تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

سمات الحرب الإعلامية على سورية!!

خاص/ محطة أخبار سورية

 

 

أكد المفكر الفرنسي د. جاك أتالي (مجلة السياسات الدولية العدد144أبريل 2001) أن "عالمنا اليوم قد أصبح يسيطر عليه الإعلام وليس الطاقة.... إن السيطرة على المعلومات لا على المواد الأولية هي التي ستحدد كل شيء حتى الحرب والسلام". وأضاف أن "جميع المؤشرات تؤكد تفوق اقتصاد السوق على أخلاقيات الديمقراطية... إن اقتصاد السوق والديمقراطية يشجعان عقلية القطيع التي يمكن أن تخل باستقرار الدول وهذا الاتجاه يمكن أن يبالغ في حجم المشكلات ويدفع إلى التنافس في الأسواق و...حتى إثارة الأزمات المالية. وتأتي تكنولوجيا الإعلام فتزيد من هذه النزعة التي تخلّ بالاستقرار وتدمر نفسية الشعوب".

وبعد ما تقدّم نعود للحديث عن الحملة الإعلامية التي تتعرض لها سورية منذ أشهر والتي يصفها البعض بأنها عاصفة، فيما يصفها البعض الآخر بأنها أشرس حملة إعلامية تتعرض لها دولة في العالم في العصر الإعلامي الفضائي والرقمي والإلكتروني. ولكن الأهم والأبرز فيها هو كمية المعلومات المغلوطة والمشوّهة التي يتم ضخها لتغيير الصورة وتشويه الحقيقة وقلب الوقائع بشكل مرعب وخطير. ويمكن للمتتبع أن يلاحظ أن لهذه الحرب سمات معيّنة، يمكن أن نستعرض بعضاً منها:

أولاً: اتخاذ هذه الحرب صفة الشمولية من جانبين؛ الجانب الأول هو لناحية استهدافاتها، حيث تركّز هذه الحرب على كلّ عناصر القوة والاستقرار في سورية: القيادة السياسية والدينية والعسكرية ورموز الدولة بغية فصلها عن مجتمعها وشعبها، المجتمع بكلّ شرائحه وفئاته ومكوناته وعشائره وقيمه ومنظومته الأخلاقية والفكرية لتمزيقه وتدميره، الجيش العربي السوري والأمن والأمان اللذان طالما تغنـّت سورية ونعمت بهما لتفتيت هذا الجيش وتحويله إلى نقطة ضعف تضرب سورية بدلاً من حمايتها، الاقتصاد السوري لإنهاكه وخلق واقع فوضوي أناني عند المواطنين لزيادة الضغوط على الأوضاع ودفع الناس للانفجار بسبب الخوف والقلق على المستقبل ومنه.

والجانب الثاني هو أنها حربٌ شبه شاملة لناحية اشتراك أطراف عربية وإقليمية ودولية فيها ضد سورية؛ من حيث توزيع الأدوار والمهام وتبادل المعلومات وتوزيعها وتناغم إعلام هذه الأطراف في تنسيق الهجوم وبث التقارير وفبركة الأحداث والقصص والروايات الكاذبة. وهذه الوقائع تؤكد أنها حرب مدروسة ومخطط لها بعناية وربما منذ وقت طويل، وأنّ هناك غرف قيادة وتوجيه وتحكم لكلّ ما يبث ويُكتب ويُشاهد، وأنه تم درس الواقع السوري وجرت مراقبته لوقت طويل لمعرفة النقاط التي يمكن النفاذ منها لتخريبه والنيل منه وضرب وحدته.

ثانياً، هي حرب قذرة بكلّ معنى الكلمة، وليس فيها من المعايير الأخلاقية أو المهنية أي جانب. فقد استخدمت في هذه الحرب العاصفة على سورية مختلف أنواع التحريض والكذب والتلفيق والتضخيم والتهويل وقلب الحقائق والوقائع وطمسها واختراع أحداث وقصص ومشاكل لا أصل لها ولا وجود، ولا صلة لها بالواقع، ولم يلتفت أحد ممن يشنـّون هذه الحرب إلى الاهتمام بالمصداقية التي أصبح المشاهد البسيط قادراً على اكتشاف غيابها وفقدانها. وقد تم استخدام الصورة التلفزيونية بشكل واسع ومزيف ومهين وفاحش ودون أي معايير إعلامية أو مهنية وتم اعتماد مصادر للأخبار، لا تتمتع بالحدّ الأدنى من المصداقية والموضوعية والمهنية.

ثالثاً، هي حرب مستمرة، بل وتزداد وتيرتها صعوداً ولاسيما في أيام محدّدة (مثل يومي الأربعاء والخميس) من كلّ أسبوع لزيادة التحريض وبثّ الفتنة والتأثير على المجتمع السوري وإيهام الرأي العام العالمي والإقليمي والمحلي بوجود أزمة مستعصية في سورية وأنه لا مجال لحلّها أو للإصلاح أبداً. ولكن، وبعد أن اكتشف مموّلو هذا الحرب عجزهم عن فرض أجندتهم على الواقع السوري، انتقلوا من مرحلة نقل وتشويه الحقائق والوقائع إلى مرحلة تركيبها وفبركتها واختلاق الأخبار وإعداد التقارير الكاذبة لرفع وتيرة التشنج ودفع الناس العاديين إلى التشكيك بكل شيء وبالتالي انزلاقهم إلى الفوضى والتخريب وممارسة القتل، وهذا ما انجرّ إليه البعض بالفعل.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.