تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

المعارضة وحصان طروادة!!

مصدر الصورة
SNS

خاص/ محطة أخبار سورية

تمرّ سورية بمرحلة دقيقة وحسّاسة جداً ومن الطبيعي القول إن هذه المرحلة ربما ستحدد شكل ومضمون مستقبل البلاد لعشرات السنوات إن لم يكن أطول وأبعد من ذلك. وهذا يعني أن من مسؤولية الجميع العمل بوعي وحرص وطني بعيداً عن الأنانية وتحقيق المصالح الضيقة. وفي هذا السياق، يبرز دور المعارضة السورية التي بدأت تظهر وتنتشر في الداخل السوري وفي الخارج.

وإذا كان النظام والقيادة في سورية قد سارعا ومنذ اللحظة الأولى للازمة، إلى العمل على تلبية المطالب المحقة للشعب السوري وقدّما علامات وقاما بخطوات جدّية لتحقيق الاصلاح والانفتاح، إلا أن معظم أقطاب المعارضة السورية ولا سيما في الخارج لم تقدّم أكثر من المطالبة بإسقاط النظام دون أن تطرح بديلاً أو حلاً للأزمة، أو حتى أن تظهر أنها تقبل بالحوار، وكأنها خارجة من انتصار تاريخي ويحقّ لها فرض أوامرها وشروطها، وهذا أبعد من الوهم. بل إن الإمعان في معظم إطروحاتها يجعل المرء يشعر بالقشعريرة لخطورة المواقف والمجهول الذي تدعو وتسير إليه، ولأنها تقدّم صورة أكثر قمعية وديكتاتورية و سوءاً من أي نظام من الأنظمة القمعية في العالم. وهي تقوم بذلك ليس ضد النظام فحسب، بل ضد معارضة الداخل لأنها لاتسير معها في خطها الجامح والمغالي.

ولنكون أكثر وضوحاً ودقّة، فلا بد من القول إن المعارضة السورية ليست كتلة واحدة لها مواقف واحدة ومتجانسة؛ فهناك المعارضة الداخلية وهي بالمجمل معارضة وطنية ولكنها تختلف في رؤيتها لأسباب الأزمة وطرق الحل والمعالجة وهذا طبيعي. بالمقابل، هناك أطراف المعارضة الخارجية وهذه تضمّ أصنافاً وتيارات عديدة، بعضها وطني وبعضها الآخر مرتبط بالخارج وبالدول التي يوجد فيها أو تلك التي تموله وتحميه. وبين هذه وتلك هناك الذين يحملون السلاح ويركبون ظهر المطالب الشعبية ويمارسون القتل والتخريب وهؤلاء مدعومون من بعض الأطراف الداخلية والخارجية؛ من المال والسلاح إلى التغطية الإعلامية والسياسية.

 

وبالعودة إلى واقع المعارضة السورية، فإنه من المنطقي والواقعي أن تكون أطراف المعارضة الداخلية هي الأدرى بالأوضاع والمشاكل والصعوبات التي تواجهها البلاد بحكم كونها على أرض الواقع، وبالتالي، فإنها الأقدر على اجترار الحلول واستنباطها من المعارضة الموجودة في الخارج، لأنها تعرف هذا الواقع وتعيشه بكل تفاصيله. أما معارضة الخارج فهي بعيدة عنه وهي تستقي معظم معلوماتها عن الوطن من خلال وسائل الإعلام ـ وما أدراك ما الإعلام ـ ومن خلال الجهات الخارجية الدولية أو من خلال صلات وأطراف تظهر الأمور كما تريد لا كما هي في الحقيقة وواقع الأمر.

وما نريد أن نلفت إليه أنّ الأشهر السبعة التي مرّت أظهرت هزال وضعف أطراف المعارضة الخارجية وصغر طموحاتها وضحالة فكرها. بل إن معظم أفرادها كانوا يتحدثون برؤية انتقامية وكيدية ويطرحون شعارات ومطالب لاتنم عن وعي وحرص وطني. وعندما يسمع المرء المتحدثة باسم ما يسمى المجلس الوطني باسمة قضماني تتحدث عن تعريف الحماية الدولية؛ بأنها تمتد من تدخل المنظمات الإنسانية إلى التدخل العسكري، يشكّ إن كانت المتحدثة سورية بالفعل. فهذا التعريف يرتقي بكل بساطة إلى مرتبة الخيانة؛ أضف، أنه لايمكن لإنسان عاقلٍ شاهدَ ووعى نتائج التدخل العسكري الدولي أن يفكر بتكرار التجربة في بلده. فكيف إذا كانت بعض المعارضة ما تزال تفكر وتطالب بالتدخل الدولي، فيما الحلف الأطلسي نفسه، يؤكد أنه لامجال حتى في تطبيق الحظر الجوي على سورية، لأنه يعرف، ونعرف نحن، أن سورية حقاً، ليست مثل غيرها من الدول!! ثم ألا يعكس هذا التفكير بطلب التدخل الخارجي المستحيل بعد المواقف وال"فيتوات" الدولية في مجلس الأمن، قصر نظر وأنانية تقارب المرض!؟

هناك ثوابت وطنية وقومية لا تناقش ولا يختلف سوريان عليها. وما يناقش ويمكن  الحوار حوله هو كيفية بناء وتطوير سورية والارتقاء بها. أما موقع سورية وقوة سورية ودور سورية وهيبتها فهي أشياء مقدّسة عند السوريين الذين دفعوا من دمائهم لحماية بلدهم والذين فهموا اللعبة الدولية والخطط الرامية لتخريب بلدهم، ودور بعض المعارضة فيها، ولذلك رفضوا دخول هؤلاء متنكرين وفي البال أنهم حصان طروادة.

ربما أكثر ما يشعر به من صدّق بعض المعارضة هو الخيبة الكبيرة والقاسية والمرارة، بأن يخرج من السوريين البعض ليكون ضد بلاده وضد شعبه وأمته. والخيبة أيضاً من الآمال التي علقت على من ادعوا أنهم معارضة وتبيّن أنهم "أقزام" يخجل المرء من طروحاتهم، يركضون خلف مصالحهم الشخصية ويسعون لتحقيق نزواتهم تحت شعارات كبيرة يرفعونها باسم الوطن الكبير.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.