تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

إنى اتهم ...هؤلاء هم الذين يحرقون قلب مصر الان !!

بقلم د . رفعت سيد أحمد

لماذا لا نكون أكثر صراحة عند الحديث عن " الحريق " الذى يأكل قلب مصر فى شارع القصر العينى ؟ لماذا هذا التيه وتلك (اللخبطة) المتعمدة فى توجيه الاتهام للجهة المسئولة عن دماء مئات الشهداء والجرحى ، والحرائق التى التهمت 400 ألف وثيقة وكتاب نادر فى المجمع العلمى ومجلسى الشعب والوزراء ؟ لماذا يتراوح اتهامنا دائماً بين (طرف ثالث) داخلى أو خارجى دائماً مجهول ، أو مجلس عسكرى استمرأ الحكم ويريد (حادث منشية) جديد ، ليبقى فى نعيم السلطة ؟ ولماذا أحياناً نتهم الشباب الثائر و(التائه) فى الوقت ذاته ، وإلصاق الجريمة به وحده؟ .

* لماذا ؟! أليس هناك مجرم آخر ؟!

سؤال اسمحوا لنا بأن نطرح بصدده هذه الإجابات التى نتصور أنها جديدة أو لنقل أكثر صراحة :

فأولاً : نحن نتهم كل أطراف اللعبة السياسية الراهنة بأنهم يقفون خلف الحرائق والدماء التى سالت ، بل والتى ستسيل خلال الشهور القادمة ؛ فالجميع شارك بدرجة أو بأخرى فى الوصول بمصر إلى هذه النتيجة ، وهنا نقول أن ثمة فارقاً ينبغى أن يكون واضحاً حيث هناك فارق بين (الاتهام التنفيذى) للجريمة  الذى يعنى بضعة ضباط أو شباب أو بلطجية قاموا بالقتل والإحراق ، وبين (الاتهام السياسى) ، والذى يعنى المسئولية السياسية وليس الجنائية عن الأحداث وهنا نحن نتهم وبصراحة أربعة أطراف مباشرة .

ثانياً : أطراف المسئولية السياسية عن حرائق شارع القصر العينى :

الطرف الأول : هو الادوار و الأموال القطرية والسعودية وأموال السفارة الأمريكية وهى أموال وأدوار تختلف فى الشكل والحجم (3 – 5 مليار دولار من الخليج) و(500 مليون دولار من واشنطن منذ الثورة فقط) ، ولكنها تتفق فى المضمون والهدف ؛ وهو إفشال الثورة المصرية وتفكيك مصر وإنهاء دورها القومى . أما الطرف الثانى : فهو المجلس العسكرى ومستشارى السوء الذين اختارهم واستمع إليهم منذ 11 فبراير وحتى اليوم (20/11/2011) سواء كانوا نخبة سياسية طامحة فى الوجاهة والمناصب (مثل المجلس الاستشارى وأغلب من جلس معهم أو استدعاهم كالتلاميذ من المثقفين والساسة) أو من هيئات قانونية أو غيرها ، أما الطرف الثالث فهى جماعة الإخوان المسلمين والتيار الوهابى الذى يسمى-اعلاميا- خطأ بالتيار السلفى ؛ فى اختطاف واضح للمصطلح الذى لا علاقة لهم به فهم وهابيون متسعودون يحملون فقه البداوة كما كان يسميه العلامة الراحل الشيخ محمد الغزالى  ولا علاقة لهم بالسلف الصالح. أما الطرف الرابع فهى النخبة اليسارية والقومية والليبرالية التى قبلت ان تشارك فى الفخ السياسى المنصوب للثورة  للحيلولة دون  انتصارها  النهائى على ثالوث الفقر والاستبداد والتبعية،فقامت بالمشاركة فى التغطية على عمليات السرقة المنظمة لها ، والتى كانت أحدث حلقاتها المشاركة فى الانتخابات البرلمانية رغم علمهم بأنها أقرب إلى (الانتخابات المسلوقة) وغير الديمقراطية ، والتى لعب المال القطرى والسعودى والأمريكى الدور الرئيسى فيها ، انتخابات يعلم الخبراء ، كما الشعب الغلبان ، أنه لم يتم تجهيز وإعداد البلاد لها ، ولم يتم ترتيب أوضاع شباب الثورة وجمهورها الحقيقى الذى ضحى بالنفس (850 شهيداً و12 ألف جريح) فى سبيل أن تنتصر، وشاركوا كلهم فى (الفخ الكبير) الذى فاز فيه من لم يشارك فى الثورة ، وقطف الثمار من كان عدواً لها؛ وذلك لأنه ، منذ زمن بعيد كان قد أتقن (لعبة الانتخابات) فقط ، فالحكاية لم تكن أن الشعب المصرى العظيم قد اختار بحرية وديمقراطية ، أبداً ، الشعب اختار تحت قصف أيديولوجى واستقطاب دينى (مسيحى / مسلم) وتحت ضغط قوة المال والإعلام ، وذهب وفق قواعد للعبة لا علاقة لها بالديمقراطية الحقيقية .

ثالثاً : كان المنطقى بعد ظهور النتائج وبعد كل هذا التشوه والسرقة المنظمة (الديمقراطية شكلاً) للثورة (وأهدافها فى تصفية نظام الفساد والاستبداد والتبعية) وبعد أن رأى جمهور الثورة العشوائى الذى بلا قيادة حقيقية ، ثورته تسرق ، وبعد أن شعر - بقلبه -وبدون حاجة إلى طرف ثالث أو برامج توك شو أو محرض ،أن هذه العملية الانتخابية المسلوقة والمتعجلة والممولة قطرياً – وسعودياً وأمريكياً ، سوف تنهى وبدون رجعة ، ثورته ، قام ثانية بالانتفاضة ، قام ، ولكن بعشوائية أقرب للانتحار منها إلى الثورة ، فأحرق (المجمع العلمى) ومجلسى الشعب والوزراء فى رسالة رمزية شديدة التركيز والدلالة ثم أحرق نفسه أيضاً ، ليرسل للجميع وخاصة (الإخوان والوهابيين ورعاتهم الخليجيين) برقيته الاخيرة:أن سرقتكم (بالديمقراطية !!) للانتخابات وللقرار التشريعى والسياسى لن تمر إلا على جثثهم ، حتى ولو كانت جثة الوطن أيضاً هى الضحية الثانية ، ولأن الغرور الإخوانى والسلفى (الوهابى!!) ، لم يراعى أدباً أو توضعاً أو رحمة فى أثناء سرقته المنظمة للانتخابات سرقة الانتخابات والثورة ، ولان المجلس العسكرى والنخبة المنافقة  استعجلت تقاسم التورتة(التى هى هنا جثة الوطن) لذا كانت الحرائق والدماء .. والمخيف فى المشهد كله ، أنه لن يكون الأخير – للأسف - ولكنه سيتكرر خلال الشهور القادمة ، كلما اقترب التيار الوهابى والمتأمرك من حكم مصر وبناء عليه ، دعونا نقولها بصراحة ، إذا ما استمر هذا التيار سادراً فى غيه ، رافضاً إشراك الجميع معه فى (الغنيمة) – كما يتصورها – فليتوقع مزيداً من الحرائق ، والدماء والجثث ، والتى ربما تصل إلى عنق  رعاته وأولى أمره من الخليجيين والأمريكان وسفاراتهم فى مصر ، إن الأمر إذن ذاهب إلى الفوضى ، والتى من بين سماتها أن يطال " شررها " الجميع وليقولوا على مصر وثورتها ،  وقتها،السلام ؛ ولا حول ولا قوة إلا بالله .

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.