تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

اتصالات وعلاقات وطيدة بين مجلس استانبول والقادة الاسرائيليين..كيف يصل السلاح الاسرائيلي إلى المسلحين داخل سورية

بقلم جاك خزمو

رئيس تحرير مجلة البيادر المقدسية

المسلحون الإرهابيون في سورية يستخدمون أيضاً سلاحاً اسرائيلياً في التصدي لقوات الجيش السوري، واستطاعت السلطات السورية مصادرة العديد من هذه الأسلحة الاسرائيلية. كما أن إحدى الطائرات القادمة من روما إلى مطار بيروت التي حملت مساعدات إنسانية لما يُسمى بالنازحين السوريين إلى شمال لبنان، حملت معها أيضاً السلاح الاسرائيلي لتهريبه إلى المسلحين في سورية.

تواجد السلاح الاسرائيلي في أيادي الإرهابيين في سورية اثار علامات وتساؤلات عديدة وأهمها: من أين جاء هذا السلاح؟ وما هو موقف اسرائيل مما يجري في سورية؟ وما هو دورها وما هي تمنياتها ورغباتها!

 

توصية بالصمت الاسرائيلي

هناك خلاف حاد بين القادة الاسرائيليين حول موقف اسرائيل من الأحداث في سورية. فوزير الخارجية المتطرف أفيغدور ليبرمان يؤيد الدعوة لرحيل الرئيس بشار الأسد حتى ينسجم ذلك مع مواقف اميركا واوروبا بهذا الشأن، وحتى لا تتهم في العالم العربي، وخاصة من قبل أصدقائهم في منطقة الخليج العربي، بأنها تسعى للحفاظ على نظام الرئيس الأسد.

أما رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو فيدعو إلى الحفاظ على موقف غامض فيما يتعلق بالشأن السوري، وهو يفضل الصمت لأن سورية تسعى إلى استفزاز اسرائيل لجرها للصراع الداخلي واتهامها بالتدخل وحشد الرأي العام السوري إلى جانب النظام.

أصوات اليمين تنادي بضرورة دعم "المعارضة" لإسقاط نظام الأسد، لأن النظام القادم لن يكون أسوأ من النظام الحالي كما قال أكثر من مسؤول اسرائيلي، وان التدخل الاسرائيلي إلى جانب المعارضة سيساهم في إقامة نظام موالٍ للغرب، على غرار نظام كرازاي في أفغانستان، وبالتالي فإن "هذا النظام سيحقق السلام مع اسرائيل بالشروط والمقاييس الاسرائيلية".

 

إتصالات "المعارضة" مع اسرائيل

لم تُخفِ بعض  القيادات الاسرائيلية اتصالاتها المباشرة وغير المباشرة مع زعماء ما يسمى بالمعارضة السورية، وخاصة أعضاء مجلس استانبول "السوري". وكشف عن ذلك يتسحاق هرتسوغ، عضو الكنيست عن حزب العمل حين قال أنه على اتصال مباشر مع عدد من أعضاء مجلس استانبول، وانه سيعمل على توفير الدعم المعنوي والمادي لهذه المعارضة قدر المستطاع.

أما أسبوعية "زمان يروشاليم" العبرية، فقد ذكرت في عددها الصادر يوم الخميس الموافق 17/2/2012 أن مندي صفدي، نائب الوزير الاسرائيلي الليكودي أيوب قرا يجري اتصالات يومية تقريباً مع "المعارضة" السورية، كما يجري اتصالات هاتفية باستمرار مع رياض الأسعد رئيس ما يسمى "بجيش سورية الحر". وقال الصفدي "أن هؤلاء يطالبون بمساعدات إنسانية، وان اسرائيل أفضل لهم من الأسد من كافة الجوانب، ويرون اسرائيل عامل حسم في هذه المعركة خصوصاً إذا طالبت الولايات المتحدة واوروبا دعم مقاتلي المعارضة". وقال للصفدي ضباط ما يسمى بـ "الجيش الحر": "لم نشكل هذا الجيش لمحاربة اسرائيل، بل لمحاربة أعدائنا: حزب الله، حماس، ايران والأسد"، وانهم يريدون تحويل سورية إلى دولة ديمقراطية!

وأضافت الصحيفة أن نائب الوزير قرا يحث رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو على التدخل، وعلى تقديم مساعدات دولية لـ "السنيين"، وسلم نتنياهو رسالة من أحد الشيوخ قبل ثلاثة أسابيع، وقبل اجتماع مجلس الوزراء وقرأها، وقال لنتنياهو "بأنه يجب علينا التدخل"، وسأله نتنياهو: "لماذا نتدخل"، فأجاب القرا قائلاً: "ليس بامكاننا اغماض عيوننا، إنهم مقاتلون يحاربون عدواً مشتركاً لنا، وهذا التدخل سيكون حفاظاً على حياة أطفال ونساء!

وأكدت مصادر عليمة ومطلعة أن بعض "المعارضين" زاروا اسرائيل سراً، وحاولوا إقناعها بالتدخل بصورة مباشرة، إلا أن قادة اسرائيل رفضوا ذلك، لكنهم أكدوا لهؤلاء المتعاونين معها في الوقت نفسه مواصلة دعمهم المعنوي والسياسي، وأمنياتهم بنجاح "ثورتهم" ضد الرئيس الأسد. وعلم أيضاً أن هؤلاء وعدوا اسرائيل بتحقيق السلام في أسرع وقت ممكن حال وصولهم للسلطة.

ولا شك أن هؤلاء "أعداء سورية" يوظفون الاعلام الاسرائيلي ضد سورية عبر إجراء مقابلات تتضمن معلومات مضللة جداً، حتى أن بعضهم مدح اسرائيل، وأصبحت صديقة "حنونة جداً" عليهم!

 

كيف يتم تهريب السلاح الاسرائيلي

حسب الأنظمة والقوانين الاسرائيلية فإن بيع السلاح لأية جهة يكون بموافقة حكومية ولجهة معروفة، وهناك عدة احتمالات لكيفية وصول السلاح إلى هؤلاء المقاتلين الارهابيين الذين يسمونهم الاسرائيليون وحلفاؤهم بأنهم "معارضة".

الاحتمال الأول: هو أن هناك تعاوناً أمنياً استخباراتياً اسرائيلياً مع أكثر من دولة يتم من خلاله ارسال السلاح الى عواصم الدول الاوروبية، وينقل من هناك الى الدول المجاورة عبر وسطاء وتجار السلاح. ويمكن تهريب السلاح الاسرائيلي إذا قصدت اسرائيل ذلك عبر البحر الأبيض المتوسط الى شواطىء سورية أو لبنان، ولكن اسرائيل تنفي أنها ترسل السلاح مباشرة حتى تكون أمام الرأي العام العالمي محايدة وصامتة كما أوصت بذلك لجنة خاصة شكلت في وزارة الخارجية لتبني الموقف السوري تجاه الأحداث في سورية.

الاحتمال الثاني: هو قيام قطر والسعودية وبعض الدول بشراء السلاح من اسرائيل مباشرة أو عبر وسطاء، وهي بالتالي تهربه الى داخل سورية عبر شبكات التهريب المختلفة، إذ أن السلاح يحتاج إلى أموال كبيرة، ولا بدّ أن قطر والسعودية تغطيان نفقات شراء وتهريب السلاح الى الداخل السوري. ويجب الاشارة إلى أن هناك حلفاء لقطر والسعودية في لبنان يقومون بالمساعدة في تهريب السلاح إلى سورية لأنهم يتمنون سقوطها!

الاحتمال الثالث: يتم تهريب السلاح عبر تركيا، وهناك بعض المصانع الاسرائيلية كانت تعمل في تركيا في اطار التعاون التركي الاسرائيلي في المجال العسكري، وقامت تركيا بتزويد المقاتلين بهذا السلاح الاسرائيلي المصنوع في تركيا.

وتهريب السلاح الاسرائيلي إلى سورية بالاضافة الى السلاح الروسي والاميركي يؤكد أن هناك جهة كبيرة تقف وراء ذلك، وانها توظف شبكات عالمية لشراء السلاح عبر السوق السوداء أو عبر طرق أخرى، وتقوم هذه الشبكات بتوفير السلاح للمقاتلين الارهابيين داخل سورية. وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على أن ما يجري في سورية ليس هدفه الاصلاح وتحقيق الديمقراطية، بل هدفه الأول والأخير القضاء على سورية، وتحويلها إلى دولة لربما دويلات تعيش تحت رحمة المساعدات الدولية، وموالية  ومنفذة للمخططات الاستعمارية المتعددة.

 

أمنيات براك لن تتحقق

نشرت صحيفة الجروسالم بوست باللغة الانجليزية في عددها الصادر يوم الأحد الموافق 19 شباط 2012 تحليلاً للكاتب الاسرائيلي يعقوب كاتس حول أمنيات ايهود براك وتوقعاته المبكرة وغير الناضجة، والمناقضة لتقارير المخابرات الاميركية إذ أن الجنرال رونالد بيرجيس، مدير المخابرات العسكرية الاميركية أبلغ اللجنة العسكرية في مجلس الشيوخ الاميركي أن نظام الأسد مستقر رغم مرور 10 شهور على الاضطرابات الداخلية. وقال بيرغيس أن القوات السورية متماسكة وما زال الرئيس الأسد قوياً. وقدم بيرغيس هذه الشهادة يوم الخميس الموافق 16/2/2012.

بالمقابل صرح ايهود براك، بصفته وزيراً للدفاع، لوكالة "اسيوشيدت برس" أن نظام الأسد سيسقط خلال ثلاثة إلى ستة شهور.. وسيبقى في السلطة لربع عام فقط، ولكنه سيسقط حتماً، وهذا التصريح تم في 20 حزيران الماضي، وها هو الأسد في السلطة.

وفي 19 تشرين الثاني المنصرم صرح براك بأن الرئيس الأسد سيسقط قريباً، وفي 6 كانون الأول المنصرم صرح براك خلال جولة له في الجولان أن نظام الأسد سيسقط قريباً، ولكنه لم يحدد الفترة الزمنية لذلك. وبعد خمسة أيام، أي يوم 11 كانون الأول المنصرم، صرح براك أن سقوط الأسد هي بركة للشرق الأوسط، ويوم 14 كانون الأول المنصرم وأثناء توجهه إلى اميركا قال براك أن سقوط الأسد سيتم خلال أسابيع وليس خلال شهور. وفي اميركا ويوم 15 كانون الأول إدعى براك أن الأسد سيرحل عن الحكم قبل حلول عيد الفصح اليهودي الذي يبدأ يوم 6 نيسان القادم، وفي 6 كانون الثاني الماضي أبلغ براك لجنة الخارجية والأمن في الكنيست أنه لم يبق لعائلة الأسد أن تحكم سورية إلا لبضعة أسابيع!

كل هذه التصريحات تدل على أمنيات براك، وتدل على أخطاء كبيرة في المعلومات العسكرية المتوفرة له. وهناك من يقول أن هذه التصريحات تعكس أمنية اسرائيل بسقوط سورية، وأن تتحول إلى دولة ضعيفة يفرض عليها الاسرائيليون شروطهم وإملاءاتهم.

 

وسائل الاعلام الاسرائيلية

تدعم "المسلحين"

لا شك أن وسائل الاعلام الاسرائيلية توفر الدعم المعنوي والإعلامي للمسلحين، ولأعضاء مجلس استانبول ولكل معارض، وتحاول التركيز على الفتنة الطائفية، وتبني الرواية المضللة لما يجري على الساحة السورية، مقالات عديدة تكتب ضد سورية، وضد الرئيس بشار الأسد، وكلها مليئة بالسموم.. حتى أن افرايم هليفي رئيس جهاز الموساد في الفترة الواقعة ما بين 1998 – 2002 دعا إلى استغلال الوضع، واستثماره، وان التعامل مع سورية يجب أن يكون كالتعامل الاسرائيلي مع ايران، وتحدث في مقابلة له مع صحيفة الجروسالم بوست نشرت يوم 22/2/2012 عن أن هناك فرصة كبيرة لصالح اسرائيل من وراء الأحداث أو الأزمة السورية.

أي أن كل الكتاب والسياسيين يحرضون ضد سورية لأنهم كلهم يتمنون سقوطها، وبالتالي إزالة خطر عن اسرائيل، وتصبح بالتالي المقاومة في العالم العربي ضعيفة.

 

مصلحة اسرائيلية كبيرة

ما يحدث في سورية يصب في مصلحة اسرائيل من عدة نواحٍ وأهمها:

1.    عدم استقرار سورية يعني ضعفها، وهذا ما تريده وتسعى إليه اسرائيل.

2.    ضعف سورية يعني أيضاً ضعف المقاومة، وخاصة المقاومة اللبنانية، وجل اهتمام اسرائيل هو ضعف هذه المقاومة، وان تحسب هذه المقاومة ألف حساب قبل القيام بأية عملية حالياً.

3.    لم يعد الاهتمام العالمي، وخاصة الاميركي، بالقضية الفلسطينية بل في "اسقاط" النظام السوري. وهذا يعطي اسرائيل كل الحرية في التصرف كما تريد في الضفة الغربية.

4.    تسليط الأضواء الاعلامية على الأزمة السورية، وهذا يمنح اسرائيل فرصة للقيام بما تريده في القدس من اجراءات قمعية، ومحاولات لبسط هيمنتها وسيطرتها الكاملة على المقدسات الاسلامية، وخاصة الحرم القدسي الشريف.

5.    فرصة سانحة لاسرائيل كي تحرض أكثر وأكثر دولياً واقليمياً ضد ايران، وخاصة ضد ملفها النووي السلمي.

6.    فرصة سانحة لاسرائيل لتعزيز علاقاتها مع دول الخليج، وتحريضهم أكثر وأكثر ضد سورية.. إذ أن هذه الدول تخدم اسرائيل كما يخدمها المسلحون الذين يعيثون في الأرض السورية فساداً ودماراً وقتلاً.

 

خلاصة القول: أن اسرائيل تتمنى سقوط سورية لأن ذلك في صالحها، وهي تعمل لصالح ذلك بهدوء، وفي الوقت نفسه تحاول أن تنأى بنفسها عن هذه الأحداث حتى لا تجر إلى مواجهة مؤلمة تدفع ثمناً باهظاًً لها، فهي تريد تدمير سورية من الداخل ومن دون حرب ومن دون بروز أصابع لها في ذلك! مع أن اصبعها موجود من خلال الدعم الدولي الكبير المقدم للمسلحين الذين يسمونهم "ثواراً" وهم ليسوا بثوار بل بمدمرين لسورية، ومعادين لشعبها، وموالين وأدوات للاستعمار الجديد.

رغم الأمنيات الاسرائيلية، فإن قادة كثيرين يعترفون أنه من الصعب سقوط النظام السوري لسبب واحد وقوي وهو أن الشعب السوري في غالبيته مع هذا النظام، ومع الرئيس بشار الأسد بالتحديد. ولكنهم يقولون أن ما يجري أضعف سورية سواء بقي النظام أو لم يبق، وهذا من مصلحة اسرائيل.

ولكن بعد سقوط وفشل المؤامرة فإن سورية ستكون قوية وبألف خير، وستحاسب مع من وقف إلى جانب تدميرها.. وستعرف كيف تتعامل معه وبالشكل المناسب!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.