تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

اللهم تقبل منا هذا القربان

  في صمت الوفاء ووجع الجفاء، ومن خلف أستار ليل هارب من قمره بانتظار انبلاج فجر صبح أفضل يلملم شظايا ما تفتت من كاملات الحب وروابطه. في زمن الهروب والتخوين والتكفير، امتدت يد الغدر تفتك بأجساد غضة طرية كل ذنبها أنها نقية طاهرة سورية، كل ذنبها أنها أبت أن تكون للغير مطية.

سيدي المثكول؛ جئتك أحمل في قلبي كل الحزن المقدس الساكن في عيون الأطفال والأرامل والثكالى واليتامى الهاربين خوفاً من تنين الفرقة والفتنة المتربص بنا في زوايا الوطن المعتمة يتوالد أنسال السفاح وينفث نار حقده لهباً يلتهم أمن المدن ويدمر الحضارة ويقتات الأنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق.

آه يا سيدي من قلة الدين وكثرة "المتدينين"، وآه يا سيدي من حروب الفتاوى ورماح الدين، اختلطت الأوراق وتناثرت من حولنا في كل الجهات فما الذي تهدم من وجودنا العربي السوري حتى تفرّقت أدياننا لتكفرنا وتقتلنا وتأبى أن تدفننا؟!.    آه أبا الأديب من هذا الشرخ النازف، لا أدري كيف تجرأ الأخ بخنجره المسموم على أخيه؟! ألم نكن كلنا نسابق إلى صلاة الفجر، نتلفّت حولنا لنرى هناك في بيت الله يقف الجميع نجمع كفينا لا فرق أن أسبلنا أو ضمينا؟..

هي الشام بقية الله على الأرض الحانية ورقيمها منذ ألف ألف عام قبل ألف ألف عام قال: لا تحقرن إلهاً يعبده غيرك.. هي الشام وكم أسقت العطاش وما كشفت سترهم. لله درك يا سيدي المفتي فارقت ولدك الحبيب محتسباً شاكياً لله أمرك مسلماً بقضائه ولسان حالك يقول: إذا ما حلّ القضاءُ فأصاب سهمُ الغدر زهرة من زهور الأوطان، وعَدَتْ عليّنا من العوادي غَشْيةٌ دهماء ذاتُ عواصفٍ ودخانِ، ليس لنا حيلة في محنتنا إلا الرضا وقبول أمر الواحد الديان.

يا سيد الصبر، يا صاحب الابتسامة السخية والملامح الإنسانية، هل اشتاقك أيوب فتناديت إليه تتنادم معه وتسير على دربه بشموخ الصابرين، أم سارعت لتكفكف دمعة يعقوبية سالت من قسوة أخوة يوسف وحقدهم. يستعجلونك النصر وهو آت مثل واضحة النبوءة والنهار وكقولة الحق في زمن الامتراء، وبثقة المؤمن الزاهد تردد: لا بأس إنه امتحان الإيمان وحب الأوطان.. في هذا الزمن المغمس بدماء الأبرياء ودموع الأصفياء، دعني يا سيد الزهد التجئ إلى صبرك لأحتمي من جهلي وكفري واستمد منك جرعات الأمل وأنا أردد رقيات التعوذ لأبعد شرور الحسد عن وطني.

ها هم يا سيدي في صحارى الإثم وضياع الطريق ينتقلون من قتل إلى قتل، إلا أنها الشام في زمن الحق الضائع أراها لا تضيع، ولا شيء في هذا القحط العربي إلاها..

هنيئاً لكم أولياء شهداء سوريا أرائككم الاستبرقية في الجنة فقد قرأت عن خالد العبسي عن أبي هريرة قال: سمعت من النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "صغارهم دعاميص الجنة يتلقى أحدهم أباه فيأخذ بثوبه فلا ينتهي حتى يُدخله الله وأباه الجنة " رواه مسلم.

بقلوب مؤمنة نتوجه اليك اللهم بقرابيننا المقدسة وحناجرنا تهتف "اللهم تقبل منا هذا القربان 

                                                                                          هند نوري عبيدين

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.