تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

محمد شمس الدين: الفرسان الثلاثة والرهانات الواهية

 

بـقـلـم : محمد شمس الدين

انكسر سعد الحريري على سفوح التزلج الفرنسية، بعدما انكسر سياسياً في لبنان عندما "طرد" من السلطة عام 2010، ما جعله ينكفئ عن الساحة طيلة الفترة الماضية، إلا ما خلا تلك "الإطلالات" عبر الإنترنت في محاولة لتبوؤ مرتبة "القيادة الثورية الإلكترونية" باعتباره ينتمي الى ثورة الأرز التي "صدّرت" الثورة الى دول عربية عدة، لكن الحريري الذي اكتفى بإدارة "الثوار" في لبنان وسورية تاركاً المواقع الأخرى لحلفائه، وبات الآن "مربوطاً" في المستشفى، هل سينكفئ عن المشاركة في مهرجان شباط المقبل حيث وعد "جماهيره" بالحضور للقائهم في بيروت؟

ليس الأمر مستبعداً إذا ما رغب الحريري الظهور في مظهر البطل كما يحاول ذلك دائماً. وهو اعتاد على تقديم العروض في "الاستعراضات" وليس المهرجانات كما فعل عندما لجأ لمخاطبة الشباب بخلع سترته ورفع كميّ قميصه وسحب ربطة عنقه في مشهد لم ينطل حتى على مؤيديه. غير أن حضور الحريري لن يبدّل كثيراً في المشهد السياسي، كما أنه يعلم أن لا احد "يطلب رأسه" كما يدّعي ويسرّب، إذ لا خوف أمنياً عليه خاصة من أخصامه السياسيين في لبنان. لكن لا بأس في أخذ الحيطة والحذر من حلفائه لا سيما الدوليين منهم، الذين يتربصون بالبلد لإحداث فتنة فيه، مثلما حاولوا سابقاً من خلال اغتيال والده عام 2005. لا بأس في أن يبقى الحريري في الخارج في هذه الظروف الصعبة.. ولا بأس في حجب إشعاعاته الفكرية وذكائه لفترة عن لبنان.

الغياب القسري للحريري لم يبعده عن "قيادة النضال" في سبيل تخريب الأوضاع في سورية التي يمد جماعاتها المسلحة بالمال والسلاح عبر البوابة اللبنانية، ومن المناطق المرتبطة به مالياً وحزبياً، سعياً لتغيير الواقع الذي يعتبره مسؤولاً عن فقدانه لسلطاته وإرثه السياسي. كذلك، فهو لا يستطيع أن ينفصل عن توجيهات من أراد أن يجعل منه رقماً صعباً في المعادلة اللبنانية التي أثبت فشله في فهم تعقيداتها. إلا أن العمل فيها يصبح تفصيلياً في الصراع الدائر في المنطقة الذي لا يستطيع الحريري ولوجه إلا من خلال الأجهزة التي تحاول إدارته إن في الولايات المتحدة أو حتى في "إسرائيل".

لم تنفصل حركة الحريري السياسية عن منظومة كاملة تعمل في لبنان وانطلاقاً في المنطقة لا سيما حيال الأوضاع في سورية، ولو أن دوره فيها ضئيل لأسباب شخصية تتعلق بمستواه الفكري وتجربته السياسية الضحلة. لكن شريكيه الإستراتيجيين سمير جعجع ووليد جنبلاط اللذين يعملان بهدوء على "صوغ المستقبل" باعتماد أسلوب الحرب الناعمة، يعوّضان غياب شريكهما على المستويين اللبناني والإقليمي. فمن إدارة الحريري الباريسية لتحركات "المستقبل" على الحدود الشمالية للبنان، إلى تحرّك جعجع باتجاه كردستان العراق في حركة تسويق سياسي لدور أقلّي ينسجم مع أكثرية كردية على مستوى إقليم كردستان، تبدو حركة جنبلاط تميل الى حليفيه بعد زيارته الأخيرة الى قطر وإطلاقه عيارات باتجاه حزب الله وأمينه العام، قبل أن يعود ليسحب كلامه كالعادة. إلا أن ذلك كان غير ذي أهمية قياساً على تصريحاته بشأن دعم الجماعات المسلحة التي تقتل الناس في سورية.

يبدو مشهد التحالف الحريري- الجعجعي- الجنبلاطي واضحاً ومنسّقاً الى أبعد الحدود على المستويين الدولي والإقليمي حيال تطورات الأوضاع في المنطقة، ولا سيما تجاه الحوادث في سورية.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.