تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

فى انتظار ثورة جديدة:البرلمان المصري القادم بين (الوهابية) و(الحمزاوية) !!

   بقلم د . رفعت سيد أحمد

* يكاد يجمع المراقبون على المرحلة الأولى على أن نتائج الانتخابات البرلمانية ، سوف تتكرر فى المرحلتين التاليتين ، وستفوز نفس القوائم بنفس النسب تقريباً أى أننا سنكون أمام برلمان أغلبه (حوالى 60%) من الاتجاه الإسلامى ، والباقى يتوزع على الكتلة المصرية وبعض الفلول ، ورغم أننى لست من أنصار هذا التصور ، وأضع احتمالات أن تأتى الانتخابات فى المرحلتين القادمتين بنتائج مختلفة ، إلا أننا سنساير الاتجاه العام للمراقبين ، وسنفترض أن الأمور ذاهبة إلى ذات النتائج ، وهو الأمر الذى يدفعنا إلى تسجيل الآتى بعد ظهور نتائج المقاعد الفردية واكتمال مشهد المرحلة الأولى :

أولاً : ينبغى بداية أن نؤكد أن الذى انتصر فى الجولة الأولى ليس التيار الإسلامى أو السلفى بل التيار الوهابى تحديداً لأننا كلنا نقتضى بالسلف الصالح ، أما هؤلاء فيقتدون بمحمد بن عبد الوهاب وبفقه البداوة السعودى شديد التخلف والتعصب ؛ وهم اختطفوا مصطلح "السلفية" اختطافاً ، والأدق هو تسميته بالوهابية ، على أية حال ، سنتجاوز مؤقتاً المسميات ونقول أن انتصار هذا التيار بجناحيه الإخوانى و(السلفى) ؛ ليس نتيجة الديمقراطية أو فهم الناس لبرامج هذه القوى السياسية ، لأن أحداً لم يقرأ برامجهم أصلاً ، لقد نجحوا لأسباب أخرى منها كراهية الناس للتجارب السياسية الحاكمة السابقة ورغبتهم فى التغيير ، وتصورهم – الذى ستثبت الأيام خطأه – أن هؤلاء الوهابيين يحملون مفتاح سحرى لحل مشاكلهم ؛ هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى كان للدعم السعودى والقطرى (3 مليار دولار على الأقل) منذ اندلاع الثورة حتى اليوم وهو دعم هدف إلى تشويه الثورة و(سعودتها) حتى لا تنتقل إلى بلادهم المستبدة ، وقصد أيضاً سرقة الثورة عبر رجالهم فى مصر ، لعب هذا المال الحرام دوراً رئيسياً فى انتشار ونجاح هذا التيار ، بالإضافة إلى قدرته على الحشد واستخدامه للاستقطاب الطائفى (مسلم – مسيحى) فى الدعاية الانتخابية وغيرها من العوامل الاجتماعية والسياسية الأخرى .

ثانياً : من القوى الأخرى التى ستتقاسم البرلمان القادم مع التيار الوهابى بجناحيه (الاخوانى – السلفى) ؛ الجماعات المتأمركة التى تدعى الليبرالية والتى سطت على الثورة ليلة 25 يناير ولم يكن لها تاريخ سابق فى النضال ضد النظام المخلوع ، بل على العكس كانت تسير فى ركابه ، وهى قوى دفعتها واشنطن دفعاً ، بالإعلام والمال ، والإلحاح الدعائى ، لتتصدر المشهد السياسى ويكون لها موضع قدم فى بناء مصر القادمة ، هؤلاء دخل فريق منهم البرلمان ليتقاسم جثة (أو تورتة) الثورة مع الفريق الوهابى ، ولعل المدعو / عمرو حمزاوى هو خير ممثل لهذا التيار المتأمرك ، وهو (فتى) جاء لنا بلا تاريخ نضالى سابق ، واستطاع عبر الدعم الإعلامى القوى أن يحشر نفسه داخل النخبة ، وأن ينجح فى دخول البرلمان ، رغم علاقاته الأمريكية والغربية المثيرة لعشرات من علامات الاستفهام ، ورغم آراءه السياسية والدينية المخالفة للرأى العام ، سواء ما اتصل منها بالموقف من إسرائيل وقبوله بكامب ديفيد ، أو بالموقف من الإسلام وحقوق المرأة ، وهذا ليس غريباً على من جاء من (معهد كارينجى للسلام) ذو الصلات الوثيقة بتل أبيب وواشنطن ، ورئيسه رجل المخابرات الأردنى المعروف مروان المعشر سفير الأردن الأسبق فى تل أبيب ، والذى يعد المهندس السرى للعلاقات الأردنية – الإسرائيلية ، وهو معهد كان (حمزاوى) كبيراً للباحثين فيه (!!) أتى إلينا (حمزاوى) ليخترق النخبة والمجتمع وللأسف انخدع – ولايزال – فيه الكثيرون ، مثله مثل هذا التيار الوهابى البعيد عن الإسلامى الوسطى ، إسلام الأزهر الذى يؤمن به الشعب المصرى ويحبه ، جاء (حمزاوى) وأمثاله ليشكلوا (البرلمان القادم) ، فى سرقة واضحة للثورة ، وفى اغتيال كامل لها وكله باسم الديمقراطية ، وهى بالطبع براء مما يجرى .

ثالثاً : أما باقى القوى التى ستشكل البرلمان وفقاً لنتائج المرحلة الأولى فهى القوى الاسلامية و الليبرالية الوطنية والقومية واليسارية المحترمة وهى بمثابة أقلية صغيرة جداً قياساً بتيار (الوهابية) و(الحمزاوية)،وهى قوى لن تستطيع أن تفعل شيئاً مع برلمان مشوه بهذا الشكل،برلمان قطعاً لا يعبر عن الثورة ومطالبها فى الحرية والكرامة والعدالة والعداء للعدو الصهيونى-الأمريكى.

* إذن ..

مصر مقبلة – للأسف – على أيام صعبة ، والبعض يراها (أياماً سوداء) ؛ ولكننا نرى أنه رغم هذه الصعوبة وتلك السوداوية فإن بقاء (ميدان التحرير) ، كقيمة ورمز وكقوى شعبية لم تمثل فى البرلمان القادم ؛ يعد فى تقديرنا هو الضمانة الأكبر لعودة الثورة مجدداً ، ولانفجارها المتوقع ، والذى أظنه قريب ، بعد أن يفشل الخيار السياسى والاقتصادى للقوى التى خطفت برلمان الثورة ، القوى الوهابية والحمزاوية ، وإذا ما انطلقت الثورة الجديدة القادمة وأظن أنها ستنطلق بعد أقل من عام ، فأعتقد جازماً أنها ستكون ثورة أكثر جذرية من ثورة يناير ، وربما أكثر كلفة وتضحية لأن شبكة أعدائها هذه المرة سيكونون أكبر عدداوأكثر نفيراً ، حيث ستواجه الثورة تحالف ثلاثى من( العسكر والوهابية والحمزاوية الأمريكية) ولكنها رغم هذه الصعوبات ستنتصر ؛ لأن هذا ليس " خيارها " فحسب بل (قدرها) ؛ وإن غداً لناظره قريب .

 

أتفق مع الدكتور رفعت سيد أحمد بأن مصر مقبلة على مرحلة صعبة وفي تقديري هي أصعب من مرحلة مبارك .. الحمزاوية هي التيار الموالي للمشروع الأمريكي وهل الوهابية لا تنتمي لنفس التيار؟ نحن أمام منظومتين أخلاقيتين مختلفتين ولسنا أمام منظومتين مختلفتين سياسيا. الإخوان المسلمين والسلفين تنظيمات ليبرالية تستخدم الدين. ولكنني متفائل مثله فالثورة وإن لم تنجح بعد، إلا أنها مستمرة وستظل مستمرة إلى أن تنتصر.

عزت هلال


 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.