تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

من قلب ما نعيشه ... أزمة من نوع آخر

 

 

 

 

 

يتعدد الأشخاص وتتكرر الحالات والموقف واحد، فيبدو أن الفكر الإقصائي الذي نما بسرعة في مجتمعاتنا العربية التي تعيش أزمات بمستويات مختلفة جعلت حتى الأصدقاء المختلفين

في الرأي ينتفضون على القاعدة الديمقراطية القائلة: "الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية"، وينتهجون منهجاً إقصائياً قائماً على تقديس الرأي الشخصي أو الجمعي، ورفض أي رأي يتناقض معه، ذلك أن مفهوم رأي ووجهة نظر الآخر ومبادئه وحتى عقائده باتت من المفاهيم الجديدة التي أصبح لكل شخص تعريفه الخاص لها.

 

 كثر الحديث عما تعيشه سوريا.. ولعله صار من الروتين بمكان أن نستيقظ يومياً

على تحليل فلان وتبرير فلان ورأي أحدهم وحلول أحدهم الآخر.. ولا ننسى مباريات

الدفاع والهجوم التي تتسابق الفضائيات لعرضها. لكن لن يكون من الروتين يوماً أن نستيقظ على مجزرة هنا وتمثيل بجثث هناك.. وتفكيك عبوة ناسفة وانفجار أخرى في مكان آخر..

 

 

 

ومما يدعو للأسف  أن تصبح عملية عرض مشاهد القتل والتمثيل بالجثث من المشاهد العادية عند الفضائيات، والتي حتى هي ملّت من التذكير بقسوة المشاهد التي ستُعرض، فاعتبرتها بطبيعة الحال مشاهد طبيعية اعتادت الشعوب عليها.. ومما يؤسف له أكثر أنها باتت ورقة في يد أطراف الأزمة ليظهر بالوثائق وحشية الآخر "حسب رأيه"..

 

 كثيرون دخلوا في تسبيب الأزمة وفي عرض الحلول.. لن أخوض غمار ذلك في كلماتي.. إذ أن ما لفتني حتى الآن هو بعضٌ من تداعيات هذه الأزمة، فهي مهما طالت ستنتهي، لكن ما بعدها.. ماذا سيحل بالصديق الذي خسر صديق عمره لسبب يتعلق بتوجهه السياسي أو حتى برأيه.. ماذا سيكون مصير العائلة الواحدة التي تفرقت فيما بينها للسبب ذاته.. ماذا سيكون مصير أبناء الحي الواحد الذين تفرقوا أيضاً لاختلاف توجهاتهم وقناعاتهم السياسية على أقل تقدير.

 

الحقد.. هو ما أخافه وما أخشاه.. أبناء سوريا لم يكونوا يوماً وعلى مرِّ التاريخ بيئة خصبة لتوارث الحقد والكراهية فيما بينهم، حتى أنهم باتوا مثالاً يحتذى به لما يتمتعون به من روح المحبة والإخاء.. نحن أبناء سوريا من احتضنا من وقع ضحية اقتتال افتعله أصحاب النفوس الضعيفة لغايات تكمن في نفوسهم، لم ولن تكن يوماً في خدمة مصلحةٍ عامة ..إذ  كان من الأجدر لبعض السوريين ممن انجرَّ وراء أفكار لم تكن يوماً من أفكارنا أن يتذكروا مرارة الحياة التي عاشها هؤلاء قبل أن يُقدموا على أي عمل يؤجج أفكاراً ومواقف ستحرق أصحابها قبل أن تحرق الآخرين..

 

حتى الآن لم أخسر صديقاً ولن أخسر.. إن أنا أو هم خسرتهم أو خسروني واستمرينا في الخسارات واحدة تلو الأخرى، كيف إذاً سنبني سوريا الحديثة التي نحلم  بها، سوريا المبنية على أسس الديمقراطية والحريات واحترام الرأي الآخر والأخذ به إن كان في سبيل تحقيق مصلحة وطن وأرض وشعب وهوية وحاضر ومستقبل؛ ولو كان على حساب مصلحة خاصة، وهو الأمر الذي تسعى له القيادة وبالوقت نفسه  ينادي به طالبو التغيير، علّ حتى مفهوم التغيير  اختلف عند بعضهم  إذ بات التغيير عند البعض الأكثر منهم هو لعبة كراسي لم يتجاوزوها حتى الآن.. وهو ما أضعفهم وأضعف وهجَ ما كانوا يسعون إليه وهم

 

إن بقوا "وسيبقوا" على هذه الحال فلن ينال أحدهم  يوماً إلا كرسي الطائرة وكرسي مكتبه في منزله في أحد البلاد.. إلا سوريا.

التغيير لن يكون بالدم.. التغيير سيكون بفكر كل سوري كي يبدأ التفكير بسوريا فقط دون أية اعتبارات أخرى تفرز تقسيماتها على مرّ الوقت... سوريا القوية الحنونة الحاضنة لأبنائها.. سوريا الفرح.. والحزن.. الحب والعتب..

سوريا الأم والأب والأخوة والأصدقاء..

سوريا صاحبة العزة والكرامة العربية..

أومن بحماية الله لكِ.. لكن أومن أيضاً أننا بعونه تعالى سنبنيكِ ونحميكِ..

 

                                                                                                              **سوسن بهلول

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.