تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

حكومة سفر:القرارات المرتجلة وانعكاساتها!؟؟

خاص/ محطة أخبار سورية

 

ذكرت صحيفة تشرين في صفحة محليات (الأحد 9 /10/ 2011)، أن إلغاء قرار تعليق الاستيراد أعاد التوازن للأسواق، وتحدثت عن انخفاض جديد على أسعار الأعلاف والبيض والفروج... وذكرت الصحيفة أيضاً أن قرار مجلس الوزراء الذي ألغى قرار تعليق الاستيراد قوبل بارتياح كبير جداً من قبل المواطنين والتجار والمستوردين، وقد انعكس القرار إيجابياً وبشكل مباشر في نفس اليوم الذي صدر فيه، فقد عادت السلع والمواد للعرض في الأسواق وفي محلات البيع، بعد أن نقلها التجار إلى المستودعات تمهيداً لممارسة عملية واسعة من الاحتكار وابتزاز احتياجات المستهلكين.... إلى آخر تقرير الصحيفة..

لا نريد الولولة لصدور القرار الذي بقي سارياً قرابة الأسبوع أو أكثر، ولا التهليل للتراجع عنه، فهذا لا يفيدنا بشيء، مع أننا نقدّر للحكومة شجاعتها واعترافها بخطأها. ولكننا نريد أن نبدي بعض الملاحظات من مواطن عادي وليس مختصاً بالشؤون الاقتصادية، ليتم الانتباه إليها وتداركها في المستقبل.

أولاً، يفترض أن يكون اتخاذ القرار 1347 الصادر في 22 أيلول الماضي والذي منع استيراد السلع والمواد التي يزيد رسمها الجمركي عن 5%، قد تم بعد دراسة مطولة وعميقة وبعد سماع آراء المعنيين، وأن تكون قد تمت دراسة انعكاساته الإيجابية والسلبية على الاقتصاد الوطني وعلى الصناعيين والتجار والمواطنين، بحيث يكون قراراً مدروساً ومطبوخاً بشكل جيد، لاسيما، وأنّ البلاد تمرّ في فترة حرجة لا تحتمل التجريب والمغامرة والارتجال، ولاسيما في الموضوع الاقتصادي الذي يراهن الأعداء على النفاذ منه لضرب الموقف السوري. وبمجرّد صدور القرار، يعني أن كلّ هذه الاعتبارات قد تم أخذها في الحسبان وهذا ما كان يُفهم منه حين بدأ المعنيون بالترويج للقرار وفوائده وميّزاته.

ولكن عندما عادت الحكومة وألغت القرار، فهي أعطت مؤشراً معاكساً وخطيراً يوحي أنّ كلّ تلك الدراسة التي كان عليها القيام بها قبل صدور القرار لم تقم بها، أو أنها قامت بها بشكل ناقص وجزئي، أو أنها كانت دراسة خاطئة أو أن القرار كان ارتجالياً. وأياً تكن الأسباب فإن صدور قرارات كبيرة بهذا الحجم والتراجع عنها بهذه السرعة ليس إيجابياً، ولا يعطي ثقة كبيرة للمواطن ولكلّ المعنيين، بل ويترك حالة من الخوف وربما الهلع عند الجميع.

ثانياً، نعلم أنه بمجرّد صدور القرار ارتفعت الأسعار، وأنه، كما تقول الصحيفة، بمجرّد إلغائه، انخفضت الأسعار. هل نحن في البورصة لتتبدّل الأسعار وتتغيّر بهذه السرعة من ربطة الفجل وصحن البيض وصولاً إلى السيارات والعقارات؟!! ما معنى هذا؟ هذا معناه بكلّ بساطة أنّ هناك فئة من التجار الذين ينتظرون عند كلّ منعطف للانقضاض على قوت المواطن وعلى عيشه لامتصاص كلّ ما يستطيعون وتحويله إلى مكاسب خاصة. ومعنى هذا أيضاً أنه لا توجد رقابة حقيقية على الأسواق وعلى الأسعار وعلى توفر السلع والحاجيات بين أيدي المواطنين.

وهؤلاء التجار الذين كدّسوا سلعاً كثيرة وموادّ عديدة بعد صدور قرار منع الاستيراد من السوق المحلية وبكميات كبيرة ليفرضوا احتكارهم عليها وليتحكموا بكميات عرضها وتوقيته، وبالتالي التلاعب بأسعارها كيفما يشاؤون، هؤلاء هم أحد المخاطر التي تتهدد المواطن السوري في لقمة عيشه والاقتصاد السوري الباحث عن هوية له. وربما على الدولة ووزارة الاقتصاد أن تنتبه إلى دورهم كثيراً. ولعلّ ميزة إلغاء القرار أن هؤلاء التجار أصيبوا بخسارة كبيرة وبخيبة أمل لأنهم لم يتوقعوا هذا التراجع المفاجئ عن القرار. ‏

ثالثاً، إن المواطن السوري يتعرّض لأبشع أنواع الضغوط النفسية والإعلامية والتحريضية والتضليل والتهويل والتخويف، ولابد أن تكون الحكومة واعية لهذا الأمر ومدركة له، وبالتأكيد هي كذلك، وأن تحسب كلّ خطوة قبل أن تقوم بها، وقبل إعلانها، وربما عليها أن تدعو ممثلين عن الأطراف المعنيين ـ من مستشارين واختصاصيين إن اقتضى الأمر ـ لأخذ وجهة نظرهم والاستئناس بها قبل إصدار القرار النهائي في أي أمر عام وكبير. ولعلّ معظمنا شاهد وزير الاقتصاد وهو يواجه الحرج الذي وقع فيه بالنيابة عن الفريق الحكومي كله، والاقتصادي بشكل خاص، عندما اضطر لأن يغيّر موقفه ويقّدم معلومات متعاكسة ومتناقضة خلال عشرة أيام.

لا نريد أن نضيف للتحديات القائمة تحديات أخرى من صنع أيدينا.

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.