تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عروض تكشف طبيعة عارضيها!!

خاص/محطة أخبار سورية

 

قبل أربع سنوات تقريباً، وأثناء الانتخابات الأمريكية السابقة، وخلال حملة الديمقراطيين لتسمية مرشحهم لتمثيل الحزب، كان باراك أوباما الرئيس الأمريكي الحالي وهيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الحالية، يتنافسان للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي. وفي غمرة المنافسة، دعت السيدة كلينتون منافسها أوباما للانسحاب مقابل أن تؤّمن له منصباً مهماً عندما تصبح رئيسة الولايات المتحدة. بالطبع رفض السيد أوباما عرض هيلاري لأن استطلاعات الرأي كانت تشير إلى تساوي حظوظهما أو ربما تميل لصالحه!! واستغرب الرجل العرض لأنه يعكس حالة غريبة، وهو على حق. فكيف لمرشح أن يطلب من منافسه الانسحاب بحجة أنه هو الذي سيفوز مع أنّ الآخر هو المتقدم. وطبعاً تقدم أوباما وفاز بالانتخابات وانتخب رئيساً للولايات المتحدة ورضيت السيدة كلينتون بجائزة ترضية وصارت وزيرة للخارجية الأمريكية.

وما دعا إلى هذه المقدمة هو ما نسبته صحيفة (الحياة 10/12/2011) إلى  مستشار الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، السيد خالد الهباس، الذي قال إن "هناك محاولات لإقناع الرئيس بشار الأسد بالتنحي عن الحكم مقابل إيجاد منفى آمن له ولعائلته". وأشار الهباس إلى أن "الجامعة العربية ليست طرفا في المحاولات، لكنها أحيطت علما بها".

وما أعلنه السيد الهباس سابقة خطيرة وغليظة وله دلالات كثيرة وله انعكاساته على العمل العربي والثقة بين الأطراف والدول العربية؛

أولاً، يؤكد الهباس بما لا يقبل الشك تورط الجامعة العربية في الضغوط الكبيرة التي تمارس على سورية لتغيير مواقفها وسياساتها(وإن حاول النأي بنفسه وبالجامعة عن ذلك)، وأن هذه الجامعة وأطراف عرب آخرين لا يتورعون عن فعل أي شيء للضغط على سورية. ولو كان صادقاً أن الجامعة ليست طرفاً، فالمنطق ألاّ تقبل الجامعة العربية النقاش في مسائل من هذا النوع وهذا ليس أصلا من صلاحياتها. والمنطق أيضاً، أنه حتى لو تم طرح هذا الموضوع من قبل البعض، فيجب على الجامعة رفضه، ويجب على الجامعة ألاّ تخرجه إلى العلن وعلى لسان مسؤول في هذه المؤسسة العربية المفلسة التي يفترض أنها تسهر على استقرار الدول العربية وليس على زعزعة هذا الاستقرار.

وهذا التصريح، إنْ صحّ، ونتوقع أنه صحيحاً، وربما تكشف الأيام المقبلة أبعد من ذلك، يعكس حجم الضغوط والتضليل والتهويل الذي يمارس على القيادة السورية والشعب السوري لضرب ثقته بنفسه وبقيادته وضرب ثقة هذه القيادة بنفسها وتخويفها، ودفعها للتراجع عن سياساتها الإقليمية والدولية. وكأنهم يقولون للرئيس السوري انسحب أو نقتلك(مع أنهم حاولوا ولم يتمكنوا).

ثانياً، إن مروجي هذا الكلام، سواء عن قصد أو عن سوء نية، نسوا أو تجاهلوا أو أرادوا أن يتجاهلوا أن سورية ليست وحدها في هذه المعركة ضدهم وضد مؤامراتهم وخططهم. فالرئيس السوري ليس رئيساً لجزيرة معزولة لا أحد يعرفها تقع في آخر العالم؛ الرئيس السوري هو رئيس دولة قوية محورية في منطقة تقع في قلب العالم. وهذه الدولة التي ما زالت تمارس كامل صلاحياتها ومسؤولياتها، تمتلك من الإمكانات الذاتية والصديقة الرديفة ما يجعلها تقلب الطاولة على رؤوس أعدائها لو أرادت. فسورية جزء من منظومة إقليمية ودولية بدأت تتشكل وهي في طريق الصعود، بينما أعداءها ينتمون إلى منظومة تسير تدريجياً نحو الزوال والأفول، وإن ضجّت فضائياتهم ووسائل إعلامهم بكلّ أنواع التهويل والشتائم.  وعندما يقدّمون عرضاً مثل هذا فإنه يعكس الضيق والفشل الذي أحسّت به السيدة كلينتون عندما قدمت عرضها لمنافسها!!

ثالثاً، إن العرض ومن حمله ومن قدّمه، ومن تحدّث عنه، يبيّن طبيعة هؤلاء الأشخاص الذين يفكرون بطريقة انهزامية انبطاحية. وإذا كان من الممكن فهم أن توجد هذه الطبيعة وهذه الطريقة من التفكير، عند مَن لم يتربى على الوطنية والحسّ الوطني والقومي، وعند من يعتبر الحياة تقوم على الملذات والسهر والعمارات والقصور وأن الوطن جواز سفر أو حقيبة دولارات، أو رحلة مع سمراء على شاطئ خليج أكابولكو، فإنه يجب الانتباه إلى أن الأمر في سورية مختلف. وهؤلاء لا يعرفوا أن الأمر مختلف لأنهم يقيسون الأمور على شاكلتهم وعلى طريقة تفكيرهم وفهمهم وشتان!!

نقول للمرة المليون؛ سورية غير، وشعبها غير الآخرين وكذلك قيادتها وسياستها، ومن يريد أن يتأكد عليه أن ينتظر الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة، مع أن عمر الدول يقاس عادة بالعقود والقرون وليس بالأيام الأسابيع!!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.