تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ابراهيم الأمين: إسقاط حكومة ميقاتي للضغط على سورية

 

محطة أخبار سورية

لن يتأخر الخارج الناشط في محاصرة سورية في الوصول إلى لبنان لاستخدام ساحته الفعالة من الجوانب كافة. حتى حلفاء التحالف العربي ـ الغربي في لبنان، وهم جماعة 14 آذار، مضافاً إليهم بعض التيارات الإسلامية، يقفون استعداداً لتلقّي إشارة الانطلاق. والساحة في لبنان تعني كل شيء. تعني أولاً ما يجري فيها من نزاع سياسي آخذ في الاتّساع والحدّة في الانقسام، وتعني كذلك حلفاء النظام السوري الذين يفترض أن يكونوا في حالة تعب لمنعهم من مدّ يد العون إلى حليفهم في دمشق، وتعني ساحة لبنان ما يفيد في تحويلها منصّة سياسية وإعلامية وأمنية ضد النظام في سورية. وواضح أن لدى كل طرف حساباته الدقيقة، وهي الحسابات التي توجب في لحظة ليست بعيدة الكشف عن الأوراق المستورة؛ لأن الخارج المستعجل لحصاد في سورية يريد اللعبة مكشوفة على الآخر.

إعلامياً، سيكون هناك ضغط لأجل المزيد من الاصطفاف خلف الجبهة الإسلامية الخارجية التي تقول إن الشعب السوري يواجه شيطاناً يجب خلعه. وبحسب معلومات متداولة، ما عرفته الوسائل الإعلامية المحسوبة على آل الحريري وعلى آل سعود من أزمة مالية خلال السنة الماضية، ستبدأ بالانفراج إلى أن تُخصَّص موازنة إضافية لتوسيع دائرة الحملة، ولتعزيز الحضور السوري المعارض للنظام في وسائل الإعلام اللبنانية. وثمّة جهود خاصّة لإرضاء مَن يجب أن يكون راضياً حتى يكون ضمن فريق الحملة نفسها، مع مساعٍ إضافية لجعل الحملة مزدوجة: ضد النظام في سورية، وضد حلفاء النظام في لبنان.

سياسياً، يراهن فريق 14 آذار بقوة على مهرجان الشمال. هم يعملون بجدية لتوفير حشد شعبي كبير، وقد بدأت ماكينات بالعمل منذ الآن لحشد حضور من بيروت والبقاع وصيدا إلى جانب الحشد الشمالي، مع تعهّد من جانب «القوات اللبنانية» بأن يكون الحضور المسيحي قوياً، وذلك ضمن خطة تهدف إلى القول إن المسيحيين في لبنان لا يخشون سقوط نظام الأسد، وإن ما يقوله العماد ميشال عون، أو الذي يحذّر منه البطريرك بشارة الراعي، لا يعبّر عن موقف المسيحيين اللبنانيين، الداعي إلى دعم الثورات العربية في أي بلد عربي.

الاحتفال الذي يفترض أن يكون ملف تمويل المحكمة الدولية بنداً أساسياً فيه، يجري العمل لأن يكون الرئيس سعد الحريري الخطيب الرئيسي فيه، سواء مباشرة أو حتى عبر شاشة عملاقة، على حد قول أحد المسؤولين في تيار "المستقبل"، وسيكون الموقف سيكون واضحاً في هذا الاحتفال من المسائل الآتية:

ـ إدانة سلاح حزب الله وعدّه سلاحاً غير شرعي، هدفه السيطرة على البلاد وخدمة المشروع الإيراني، والدعوة إلى سحبه وإزالته كعنوان رئيسي لكل المرحلة المقبلة، والغمز أيضاً بأنه يستخدم في سورية دفاعاً عن النظام هناك.

ـ تبنّي الحملة الخارجية على النظام السوري، وإعلان الوقوف الكامل إلى جانب قوى المعارضة السورية، والدعوة إلى أن يبذل اللبنانيون، حكومة أو مجموعات، الدور المطلوب لتوفير الملاذ الآمن لكل المعارضين السوريين أو النازحين من الأراضي السورية باتجاه لبنان، وتحميل الجيش اللبناني وأجهزة الأمن اللبنانية مسؤولية حماية المعارضين السوريين.

ـ الدعوة إلى إسقاط حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والتلويح بحركة سياسية وشعبية إذا رفضت الحكومة تمويل المحكمة الدولية، وتحويل المهرجان ـ وخصوصاً في الشمال ـ إلى عنصر ضغط على رئيس الحكومة لدفعه إلى خيار الاستقالة في حال سقوط مشروع التمويل في الحكومة.

وفي هذا السياق، يبدو أن الخارج الذي يرعى الحملة السياسية والدبلوماسية على النظام في سورية، قد باشر الضغط المباشر من جانبه على الرئيس ميقاتي، وإنْ من خلال ملف المحكمة. وثمّة كلام واضح عن ضرورة إسقاط الحكومة، لا بسبب رفض التمويل، بل باعتبار هذه الحكومة جاءت لخدمة التحالف الذي يمثّل نظام الأسد أحد أعمدته، ولتحويل ملف سقوط الحكومة إلى نوع من الرد المتأخر على قرار إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، ولا بأس أن تترك البلاد في حالة تصريف أعمال حتى موعد الانتخابات النيابية في عام 2013.

كذلك، لن يتوقف العمل لناحية ممارسة الضغط على رئيس الجمهورية ميشال سليمان، بغية دفعه إلى موقف مختلف، أو هو أقرب إلى موقف 14 آذار، وخصوصاً أن هذه الجهة تتهم سليمان منذ تأليف حكومة ميقاتي بأنه بات أكثر انحيازاً إلى فريق الأكثرية الجديدة.

على الصعيد الأمني، يبدو أن الأمر يتعلق أيضاً بحسابات قد تقود لبنان إلى حافة الهاوية، إذا لم تكن الهاوية بعينها، وخصوصاً بعدما صار مقربون من "المستقبل"، ومن قوى إسلامية، يجاهرون بسعيهم إلى "نصرة إخوانهم" في سورية، ليس بالمال والطعام والإيواء، بل أيضاً بما يمكّنهم من "الدفاع عن أنفسهم بوجه النظام القاتل". ويروي إعلاميون أجانب كيف صار سهلاً عليهم الاجتماع بعناصر سوريين معارضين للنظام ويستقرون في منازل اللبنانيين في الشمال وبعض قرى البقاع، وحيث يقومون من هناك بأدوار دعم مختلفة الأشكال للمعارضين في سورية، وخصوصاً في منطقة حمص وغربها. وبعض هؤلاء المعارضين يصرحون بأنهم يحملون السلاح وينقلون السلاح (راجع تقرير "نوفيل أوبسرفاتور" الفرنسية عن مجموعات "الجيش السوري الحر" في عكار).

لذلك، يبدو أن قرار الخارج بتحويل لبنان إلى ساحة إضافية للضغط على النظام في سورية، لا يقف عند تفاصيل من نوع أن لبنان قد يشهد انفجاراً سياسياً وربما غير سياسي إذا قررت جهات الشروع في خطوات عملانية ضد النظام في سورية. لكن حسابات هذا البعض تبدو مطابقة لحسابات الخارج؛ لأن هؤلاء ـ وفي مقدمهم تيار "المستقبل" و"القوات اللبنانية" ــ يعوّلون كثيراً على التغيير في سورية كمدخل ضروري لاستعادة ما يعتقدون أنه الحق الحصري لهم في السلطة.

ويراهن الطرفان على أن جهات أخرى، ولا سيما النائب وليد جنبلاط، لن تكون بعيدة عنهما، وإن كانت غير مستعدة الآن للتورط بما يتعدى المواقف السياسية. لكن فريق 14 آذار، بقديمه وببقاياه، يرى أن المعركة على سورية هي المعركة الفاصلة التي تحسم المستقبل السياسي لهذا الفريق في لبنان وخارجه.

ترى، هل لحلفاء النظام السوري في لبنان خطة مواجهة؟ .

 

الأخبار

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.