تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عندما يبدّل العرب أولوياتهم الإستراتيجية!!

 

خاص/ محطة أخبار سورية

 

 

قبل عدة سنوات أطلقت إسرائيل ولاسيما رئيسها "الثعلب الماكر" شمعون بيريز حملة علنية في العالم.. إعلامية ودبلوماسية وسياسية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية. الحملة استهدفت كلّ شيء في إيران واستخدمت كلّ الأساليب من تشويه وقلب الحقائق وحاولت تحطيم صورة النظام الإيراني وصولاً إلى التهديد بالحرب العسكرية على طهران. وهذه الحرب تمت إدارتها وممارستها بمنهجية عالية ودقيقة وخطيرة.

ولذلك فإن الاستمرار في هذه الحرب اقتضى إدخال عناصر وأطراف جديدة فاعلة فيها؛ فكان بعض العرب القريبين من دوائر الغرب الأمريكي والأوروبي جاهزين للعب الدور الجديد المطلوب منهم. وبدأ بعض الإعلام "العربي" شنّ هجوم إعلامي كاسح على إيران، تجلى بشكل واضح وفاضح مع بدء الولاية الثانية للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. وتمت مساندة الهجمة الإعلامية بخطوات تصعيدية على الأرض، ولاسيما المقاطعة الدبلوماسية وحملات تخويف الجيران من إيران الفارسية. وكان دور قناة العربية السعودية، على سبيل المثال، على مدى السنوات الماضية كبيراً في هذا المجال. ووصلت علاقات كلّ من السعودية ومصر حسني مبارك والكويت، مع إيران إلى الحضيض. وانتقل الاهتمام العربي إلى شرق الوطن العربي بدلاً من الشرق الأوسط وقضيته الأولى؛ فلسطين.

وللمرة الأولى منذ عقود تحوّل الاهتمام العربي ضد إيران التي أصبحت بالنسبة لمعظم دول الخليج ومصر العدو الأول بدلاً من إسرائيل. واشترك هؤلاء العرب في الحرب الغربية على طهران وحملوا لواء الهجوم ووقفوا في صفّ إسرائيل وسعوا إلى تحقيق أهدافها الإقليمية مباشرة أو مواربة.

وبالأمس عاد وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا ليؤكد من القدس المحتلة أن على إسرائيل والدول المجاورة استكمال ومواصلة مواجهة إيران. وقال بانيتا إن «كل خطوة إسرائيلية في إيران يجب أن تنسق مع دول المنطقة»(السفير 4/10/2011). مَن المقصود بالدول المجاورة!؟؟ بالطبع ليس سورية ولا لبنان حزب الله ولا جزر البهامس أو المالديف! المقصود عودة مصر للتنسيق مع العدو، والمقصود بعض دول الخليج العربي التي قامت بهذا الدور ولا زالت تواصله فيما انسحبت مصر بعد الثورة وبدأت تعيد التفكير والنظر بسياساتها الإقليمية.

وبالطبع، فعندما يطالب وزير الدفاع الأمريكي إسرائيل وحلفاءها في المنطقة باستمرار التصعيد ضد إيران، فإن ذلك يعني ضمناً استمرار التصعيد ضد حلفاء إيران في المنطقة؛ سورية والمقاومة في لبنان وفلسطين.

وإذا كنّا نتذكر كيف وقف إعلام أنصار إسرائيل في المنطقة، ضد المقاومة خلال العدوان الإسرائيلي عليها وعلى لبنان عام 2006، وكيف حاول إحباطها وتشويه انتصارها، فإن الحرب الإعلامية العربية الشرسة التي تقوم بها بعض الصحف والإذاعات والفضائيات العربية ولاسيما صحيفة الشرق الأوسط وقناتي الجزيرة والعربية، والأموال العربية والأسلحة التي تغدَق على المخربين في سورية، تبيّن بما لا يدع مجالاً للشك، الدور العربي في التنفيذ الحرفي للتوجيهات الغربية والأمريكية التي أرسلها الغرب وعاد وأكد عليها أمس وزير الدفاع الأمريكي من جديد.

ولعل رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري كان واضحاً كلّ الوضوح في التعبير عن هذه الحالة عندما أكد وتساءل في "المؤتمر الدولي الخامس لدعم الانتفاضة الفلسطينية" في إيران مؤخرا لماذا يتم التحالف العربي مع إسرائيل وليس مع سورية بل ضد سورية: "أين المقاطعة العربية الرسمية لإسرائيل بدلاً من سورية؟ ولماذا تصرف الأموال العربية على تمويل الاحتجاجات في سورية بدل دعم الشعب الفلسطيني للبقاء في أرضه؟ ولماذا ينصب جهد الإعلام العربي على زيادة التوترات في سورية بدل كشف جرائم الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته ضد شعبنا الفلسطيني؟"(الحياة 2/10/2011).

في بداية الأحداث في سورية قبل عدّة اشهر، تلحّف بعض العرب بالمطالب الشعبية وبالحقوق الديمقراطية للسوريين. وردّت القيادة السورية بأن معظم المطالب الشعبية محقّة وسيتم تنفيذها ووضعت جدولا زمنياً لذلك، وباشرت تغييرات كبيرة أرعبت من أفتى بتحريم التظاهر ومن ليس لديه أي مجالس شعبية ومن لم تسمع بلاده بأي انتخابات على أراضيها، ومن تجلد المرأة في دياره إذا قادت سيارتها.. فكان الهجوم على سورية وقيادتها التي لم تبتعد يوماً عن الشعب السوري ومطالبه وأمانيه.. وخلع هؤلاء العرب قفازاتهم وأعلنوا الهجوم الشرس على سورية دون خجل أو احترام لرأي السوريين ومشاعرهم وما يريدون.

وانكشف القناع مرّة أخرى بأن ما يجري في سورية هو هجوم من أنصار المشروع الأمريكي في المنطقة وخارجها ضدّ من يقفون في وجه هذا المشروع، أما المطالب الشعبية للسوريين فليست أكثر من حصان طروادة، ومن يموت من هؤلاء، فإنه يدفع بشكل مباشر أو غير مباشر ثمن الهجوم على سورية ومواقفها، سواء أكان ممن أغروه بالمال والدعاية، أم من المواطنين الأبرياء أو عناصر الجيش والأمن الذين يسهرون على حماية هذا البلد الصامد، وقد كان آخر هؤلاء الشهداء نجل مفتي الجمهورية العربية السورية سارية أحمد بدر الدين حسّون.

من المؤكد أنه لو استقبلت سورية بنيامين نتنياهو أو شمعون بيريز أو أخذ وزير الخارجية وليد المعلم الصور التذكارية مع تسيبي ليفني، لما كان الهجوم على سورية، ولكان هؤلاء العرب يصلّون لها صباح مساء!! ولكنّ كلّ سورية الجريحة الحزينة قالت كلمتها  بلسان السيد المفتي حسون الجريح؛ الذي قال ، خلال مراسم تشييع نجله، إن "الذين يرتكبون هذه الأفعال لا يستهدفون أشخاصاً وإنما يستهدفون الوطن، ويريدون لسورية أن تركع أمام الصهاينة وأميركا"، مؤكداً "أنهم لن يصلوا إلى غايتهم، وأنه حتى ولو لم يبق في سورية إلا رجل واحد فإنه لن يتنازل عن فلسطين، ولن يركع أمام أعداء الأمة ولن يكون جباناً ولن يقتل الأبرياء".

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.