تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

بداية نهاية مرحلة التآمر على سورية

 

تعرضت دمشق يوم السبت الماضي (17 آذار الجاري) لحادثي تفجير إنتحاريين، وتعرضت حلب إلى حادث تفجير يوم الأحد الماضي (18 آذار الجاري)، وأودت هذه الحوادث الثلاثة الاجرامية إلى استشهاد العشرات من المواطنين السوريين إضافة إلى إصابة أكثر من 150 مواطناً بجراح متنوعة.

هذه الاعتداءات الارهابية تأتي في الوقت الذي تسير الأمور في سورية على ثلاثة مسارات رئيسية: الحل الأمني، الحل السياسي، والإصلاح. وكل مسار من هذه المسارات يجد من يعرقله من الخارج، من المتآمرين على سورية، والذين يريدون النيل منها. وكل ما يحدث حتى الآن، وبعد مرور عام على المؤامرة يؤكد أن سورية عصية جداً عن ذلك وانها ستخرج قريباً بخير رغم الجراح والآلام الكثيرة التي سببتها هذه المؤامرة الخبيثة.

 

دلالات التفجيرات الانتحارية

التفجيرات الانتحارية الارهابية التي تتعرض لها سورية لها دلالات ومن أهمها:-

·       أن الإرهاب في سورية بدأ "يُفلس" ويخسر المعركة على الأرض، وبدأت هذه المجموعة تواجه مصيراً صعباً، فلجأت لهذا الأسلوب الاجرامي للنيل من الشعب السوري، لأنها أصبحت في مرحلة اليأس، أي المرحلة الأخيرة من هذه المؤامرة القذرة.

·       إن الإرهابيين معزولون الآن على الساحة السورية الداخلية إذ أن ملايين السوريين خرجوا للشوارع والساحات دعماً لسورية، ودعماً للإصلاح، ودعماً للرئيس بشار الأسد، وهذه المسيرات تؤكد أن ما يسمى بالمعارضة هي ضعيفة وهزيلة على أرض الواقع، وهي "قوية" فقط عبر الإعلام وعبر الأخبار الملفقة والمضللة.

·       بعد أن حرر حي بابا عمرو والعديد من المناطق السورية التي عانت من سيطرة الإرهابيين عليها، تأكد لهؤلاء المسلحين أنهم غير قادرين على المواجهة الأمنية، فعمدوا إلى أسلوب استهداف المدنيين، وذلك عبر تفجيرات إجرامية في وسط دمشق وحلب ومناطق عدة.

·       أكدت هذه التفجيرات أن سورية تواجه "إرهاباً" منظماً وليست معارضة سلمية، وأن هؤلاء الإرهابيين ليسوا سوريين في غالبيتهم، بل هم متسللون ومزودون بالسلاح المهرب من دول الجوار. وهذه التفجيرات ما هي إلا أسلوب "تنظيم القاعدة" الذي مارسه في العراق، وها هو ينتقل لممارسة هذا الاجرام بحق سورية مدعوماً من دول خليجية، التي أعلنت جهارة أنها مع "تسليح" المعارضة، وهذا بحد ذاته يؤكد تورط هذه الدول بما يجري في سورية، وبالمؤامرة التي تنفذ للنيل من موقفها الوطني والقومي!

 

كوفي عنان

وخلال الفترة الماضية تم اختيار كوفي عنان مبعوثاً خاصاً للأمم المتحدة الى سورية. وقام بزيارة سورية، والتقى الرئيس بشار الأسد أكثر من مرة، وقد شرح له الرئيس الاسد حقيقة الوضع. عنان كان جريئاً إذ قال أنه ضد تزويد الإرهابيين بالسلاح، واقترح ارسال مراقبين فنيين من الأمم المتحدة لتقييم الوضع على الأرض، وهذا ما قبلته القيادة السورية، لأن عمل هؤلاء سيتم تحت سيادة وإمرة واشراف الحكومة السورية، ولأن القيادة السورية ليس لديها شيء لتخفيه، بل هي تريد أن يعلم العالم بالحقيقة، لا أن يصغي إلى وسائل الاعلام العديدة المغرضة التي تعمل لخدمة أجندة أعداء سورية، وأعداء العروبة وأعداء المقاومة في العالم العربي.

مهمة عنان هي جزء من الحل السياسي، إذ أن سورية تريد أن يعرف العالم حقيقة المؤامرة، وأن يضع حداً للتدخل في شؤون سورية الداخلية، وأن يضع حداً لاعتداء بعض الدول على السيادة من خلال دعم مسلحين ليعيثوا دماراً وخراباً في قلب سورية، وليرعبوا المواطنين، وليسقطوا الدور العروبي لآخر قلعة صمود في عالمنا العربي.

المسلحون غاضبون، وهم يعيشون مرحلة اليأس لأن عنان مضطر لقول الحقيقة في نهاية المطاف. ولا ننسى أن عنان قد يعمل على "تبييض" صفحات سيرته كأمين عام للأمم المتحدة حين تمت عملية احتلال العراق في عهده، ولم يستطع قول كلمة حق واحدة، بل بالعكس تم ابتزازه من خلال توجيه إتهامات له ولابنه بالتحديد بالفساد في موضوع النفط مقابل الغذاء. ويريد عنان أن يكون صادقاً مع نفسه، ولكن هل تلعب ظروف ما ومعطيات وضغوط عليه، فيعمل ضد ضميره، ويتم شراؤه كما حاولوا مع الفريق محمد الدابي رئيس بعثة المراقبين العرب وفشلوا، نأمل أن يفشلوا أيضاً، وأن يعمل عنان لمصلحة سورية، ولمصلحة العالم، إذ أن هذا العالم يعاني من الاعلام المضلل، ويعاني من غياب الأخلاق، وبحاجة الى عدالة وبسط نفوذها في العالم كله.

 

المساعي الروسية

لا شك أن مهمة عنان تلقى الدعم الروسي، إذ أن وزير خارجية روسيا الإتحادية سيرجي لافروف يدعم الموقف السوري، ويعمل من أجل تحقيق حل سياسي يضع فيه حداً لأي تدخل بالشأن الداخلي السوري، وينهي أعمال العنف والاجرام والقتل التي تتعرض لها سورية.

الموقف الروسي حازم جداً، ولن يتخلى عنه مهما كانت الإغراءات، وقد أبلغ لافروف وزراء خارجية الدول العربية عندما التقاهم في القاهرة يوم الأحد 10 آذار الجاري انه غير راضٍ عن موقف الجامعة العربية، وان ما يفعلونه ضد سورية، قد يعانون منه هم أنفسهم في دولهم. ودور قطر بدأ يتضاءل في الفترة الأخيرة لأنها ستفقد رئاستها للجامعة العربية، وستتحول للعراق بعد عقد القمة العربية في بغداد أواخر الشهر الجاري.

روسيا تساعد لايجاد حل سياسي، وتقول أن الحل هو سوري، ومن دون أي تدخل، ولكن يمكن تقديم المساعدة للمضي قدماً في الحوار. وترفض روسيا دعم "مجلس" هزيل برئاسة غليون، وترفض المشاركة في مؤتمر أصدقاء سورية الذي سيعقد في تركيا، كما رفضت المشاركة في المؤتمر الأول لهؤلاء الأصدقاء/ الاعداء الذي عقد في تونس، ومُني بفشل ذريع.

هناك تنسيق بين الأمم المتحدة وروسيا، والصين تقف الى جانب روسيا وسورية، والحل السياسي سيتحقق عندما يتضاءل دور أولئك الذين يزجون أنفهم بالشأن السوري ويشاركون في المؤامرة.

 

الحل الأمني لدعم الحل السياسي

قال الرئيس بشار الأسد أن لا تهاوناً مع الارهابيين، وهذا ما يؤيده الشعب السوري، وكل الوطنيين الشرفاء الذين يكنون لسورية كل حب واحترام واجلال، لذلك أصدر الرئيس أوامره بوضع حد للتسّيب الأمني في بعض المناطق، واستطاعت القوى الأمنية من الحاق الهزيمة بهؤلاء الارهابيين، وبدأت تلاحق فلولهم. وستواصل ذلك إلى أن تقضي على آخر ارهابي متواجد على الأراضي السورية.

والحل الأمني تطلب مراقبة الحدود مع لبنان بصورة مشددة وكذلك مع دول الجوار. وها هي الحكومة العراقية تتعاون مع سورية في ضبط الحدود لمنع دخول متسللين الى الاراضي السورية، وكذلك الحكومة الاردنية تعمل على ذلك.

أما على الحدود السورية مع لبنان، فإن هناك تعاوناً مع الجيش اللبناني لضبط الحدود علماً أن هناك جهات سياسية تغطي على عمليات التهريب، وخاصة تهريب السلاح.

وتمت السيطرة الأمنية على الحدود مع تركيا، وبدأت الأجهزة الأمنية السورية بمنع التسلل، وتهريب السلاح علماً أن الحدود طويلة ولا يمكن ضبطها مائة بالمائة.

الحل الأمني يخدم الحل السياسي، وهو ليس الحل "الأمثل"، ولكن لا بدّ من وضع حد للارهاب، ولا بدّ من توفير الأمن والامان لكل سوري، ولا بدّ من ان يتم وضع حد للمعرقل لمسيرة الحل السياسي، وللحوار بين الجميع، ولا بد لسورية أن تسير الى الأمام.. فلا يمكن تحقيق إصلاحات، وفي غياب الأمن والاستقرار

 

مسيرة الاصلاح متواصلة

بعد أن أكد السوريين دعمهم للدستور الجديد في الاستفتاء الذي تم مؤخراً في سورية، أصدر الرئيس بشار الأسد مرسوماً حدد فيه السابع من أيار القادم موعد إجراء الانتخابات البرلمانية لاختيار ممثلين للشعب السوري في مجلس الشعب. ولأول مرة في تاريخ سورية الحديث ستشارك أحزاب عديدة في هذه الانتخابات، ولأول مرة منذ عقود، يخوض حزب البعث هذه الإنتخابات من دون أية امتيازات.

وبعد اجراء هذه الانتخابات سيتم تشكيل حكومة جديدة مبنية على نتائج الانتخابات، أي أن سورية خطت خطوات كبيرة نحو الحداثة والتجديد والاصلاح. وسورية اليوم تختلف عن سورية الأمس إذ أنها ستكون النموذج الذي سيحتذى به في الديمقراطية والتعددية الحزبية وستواصل الحكومة الجديدة مشوار تطبيق الانظمة والقوانين الجديدة التي تم اقرارها خلال الفترة الماضية، وستحارب أي فساد في أية مؤسسة رسمية، وستعمل على تحقيق العدالة والاستقرار والازدهار، وستعالج ما دمره الارهابيون، وسينطلق السوريون نحو غد أفضل وأكثر جمالاً بعد فترة حالكة بسبب ما تعرضوا له من مؤامرات خبيثة وخطيرة.

 

نهاية المرحلة الصعبة

لا شك أن سورية تعيش الآن الجزء الاخير من مرحلة المؤامرة، إذ أن تعاضد الشعب مع الجيش والقيادة ساهم الى حد كبير في تجاوز واسقاط المؤامرة الكبيرة.. وان سورية الآن تواجه نهاية مرحلة صعبة خطيرة، لذلك فإن "الارهاب" سيشن هجمات واعتداءات بربرية، ولكن الاصرار على المضي قدماً في الحياة، وفي مسيرة الاصلاح، وبناء سورية، هذا الاصرار هو الذي سيسرع في انهاء مرحلة حالكة تعرضت لها سورية. وعن هذه المرحلة الصعبة سيُسجل التاريخ قائلاً: أن سورية عظيمة وكبيرة وقوية استطاعت أن تهزم مؤامرة كونية لتخرج أكثر قوة وصلابة، وحداثة وتطوراً.. كما سيسجل التاريخ فصول سوداء عن الدور القذر الذي قام به بعض العربان في الخليج.. وسيمنح هؤلاء أكاليل من العار على هذا الدور الغّدار والمتآمر.. وسيؤكد أن هؤلاء سيقعون في الحفرة التي حفروها لسورية.

 

جاك خزمو

رئيس تحرير مجلة البيادر السياسي-القدس الشريف

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.