تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الديار: كيف خططت قطر وتركيا "لإسقاط" النظام السوري

 

محطة أخبار سورية

بعد تقديم وزراء المعارضة اللبنانية استقالتهم من الحكومة بتاريخ 12 كانون الثاني 2011 زار رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان في اليوم التالي دولة قطر واجتمع مع أميرها لبحث الأزمة اللبنانية التي نشبت بعد استقالة المعارضة اللبنانية السابقة و"الوزير الوديعة" عند رئيس الجمهورية الوزير عدنان السيد حسين.

أوساط ديبلوماسية عربية كشفت عن أن الرجلان اتفقا في ذلك الوقت على أن خروج سعد الحريري من رئاسة الحكومة أمر غير مقبول للدولتين، فضلا عن تلقي الطرفين تعليمات أميركية برفض الإطاحة بالحريري ووجوب العمل على إعادته عبر الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد.

واعتبرت الدولتان في ذلك الوقت استقالة وزراء المعارضة من الحكومة اللبنانية ضربة قاضية لإتفاق الدوحة الذي رعته، والذي يشكل النجاح الوحيد لدبلوماسيتها بعد تعثر حلها في اليمن وفي دارفور، واعتبرت سقوط الحريري إنهاء لدورها السياسي والدبلوماسي في المنطقة، بينما كان رجب طيب اردوغان، الساعي إلى الدخول عبر البوابتين الفلسطينية واللبنانية لإظهار نفوذه للولايات المتحدة على دول المنطقة، يشعر أن الأمور تجري دون استشارته.

المصادر تقول إن خطة المسؤولين الأتراك والقطريين بعودة الحريري سقطت برفض أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في تلك الفترة عودة سعد الدين الحريري للقصر الحكومي. هذا الأمر هو أساس الغضب الكبير الذي انتاب أمير قطر ضد الرئيس السوري بشار الأسد والذي تحول إلى حملة شعواء من التحريض الإعلامي تقوم به الجزيرة على مدار الساعة في تغطيتها للحدث السوري، بينما كانت الخسارة التركية كبيرة لدى الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، خصوصا أن تركيا التي عاد لحكمها حزب العدالة والتنمية، أمامها استحقاقات سياسية واقتصادية كبيرة سوف تؤثر على قوتها وتماسكها، على عكس ما يشاع في الإعلام.

فالسياحة التركية معرضة لانخفاض حاد في المداخيل بسبب الأزمة الاقتصادية الأوروبية الحادة بعد أن استفاد الأتراك من قوة اليورو التي جعلت السائح الأوروبي يغير وجهته اليونانية نحو تركيا الأكثر رخصا، كما أن تركيا أمام استحقاق كردي حاسم بعد أن علت الأصوات الكردية متهمة اردوغان بالكذب عليهم طيلة ثماني سنوات، ولا ننسى أن الجبهة مع حزب العمال الكردستاني اشتعلت بعنف الخريف الماضي حيث استعملت تركيا الطائرات الحربية وجنود المشاة في حملة عسكرية شنتها ضد مواقع الحزب الكردي الثائر.

هذه المآزق التركية القادمة أراد أردوغان القفز فوقها وتجنبها عبر الدخول في عملية الضغط على سورية كسبا للغرب، وفي عملية إعادة للعلاقات مع إسرائيل، وهو الذي سوف يحتاج للمال الغربي للاستمرار في الانتعاش الاقتصادي لديه فضلا عن السعي الاستراتيجي الأكبر وهو الحظوة بنفوذ إقليمي يمكنه من فرض نفسه دوليا.

وبحسب المصادر العربية عينها فأن رجب أردوغان وحمد بن خليفة أبلغا الرئيس الأسد أن الأميركيين يريدون عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة فورا، الرئيس السوري لم يمانع ولكنه قال إنه لا يمكن له الضغط على حلفائه اللبنانيين، وخصوصا حزب الله، بعدما أفشل الحريري ورقة الحل السوري السعودي.

أما الحليف الثالث للثنائي التركي - القطري فليس سوى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يسعى لفترة رئاسية ثانية في الانتخابات التي ستجري العام المقبل، وهو الذي يعاني من هبوط في شعبيته لم يشهده رئيس فرنسي خلال فترة رئاسته منذ تأسيس الجمهورية الفرنسية. وقد ارتأى ساركوزي في ركوب موجات الثورات العربية واللعب على موضوع حقوق الإنسان سبيلا لكسب الرأي العام الفرنسي والفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة.

المصادر جزمت بأن الأهداف من "اسقاط" النظام في سورية هي :

- تغيير طبقة الحكام الموالين له والذين استنفدت صلاحيتهم و فعاليتهم لاستبدالهم بطبقة ذات قاعدة شعبية تمكنها من اطلاق دفع جديد لنظام الحكام ـ حراس المصالح الغربية في المنطقة المعتمد غربيا منذ مطلع القرن الفائت في اكثر من دولة عربية.

-التخلص من النظام العربي الممانع والمشكل حلقة الوصل في منظومة المقاومة والممانعة عبر الحاق سورية بمنظومة التبعية العربية المرتهنة للغرب.

-حماية الانظمة التابعة للغرب ومنع المس بها كونها لا زالت قادرة على تقديم الخدمات المطلوبة وخشية ان يؤدي تحريك الوضع فيها الى فقدان السيطرة والتحكم بالحراك.

وبسبب هذا التبيان والتفاوت في الاهداف تعددت سلوكيات الغرب من حيث دعم الحراك او كبحه في هذه الساحة او تلك لكن الذي بدا من السياسة الغربية وبوضوح كلي، الدعم الغربي والسعي لتمكين جماعة "الاخوان المسلمين»" من وضع اليد على الحكم في كل من تونس ومصر وسورية فضلا عن ليبيا ان امكن، قرار اتخذ بعد ان التزمت القيادة العالمية لهذا التنظيم في صفقة تمت مع اميركا وبدفع بريطاني تركي، التزمت باقامة الدولة المدنية متخلية عن شعارها الاساسي الدولة الاسلامية والتحالف الاستراتيجي مع الحلف الاطلسي، بعد الاعتراف ب"اسرائيل"، ثم الانتظام في جبهة المواجهة ضد "منظومة المقاومة" تحت عنوان التصدي "للخطرالفارسي".

و قد كان الشرط الاساسي لنجاح الغرب في هذا المسعى ان تنجح خطة السيطرة على سورية لانها الباب الرئيسي لاقامة "الكيان السياسي - الاخواني" المؤمل به، لكن سورية فاجأت المخطط بقدرتها على التصدي للمؤامرة ووجهت ضربة استراتيجية بليغة للغرب بنجاحها في افشال خطته وازداد حجم الخسارة الغربية بسبب نفاد المهل المتوفرة لاستدارك الفشل، لا تتعدى المهل نهاية العام الحالي، ولن تتعدى شهر اذار المقبل في ابعد تقدير وهي مهل مرتبطة باكثر من ملف اقليمي ودولي بدءا بالعراق، ولبنان، ثم افغانستان والملف النووي الايراني، وصولاً الى التحضيرات للانتخابات في بعض بلدان الغرب، فضلا عن ضرورة اعادة تكوين السلطة في البلدان التي اسقط رؤساؤها.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.