأطراف إلى بذل كل الجهود الممكنة لاستعادة الهدوء." وبدوره فإن سكرتير الأمم المتحدة بان كي مون امتنع عن التعقيب على الوضع المتأزم في غزة.

ما يجري في غزة من قصف وقتل وتدمير ليس بذي أهمية لكلينتون والإدارة الأميركية وحتى لسكرتير الأمم المتحدة الذي يفترض به أن يسارع الى شجب العمليات العسكرية التي تقوم بها اسرائيل، والمجازر التي ترتكبها بحق الفلسطينيين في غزة.. ولكن ها هو يقف مكتوف الأيدي ويمتنع حتى عن التعليق على الموضوع، وكأن دماء أبناء شعبنا الفلسطيني وأرواحهم ليست بذي أهمية، ولا تستحق منه أية كلمة تعبر ولو حتى عن أسف لما يحدث لهم. وأما لكلينتون فهم ليسوا ببني البشر، فتطالب المجتمع الدولي أن يشجب وبالإجماع ما سمته "الارهاب" ضد المواطنين في جنوب اسرائيل"،  وكم استفزت مشاعرها الصواريخ التي تساقطت على الجنوب الاسرائيلي كرد على المجازر التي ترتكب في غزة ضد الفلسطينيين، ولم تؤد الى اصابات سوى حالات "هلع" والتهويل للاصابات وحتى ان كانت بسيطة، بينما لم تستفز مشاعرها مناظر أطفال غزة وهم يصرخون من الألم والخوف والرعب بعد اصابتهم بجروح  بالغة، ولا جثث الاطفال الشهداء الذين سقطوا بالقصف الاسرائيلي،   ولم تستفز مشاعرها مناظر النساء الشهيدات والمصابات والثكالى اللواتي فقدن أيضاً الأب أو الأخ أوالابن في القصف الوحشي لأهل غزة، ولم تستفز مشاعرها مشهد شيخ مصاب أو شهيد..  وقاحة ليست من بعدها وقاحة، وظلم ليس من بعده ظلم، وقلب للحقائق، وتحويل الجاني الى مجني عليه والمجني عليه الى جاني..

ورغم اننا دائماً، ومن خلال المواقف الأميركية السلبية تجاه الفلسطينيين وما يتعرضون له ، ورغم توقعنا لكل شيء سلبي منها، إلا اننا نتساءل كيف لأم (مثل كلينتون) أن لا تتحرك مشاعرها تجاه أطفال يقتلون ويعذبون ويعانون كل أنواع الرعب والقلق والخوف، الا إذا كانت قد فقدت كل مشاعر الانسانية والأمومة والرحمة ، لتتحول الى دمية متحركة تحركها اسرائيل كيفما شاءت ومتى شاءت .. 

وهنا يحضرني قول الجعفري ، مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة، في الجلسة التي ناقشت المشروع العربي الغربي ضد سورية "إن مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية قالت إنها تشعر بالاشمئزاز من استخدام دولتين عضوين في هذا المجلس لامتياز حق النقض، وأنا هنا لا أقيّم ما قالته فأنا احترم رأيها، ولكنني أريد أن أسألها: هل هذا الاشمئزاز يسري أيضا على ستين فيتو سبق أن استخدمت في هذا المجلس لمنع إقامة السلام العادل والشامل في المنطقة، وحل الصراع العربي الإسرائيلي حلا عادلا وتسوية القضية الفلسطينية" . .

نعم لماذا لم تشمئز امريكا ومندوبتها ، ولم تخجل من نفسها عندما تغاضت عن كل ما يتعلق بحماية المدنيين وبخاصة في فلسطين، ولماذا رضيت على نفسها بأن تستعمل حق النقض ضد كل مشروع قرار يدين اسرائيل ووحشيتها، وتغاضت عن جرائمها في كل من العراق وأفغانستان وليبيا . ولماذا انسحبت مندوبة امريكا من جلسة مجلس الأمن عندما كان يتحدث مندوب سورية ؟! هل هو احتجاج على كلمة الحق، أم خجلاً من مواقف امريكا التي عرّاها الجعفري؟!

حصيلة الهجمات الاسرائيلية الوحشية على قطاع غزة وصلت حتى الآن الى 26 شهيداً، بينهم أطفال ونساء وشيوخ وأكثر من 80 اصابة بينهم 21 طفلاً و4 نساء . كل هؤلاء لم يحركوا ساكناً حتى للعرب،  وبخجل دعا الامين العام للجامعة العربية نبيل العربي مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته، وندد،  وحذر من تبعات هذا العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، محملا إسرائيل المسؤولية الكاملة عن سقوط الضحايا الفلسطينيين، ولفت إلى أنه يواصل اتصالاته ومشاوراته مع الدول العربية ومع القيادة الفلسطينية في هذا الشأن.. وماذا بعد، فالى هذه اللحظة لم يتم استدعاء الجامعة العربية لعقد اجتماعات طارئة لبحث ما يحدث في غزة، بينما تراكضوا لعقد اجتماعات استثنائية لمهاجمة سورية..  سارعوا الى الأمم المتحدة وتم اقناعها (لم تكن بحاجة حتى لاقناع ما دام الأمر يتعلق بالتهجم على دولة عربية قومية ممانعة) بعقد جلسات لبحث ما يجري فيها، بينما لغاية الآن لم نسمع عن دعوتهم لمجلس الأمن لعقد جلسة لبحث الجرائم الوحشية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني في القطاع.. استماتوا للحصول على قرار من مجلس الأمن ليدين سورية، وحتى لحث أمريكا ودول الغرب من أجل الحصول على قرار أممي بالتدخل " دعا مجلس وزراء الخارجية العرب في بيان ختامي تلا اجتماعات المجلس في القاهرة الأحد 12/2/2012 مجلس الأمن لتشكيل قوة حفظ سلام عربية أممية مشتركة إلى سورية، وأنهى مهمة المراقبين العرب. كما قرر وقف كل أشكال التعامل الدبلوماسي مع دمشق وتشديد العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها". ولكننا لم نسمعهم يعقدون اجتماعات وجلسات من أجل حث مجلس الأمن لتشكيل مثل هذه القوة للدفاع عن الشعب الفلسطيني في القطاع، ولا حتى لمواجهة الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى .. ولا طالبوا بعقوبات اقتصادية على اسرائيل، بل زادوا من لقاءاتهم مع الاسرائيليين حتى وهم يقصفون غزة ويقتلون الأطفال من غير رحمة..

ان كنا نلوم دول العالم على مواقفهم هذه، وانحيازهم لاسرائيل وتبريرهم لكل ما ترتكبه من جرائم بحق شعبنا الفلسطيني ومقدساتنا، نستغرب، بل ونستهجن موقف  معظم "الزعماء" العرب الذين لا يستأسدون إلا على أبناء جلدتهم، وعندما يتعلق الأمر بأعداء أمتنا، فإنهم لا يفعلون سوى الشجب والاستنكار ولا شيء غير ذلك ..  حسبي الله ونعم الوكيل..

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.