تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

لا عروبة للقدس إذا لم يبقَ أبناؤها فيها

 

رئيس تحرير مجلة البيادر المقدسية : جاك خزمو

 

في السابع من حزيران عام 1967، وكان يوم أربعاء، استطاعت القوات الاسرائيلية احتلال القدس القديمة عبر مداهمتها من باب الاسباط، وبعد أسابيع محدودة أعلنت اسرائيل عن ضم هذه المدينة وما حولها إلى اسرائيل، واعتبرتها مدينة محررة وموحدة والعاصمة الأبدية لدولة اسرائيل.

 

ولدى ضم القدس تم منح أبناء القدس العربية بطاقة الهوية الزرقاء، ولم يدرك ابن القدس وقتها، أن هذه البطاقة ليست لتأكيد مواطنته لمدينته ومسقط رأسه، بل هي لسلب المواطنة، ولاعتباره "أجنبياً" حسب قوانين عام 1952، وأصبح أبناء القدس يخضعون لقانون دخول الأجانب للبلاد، أي أن أصحاب المدينة الأصليين أصبحوا غرباء، وحتى أن الأجنبي الذي يحمل جواز سفر لدولة غربية أو اوروبية قد يتمتع بحقوق أفضل من المواطن الأساسي للمدينة.

 

ولم يكتشف المواطن المقدسي أن اسرائيل بدأت تسن القوانين تلو الأخرى من أجل تفريغ المدينة من سكانها الأساسيين، وكان جل الإهتمام بمواجهة سياسة التهويد العامة من مصادرة للأرض، وبناء المستوطنات، وفرض القوانين الاسرائيلية على أبناء المدينة. ومع مرور الوقت بدأ المواطن يشعر بأن اسرائيل تعدّ له المؤامرات والمخططات لمصادرة بطاقة الهوية تنفيذاً وتطبيقاً لقوانين إتخذتها ولم تعلن عنها، حتى أن المواطن لم يعلم بها إلا بعد سنوات من إصدارها.

 

حسب القانون الاسرائيلي فإن أي مواطن يحمل البطاقة الشخصية الزرقاء المرتبط أو المرتبطة بمواطن أو مواطنة من أبناء الضفة أو من الخارج كان يستطيع الحصول على جمع شمل. وتغيّر القانون على أن إبن القدس الذكر هو الذي يستطيع جمع شمل زوجته سواء أكانت من الضفة أو القطاع أو من الخارج.. وتبدل القانون وجمّد قانون جمع الشمل منذ عام 2002. وكذلك لم يعرف المواطن المقدسي أن هناك قانوناً ينص على أن من يقيم مدة سبع سنوات خارج حدود مدينة القدس أو خارج اسرائيل (الضفة والقطاع كذلك تعتبران من مناطق خارج اسرائيل) يفقد حق الإقامة في القدس. وهذا القانون صدر في أوسط السبعينات ولكنه لم ينفذ إلا بعد اتفاقيات اوسلو.. وخسر حوالي 14 ألف مواطن حتى الآن حق الإقامة في مدينتهم القدس.

 

وتطورت السياسة في إتخاذ قرارات وإصدار أوامر بإبعاد مواطنين عن القدس العربية لنشاطهم السياسي المعادي لاسرائيل ومنهم عضوا المجلس التشريعي لحماس من أبناء القدس العربية.

من هنا يمكن القول أن الإحجار الحيّة مستهدفة تماما كما هي الأحجار العادية الطاهرة مثل المقدسات المسيحية والإسلامية، ولكن ليس هناك من مسؤول يتحدث عن معاناة الأحجار الحيّة بتاتاً، فكلهم يتحدثون ويتناولون العقارات والممتلكات ومصادرة الأراضي وبناء المستوطنات، وليس هناك إهتمام  كبير وبمستوى المسؤولية لمواجهة السياسة الاسرائيلية المناوئة للمواطن، والتي صادرت حقوقه المشروعة والعادلة في الاقامة الدائمة الحرة على أرض وطنه، وأرض مدينته مسقط رأسه.. لا نجد من يتحدث ضد هذه القوانين الجائرة، ولا أحد يطالب بإيقافها ووضع حد لها.. الكل يتحدثون عن أن القدس في خطر، وجميعهم يتعاطفون مع القدس ويحذرون من سياسة التهويد، وبعضهم يستخدمها "شماعة" لتحقيق مآرب خاصة وشخصية بهم..

 

لا بدّ من إثارة موضوع القوانين الجائرة، ولا بدّ من أن يكون المطلب الفلسطيني قبل التوجه أو العودة للمفاوضات مع الجانب الاسرائيلي هو تجميد كل هذه القوانين إضافة إلى تجميد الاستيطان، إذ أن الاستيطان يأكل الأرض في حين أن القوانين الاسرائيلية الجائرة تنهش بالوجود البشري، وتسعى إلى تفريغ المدينة من سكانها.

 

لا نريد مساعدات مالية، ولا بيانات، بل نريد تحركاً عربياً ودولياً، وحملة واسعة ضد هذه القوانين الجائرة، نريد من المؤسسات الحقوقية في العالم كله أن تعمل على تجميد هذه القوانين، واجبار اسرائيل على منح المواطن المقدسي حقه الكامل في الإقامة بكل حرية ومن دون قيود وعوائق.

 

إنني أناشد وأطالب كل من هو معني بالأمر، وخاصة في القيادة الفلسطينية، الإهتمام بالإنسان قبل الاستيطان، وأن تشن حملة عالمية واسعة ضد هذه القوانين لإلغائها، وخاصة القوانين التي كلها تمس حقوق الإنسان في حين أن اسرائيل تدّعي أنها دولة ديمقراطية، ولكن ليس لكل المواطنين، وليس لكل القاطنين فيها.

 

المطلوب العمل السريع، والمطلوب ألا نتغاضى عن هذا الموضوع المهم جداً، لأن صمود القدس يكون بوجود مواطنيها، وان لا عروبة للقدس إذا لم يبق أبناؤها فيها..

آمل أن يلقى هذا النداء أو الطلب آذاناً عربية ودولية صاغية.. فالقدس بحاجة إلى وقفة لمناصرة أهلها قبل مناصرة أراضيها ومبانيها.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.