تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الخازن: موقف الأسد من المبادرة العربية بالغ الحكمة

 

محطة أخبار سورية

حسنًا فعل الرئيس بشار الأسد بتجاوبه مع مبادرة الجامعة العربية بعدما حاولت أطراف إقليمية ودولية إيصالها إلى نقطة التدخّل، من خلال مجلس الأمن.

فالرئيس الأسد، الذي عرف في مناسبات سابقة كيف يخرج من الضغوط الدولية أقوى، بالتفاف الغالبية السورية والجيش حوله، استطاع هذه المرة أن يُسقط كل محاولات التفجير التي استهدفت سورية، في سياق التدخّلات الدولية لاستبدال "سايكس بيكو" القديم بنسخة جديدة وطبعة أجنبية لتغيير المعادلات التي تضعف قلعة الصمود السورية، للعبور إلى دول عربية تقف حائرة، وعاجزة عن الإستجابة لمطالب شعوبها.

لقد بادر الرئيس بشار الأسد، منذ اللحظة الأولى لقيام التظاهرات في درعا، إلى تلقّف المطالب الشعبية، التي تنسجم أصلاً مع تطلّعاته، وتفعيل الحياة السياسية والإنعاش الإقتصادي، فحقّق في السنتين الأوليين من عهده، خطوات متقدّمة على الصعيد الإقتصادي والإجتماعي، ولم يتمكّن بعدها من إكمال مسيرة الإصلاح كما توخى، نظرًا للظروف التي عصفت في المنطقة، وخصوصًا في الحرب الأميركية على العراق عام 2003.

فقد اضطرّ الرئيس الأسد إلى الوقوف بشدة وبحدّة في وجه هذه الحرب، مِمّا إضطرّ الإدارة الأميركية برئاسة بوش الإبن، إلى إيفاد وزير الخارجية كولن باول، حاملاً سلة من الإملاءات العشر الشهيرة.

ولم تفت هذه الإندفاعة الهوجاء من عضد الرئيس بشار الأسد، فظلّ على موقفه المعارض لتلك الحرب، وتعرّض جراءها لسلسلة من التهويلات العسكرية والضغوط السياسية التي بلغت ذروتها عام 2005، عند إتهام النظام السوري، بحكم وصايته على لبنان، بإغتيال الرئيس رفيق الحريري.

وسرعان ما انقشعت هذه الغمامة السوداء، التي خيّمت على علاقات لبنان وسورية، نتيجة هذا الإفتراء، عندما أعلنت المحكمة براءة الضباط الأربعة، بعد قضائهم فترة توقيف دامت قرابة الأربع سنوات!

وبرغم إستغلال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وحثّها من خلال تزويدها بمعلومات مغرضة لإتهام حزب الله، وتعميم زورها في وسائل إعلامية مثل "الفيغارو" الفرنسية و" دير شبيغل" الألمانية، إلاّ أن هذه الحيلة الجديدة لم تعد تنطلي على أحد، بعد إعلان مارتن يوسف تلقّي مكتب المدّعي العام بلمار، المعتكف لاشتداد مرضه، في كندا، من مسؤول سابق في المحكمة الخاصة بيوغوسلافيا، مذكّرة تحمّل "إسرائيل" مسؤولية إغتيال الحريري، وفق وثائق وقرائن.

وإذا إعتمدت كل هذه الذرائع للنيل من سورية كدولة ممانعة للمشاريع الغربية في المنطقة، والحؤول دون دعمها لحركات المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق، فإن المحاولات الجديدة التي تستهدف الرئيس بشار الأسد ووحدة سورية، التي يعتبر المؤتمن الأول عليها، وعلى تنوّعها الطائفي والمذهبي، قد باءت بالفشل حتى اليوم، لأن النظام الغربي المهرول إلى دعم حركة الثائرين هنا وهناك، قد كشف عن أوراقه في ليبيا، حيث بدأ بمرحلة قطاف تدخّله فيها وتقاسم المغانم النفطية والإعمارية.

ولقد بدا واضحًا من التحوّل التونسي إلى إنجاح حزب النهضة الملتزم دينيًا وتعيين حكومة يرأسها السبسي أحد أركانه، أن الأهداف الخفية لإطاحة النظام في سورية، هو إستبداله بحركة إسلامية مضادة لطبيعة هذا النظام المدني المتعدّد الطوائف والمذاهب عبر الإخوان المسلمين، الذين يلوذون بتركيا لتسويق أنفهسم على هامش بعض المعارضين من خارج سورية، والذين حتى اليوم لم يتمكّنوا من توحيد صفوفهم مع معارضة الداخل.

وربما تكون العقدة الصعبة التي ستواجه طاولة الحوار بعد أسبوعين، بعد تعيين الحكم السوري ممثّليه، هو كيفية إختيار أعضاء المعارضة المتعارضين في ما بينهم على التعاون مع الرئيس الأسد على خطة التغيير والمطالب، وبين أولئك الطامحين إلى تغيير رموز النظام. طبعًا لن تكون طبيعة الحوار معبّدة الطريق، لأنها معرّضة لحركة تدخّلات خارجية، يمكن أن تؤثّر حتمًا على توجّهاتها وأهدافها.

من هنا، تبدو معارضة الداخل أدرى بشؤون سورية، ومخاطر أي تدخّل خارجي فيها لهزّ إستقرارها وزرع إسفين داخلها وأطرافها التي تتسلّل منها الأسلحة إلى الذين يتعرّضون لأمن الدولة، من خلال إستهداف الجيش الوطني والقوى الأمنية.

إن إستجابة الرئيس الأسد للمبادرة العربية، هي خطوة بالغة الحكمة، لإبعاد الكأس عن سورية، وأي إستدراج للخارج إلى داخلها، خصوصًا وأن بعض العرب قد خرج عن تضامنه مع دمشق، لإرضاء جهات خارجية يتصوّر واهماً بأنها تحميه وتحمي نظامه.

 

البناء

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.