تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

لماذا تقف روسيا بثبات الى جانب سورية

 

 

المراهنة على الموقف الروسي تجاه الأحداث الجارية في سورية، أو تجاه المؤامرة المحاكة ضد هذا القطر العربي المهم في منطقة الشرق الأوسط، يعتبرها بعض المراقبين بأنها مغامرة أو مقامرة خطيرة، لأن هذا الموقف قد يتغير ويتبدل مستقبلاً، وستُمنى سورية بخيبة أمل.

 

سورية لا تراهن ولا تغامر ولا تقامر، إذ أن العلاقة السورية الروسية قوية ومتينة وصلبة جداً، ومبنية على الاحترام المتبادل، وعلى حلف قوي، وعلى مصالح متبادلة مشتركة.. وهذه المصالح لا تتغير ولا تتبدل إذ أن سورية من الدول القليلة في منطقة الشرق الأوسط كانت وفية في علاقتها مع روسيا، والروس مضطرون للحفاظ على هذه العلاقة بسبب المصالح، وبسبب الأمن القومي الروسي ذاته.

 

قد يتساءل أحدهم: ما علاقة الامن القومي الروسي بما يجري في سورية؟ والاجابة، هناك علاقة قوية، ولذلك فإن هذه العلاقة هي التي تجبر روسيا على الحفاظ على ثبات موقفها، وهي التي تؤكد أيضاً أن روسيا لا تعمل فقط للدفاع عن مصالحها في الشرق الأوسط، بل تدافع وتحافظ على أمنها القومي، ولا تريد أحداً أن يمسه أو يعرضه للخطر.

 

 

 

دفاعاً عن الأمن القومي الروسي

 

كيف يمكن الدفاع عن الأمن القومي السوري من خلال "الدفاع" عن "الحقيقة" في سورية؟

 

الإجابة تكمن في الاعتماد على بعض الحقائق التي يجب ألا تغيب عن البال وهي:-

 

·        التأكد الروسي بأن ما يحدث في سورية هو مؤامرة تقف وراءها جهات معادية لسورية، ولروسيا أيضاً، وتريد تدمير سورية، وليس هدفها الاصلاح أو تحقيق الديمقراطية إذ أن الرئيس بشار الأسد جاد في تحقيق الاصلاح إلى أبعد الحدود، لكن هناك معارضة مسلحة ممولة من قبل الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، إضافة إلى بعض الدول الخليجية المتذيلة جداً للسياسة الاميركية.

 

·        معرفة روسيا بأن هناك جهوداً مضنية يبذلها كثيرون لاستبدال نظام الحكم في سورية بنظام حكم "إسلامي" موالٍ للغرب، وأن قادة الاخوان المسلمين في سورية يتحالفون مع قوة خارجية عديدة للوصول إلى سدة الحكم. واذا سيطر الاخوان المسلمون على سورية، فإن الوضع سيكون خطيراً على روسيا في المدى القريب وليس البعيد.

 

·        حاولت روسيا التوسط بين المعارضة والنظام في سورية، وتبين لها أن هناك عدة معارضات منها الوطنية، ومنها غير الوطنية، وان هذه المعارضة غير الوطنية المدعومة من الخارج تريد تدمير سورية، ولا تريد الخير لهذا البلد لانها جزء من هذه المؤامرة الخطيرة ضد سورية.

 

أي أن المطلوب هو قلب نظام الحكم، واستبداله بحكم "رجعي" تحت يافطة "إسلام سياسي" موالٍ للغرب، وموالٍ للسياسة الاميركية في منطقة الشرق الأوسط. وهذا يشكل خطراً على روسيا ولكن كيف يكون ذلك.

 

هناك حقيقة واضحة لروسيا الفيدرالية وهي أن هناك تسع جمهوريات ذات أغلبية اسلامية، وإذا انتقلت الأحداث إلى هذه الجمهوريات، وتحولّت إلى أنظمة "اسلامية" فإنها ستثير أيضاً الوضع مجدداً في "الشيشان"، وهي إحدى الدول التي هي في إطار حكم ذاتي وفي اتحاد فيدرالي مع روسيا، وعلى شاكلة الشيشان هناك أربع كيانات ذاتية مستقلة ولكنها متحدة فيدرالياً مع روسيا، وفي احد هذه الكيانات هناك مصفاة بترول عملاقة تقوم بتصفية وتكرير 500 ألف برميل من النفط يومياً.. وإذا تحوّلت إلى نظام حكم معادٍ لروسيا، فإن ذلك يشكل خطراً قومياً كبيراً على روسيا ذاتها، فينتقل الخطر إلى الحدود الروسية، وحتى في داخل روسيا الفيدرالية، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن روسيا تعتمد على إنتاج النفط في دعم اقتصادها القومي، وأي مساس به سيضع روسيا في مأزق..

 

تركيا هي الخطر على روسيا

 

تدرك القيادة الروسية أن تركيا بنظامها "الاسلامي السياسي" المغلّف بالديمقراطية هو جزء من تيار الاخوان المسلمين وهو نظام موالٍ للغرب، وكذلك على أراضيه قواعد عسكرية أميركية، ومؤخراً وافقت تركيا على السماح "للناتو" ولاميركا بنشر منصات وقواعد للصواريخ الرادعة الموجهة لكل من روسيا وايران والصين في إطار وضع درع صاروخي بحجة حماية اوروبا..

 

وتعرف القيادة الروسية أن رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان يسعى لنشر الفكر الاسلامي في العديد من العواصم العربية، وها هي تونس ستحكم إلى حد ما من قبل الإخوان المسلمين، وليبيا هي تحت رحمة الإخوان المسلمين الموالين للغرب. وهناك جهود لتعزيز وجود هذا التيار الديني "المعتدل" في مصر أيضاً.

 

أي أن تركيا تشكل خطراً كبيراً على روسيا في حال توسع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، إذ أنها ستسعى إلى نقل هذه النفوذ إلى الجمهوريات المحيطة أو القريبة لروسيا، وهذا ما ترفضه روسيا، وحذرة منه، وتحاول منع وقوعه.

 

من هنا إذا فشلت المؤامرة على سورية، فإن ذيولها لن تنعكس على روسيا، وما يحيط بها، وإذا نجحت، وهذا أمر مستبعد، فإن روسيا ستكون في خطر قومي كبير.

 

لذلك تعمل روسيا على منع المؤامرة من النجاح، وتؤيد النظام السوري في مواقفه وفي مواجهته لهذه المؤامرة، وهي تريد حلاً هادئاً للوضع في سورية حتى لا تكون له تداعيات خطيرة تصل إلى روسيا ذاتها.

 

كما أن وقوف روسيا إلى جانب سورية ضد الاخوان المسلمين المتحالفين مع الغرب هو دفاع عن روسيا ذاتها وليس دفاعاً عن سورية فقط.

 

ومن هنا يمكن القول أن روسيا لن تضحي بأمنها القومي، لذلك فموقفها الداعم لسورية سيبقى ثابتاً، وبالتالي فإن مجلس الامن لن يستطيع تمرير أي قرار خطير ضد سورية، وان التدخل العسكري الخارجي في الشأن السوري هو أمر خطير لن تسمح به روسيا، لأنه سيشكل خطراً على المنطقة، وعلى مصالح روسيا في المنطقة، وعلى أمنها القومي، وفي حال هذا التدخل العسكري فإن روسيا ستحول موقفها إلى أكثر حزماً وتشدداً ضده، وقد تتخذ إجراءات من شأنها وقف هذا التدخل.

 

 

 

 

                                                                                                    بقلم جاك خزمو

                                                                                         رئيس تحرير مجلة البيادر السياسي

                                                                                                     القدس المحتلة

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.