بقلم د . رفعت سيد أحمد
كان الأسبوع الماضى ، فى مجمله أسبوع من الخيبة فى مجال القضايا الداخلية والخارجية فرغم طغيان القضايا المصرية الداخلية المعتادة (التى تتمثل فى الانفلات الأمنى – تحديد موعد فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة فى 10/3/2012 – الأوضاع الاقتصادية المتردية – الصراعات السياسية بين أركان المشهد السياسى وبخاصة بين الإخوان والقوى الليبرالية وبين المجلس العسكرى والقوى الثورية – الفوضى الإعلامية والتى انتهت بإغلاق أهم برنامج توك شو فى فضائية مصرية (برنامج محطة مصر للإعلامى المعروف معتز مطر – القضايا التشريعية قليلة الأهمية والتى لا تتصل فى أغلبها بأمور ذات قيمة لدى المواطن المصرى حيث أغلب أعضاء البرلمان قدموا طلبات وأسئلة واستجوابات فى موضوعات هامشية ، لا تصلح فى تقديرنا إلا فى مجال محلية صغيرة ، وأخيراً قضية محاكمة مبارك وحجزها للحكم يوم 2/6/2012 ، وغيرها من القضايا) .
أما الأحداث الخارجية فكانت فى تقديرنا الأكثر تعبير عن الخيبة (الثورية) والتى سيكون لها تأثير سلبى على مستقبل مصر ومن هذه (الخيبات) :
أولاً : إصدار قرار بإستدعاء السفير المصرى من دمشق والدعوة لقطع العلاقات معها وأصدرت القرار الخارجية المصرية ، أما توصيات قطع العلاقات فأصدرها مجلس الشعب المصرى من خلال لجنة الشئون العربية والتى يرأسها – وهنا مناط الاستغراب والخيبة الثقيلة– مثقف قومى عربى هو د. محمد السعيد إدريس (عضو المؤتمر القومى العربى !!) ، هذا القرار ردت عليه دمشق فوراً ، لشعورها بالإهانة والجرح من حليف وشقيق تاريخى عزيز طعنها فى كرامتها فقامت باستدعاء سفيرها من القاهرة (يوسف أحمد) ؛ لقد رأى المراقبون الفاهمون للاستراتيجيات الدولية فى المنطقة ، حتى أولئك الذين يكرهون بشار الأسد ، مثل الأستاذ / مكرم محمد أحمد (انظر مقاله فى صحيفة الأهرام 19/2/2012) بأن قرار استدعاء السفير المصرى من دمشق قرار خاطىء وخائب وغير موفق ، ويدل على أن مصر تسير خلف دويلات الخليج المحتل أمريكياً ، تلك الدويلات التى لها حساباتها ومصالحها المرتبطة بواشنطن وتل أبيب ، فكيف لمصر أن تتبعها فيما يضر أمنها القومى ؟ ورأى المراقبون أن الدفاع عن القاهرة يبدأ من دمشق ، وأن الأولى بحكام مصر وصناع سياساتها الخارجية أن يكون أداة للمصالحة بين الفرقاء السوريين بدلاً من أن يكون – بهذا القرار – أداة لصب مزيد من النار على زيت الفتنة الدائرة فى سوريا ، وهو يمثل فى جانب منه خضوع لإرادة عاطفية متعجلة لبعض المعارضين من السلفيين والإخوان ، والذين لهم حسابات خاصة مع أقرانهم فى سوريا ودول الخليج ، لقد كان القرار خاطئاً ، ويستحق أن يراجع وأن تعود القاهرة عنه قبل أن تستفحل " الخيبة " وتتحول إلى كارثة !! .
ثانياً : أما القضية الثانية المهمة والتى تتصل بعلاقات مصر الخارجية فهى الزيارة الغامضة لجون ماكين رئيس المعهد الجمهورى ، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكى ، وهو ذو تاريخ أسود فى مجال كراهيته للعرب والمسلمين ، وتأييده الأعمى لإسرائيل ، حيث يقف خلف العدوان على أفغانستان والعراق وليبيا والآن سوريا التى طالب فى مؤتمره الصحفى فى القاهرة (19/2/2012) بتزويد تسليح المعارضين للنظام هناك من عملاء حلف شمال الأطلنطى خدمة لإسرائيل . إن زيارة جون ماكين ولقاءه بقيادات الإخوان وقبلهم بالمجلس العسكرى وضغوطه من أجل الإفراج عن 19 أمريكى متهمين فى قضية منظمات التمويل الأجنبى غير المرخصة ، وإصراره على الإساءة لكرامة مصر والمصريين من خلال تهديده بقطع المعونة الأمريكية (حوالى 2 مليار دولار) عنها ؛ يعد تطوراً مهماً فى مجال الزيارات الأمريكية المكوكية إلى مصر ، وإصرارهم على اللعب مع (الإخوان) نفس اللعبة التى كانوا يلعبونها مع (مبارك) ومع أنظمة ما قبل ربيع الثورات العربية ، إن هذه الزيارة تحديداً – فى رأينا - تمثل منعطفاً مهماً فى مجال العلاقات المصرية – الأمريكية ، ولقد دشنت بداية لاقتناع أمريكى بأن الإخوان يصلحون لحكم مصر وأنهم سيقفون خلفهم بعد أن اطمئنوا على أن الإخوان سيحافظون على كامب ديفيد والعلاقات الدافئة مع تل أبيب وواشنطن ، وأنهم سيقدمون لأمريكا وإسرائيل ما لم يقدمه لهم حسنى مبارك .
* نكتفى من الأسبوع بهذه " الخيبات " التى يزيدها ألماً أنها ترتدى زى (الثورة) وهى منها براء!! ولا حول ولا قوة إلا بالله .
E – mail : yafafr@hotmail.com