تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ما بعد.. فالرهان.. ثم المطالبة.. فالأماني والدعاء

 

خاص.. محطة أخبار سورية

في بداية الأحداث في سورية، ومع بدء الهجوم الإعلامي على هذا البلد الصغير المقاوم، بدأت الحرب الإعلامية الشرسة التي غدت وكأنها هي من يقود الحملة على سورية لفرض وقائع ومعطيات جديدة تخالف الواقع والتطورات والحقيقة. وبدا عدد من الصحفيين الذين يعتبرون أنفسهم أنهم يقودون العالم العربي والتغييرات التي تجري فيه من مكاتبهم الموزعة في لندن وباريس والرياض والدوحة وبيروت، في مقدمة من يقودون هذه الحرب وبشكل أكثر وأشد ظلماً من الصحفيين الإسرائيليين أنفسهم.

 

بدأ هؤلاء ومنهم على سبيل الذكر لا الحصر؛ عبد الباري عطوان في القدس العربي، عبد الرحمن الراشد وطارق الحميد في الشرق الأوسط، علي حمادة في النهار، ساطع نور الدين في السفير، بالحديث والترويج لسقوط النظام في سورية والحديث عما بعد وعما يلي السقوط، وخصائص المرحلة التي تلي ذلك. وبدا أنّ هناك هجوماً منسّقاً يقوده فريق عمل واحد، وزّع الأدوار والأموال والأسلحة ويقود التطورات والخطوات والمراحل الميدانية.

 

ولكن بعد مرور شهرين على الأزمة السورية، وصمود النظام والشعب السوري، بدأ الحديث عن مرحلة ما بعد السقوط يتراجع، وتقدّم حديث جديد أقل تفاؤلاً عن "الرهان" على سقوط النظام السوري وأن الأمر قادم لا محالة، لكنّ ذلك لم ولن يحدث. لذلك، وبعد شهرين آخرين، تراجعت النبرة أيضاً وعلت لهجة المطالبة "بسقوط" أو تغيير النظام السوري. وبدا الحديث عن ضرورة تدخل دولي عسكري لإسقاط النظام السوري.

 

ولكنّ تلك المطالب دونها جبل من الصعوبات والعقبات؛ فسورية ليس كأي دولة أخرى عرفوها أو جربوها؛ وبدل أن يسقط النظام في سورية وأن تسقط الدولة السورية، بدأ النظام يزداد قوة ومنعة واستعاد المبادرة لاسيما مع قيامه بخطوات واسعة في طريق الإصلاح وتحديث سورية التي استعادت زخم قوتها وانطلقت للهجوم.

 

وتراجعت مطالب الأقلام العربية مرّة أخرى وتحوّلت "أمنيات" يرددها أصحابها. وبدأوا يحثون معها وعبرها النظام على القبول بالحوار وبإعطاء المعارضة (التي تبنتها ودعمتها وموّلتها وسلحتها أطراف معروفة عربية وإقليمية ودولية) دورها عبر الاعتراف بها. وبعد الزلزال الروسي والصيني في مجلس الأمن عبر الاستخدام المزدوج للفيتو ضد مشروع قرار أوروبي أمريكي جائر بحق سورية، ورهانات هؤلاء العرب الخاسرة على تخلّي الأصدقاء عن سورية، زاد هؤلاء جرعة لهجوم والفبركات لتغطية الفشل والإحباط الذي أصابهم. وعندما فتحت الولايات المتحدة جبهة جديدة للصراع في المنطقة وعادت لتعلن الحرب على حليف سورية القوي؛ إيران، نقل هؤلاء هجومهم إلى الضفة الشرقية للوطن العربي واستسلموا للمعطيات الأمريكية رغم سخافتها وهزالها.

 

أصبحت الحرب "القذرة" مكشوفة وعلنية وشاملة ضد سورية وإيران وحزب الله؛ تقودها أمريكا وأوروبا وإسرائيل وتنخرط فيها بعض الأطراف العربية وتحديداً الخليجية؟

 

وعندما نقول الحرب القذرة، فلأنها كذلك فعلاً؛ سواء بالأدوات أو بالأساليب أو بالأهداف والغايات. فقد مُنعت مثلاً قناة الدنيا السورية الخاصة الوحيدة من البث على القمر الأوروبي، بدعوى أنها تحرّض على القتل!! مع أن كلّ ما تقوم به هو دفاع بسيط عن سورية. ونسي الأوروبيون ،،، مثلاً،،، قناة الجزيرة وما تعرضه من دعوات صريحة ومباشرة تحضّ على قتل ثلث الشعب السوري وتطالب دائماً بذلك، (ومالو؟؟)!!

 

لهؤلاء نقول إنهم حقاً لا يفهمون سورية ولا يعرفون الشعب السوري الوطني ولا قيمه العظيمة. ونذكّر بأنهم في السنوات القليلة الماضية، "ياما.. ياما" تحدثوا عن صفقة مع إسرائيل من تحت الطاولة تتخلى فيها سورية عن جزء من الجولان أو عن حزب الله أو عن العلاقات مع إيران؟؟ هل نسوا ما فبركوه؟؟ وقد جاء الردّ بالأمس عليهم جميعاً من العدو نفسه، والذي لم يكن يقصد مديح السوريين بالطبع، ولكنها الحقيقة.

 

فقد كشف كتاب الجنرال الإسرائيلي أوري ساغيه، رئيس الاستخبارات العسكرية السابق الذي صدر أخيراً تحت عنوان: «اليد التي جمدت»، أنه جلس بين رئيس الوزراء إيهود باراك وأمنون ليبكين شاحاك، في اللقاء الذي جرى مع وزير الخارجية السيد فاروق الشرع، في كانون الأول عام 2000، حيث توجه الشرع إلى مضيفه الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، قائلاً «إذا أردت استعمال اللغة غير الدبلوماسية، سيدي الرئيس، كنت سأقول لقد استغفلوني، نعم السيد باراك استغفلني، في «بلير هاوس» اتفقنا على أجندة، هل هذا صحيح، سيدي الرئيس، وجنتا كلينتون احمرّتا واصطكّت أسنانه ولم ينفِ». الشرع تحدث نصف ساعة، يقول ساغيه وأنا كإسرائيلي لم أشعر بالفخر، لقد قال لرئيس حكومة إسرائيل، إنه يكذب، إنه بدون صدقية، إنه يَعِدُ ولا يفي، وإنه يستغفل الجميع. وخلال فترة حديثه، حظي كل الوقت بدعم وتأييد رئيس الولايات المتحدة، الذي قال له أنت صادق مئة بالمئة، «المصيبة أن الشرع لم يكن مخطئاً»، يقول ساغيه.

 

اعترف العدو أن كلمات الشرع كانت "تنزل كالصخرة". أجل، هؤلاء هم السوريون الحقيقيون ومن يمثلون سورية؛ لايهادنون ولا يتراخون في الحقوق ولا يستهترون. وربما لهذا السبب يتمنى بعض العرب سقوط سورية وخرابها حتى لا تستمر بفضح هشاشتهم وتهافتهم على العدو وركوعهم أمام أبواب الغرب خانعين. وربما أيضاً، هذا هو سبب دعمهم لسوريين يشبهونهم بالسلوك والممارسات والانحناء، مثل برهان غليون وأمثاله.

 

بالطبع ليس سورياً ذاك الذي لا يعرف أسماء الرموز السورية وقادة الثورة السورية ضد الاستعمار الفرنسي الذي يؤويه ويحرضه الآن على سورية. غليون الذي أثار قرف السوريين جميعاً عندما ظهر في مقابلة تلفزيونية، وهو المدعي في السياسة وجهبذها، وقد أظهر جهله بأسماء إبراهيم هنانو، وسلطان باشا الأطرش والشيخ صالح العلي وحسن الخراط.. كيف يحق لشخص مثل هذا ادعاء تمثيل سورية!!

 

سورية كبيرة قوية صامدة كانت وما تزال وستبقى، فليبحث هؤلاء عن مكان آخر لينفثوا فيه حقدهم وغلّهم ولينفذوا سمسرتهم. سورية بلد المحبة والوفاء وهذا لا يناسب أهل المكر والخيانة!!

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.