تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

قليل من الكلام: هل يتحرر المثقف من قبضة السلطة؟

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ذات مرة:( المثقفون اليوم هم جنرالات المعركة المقبلة وقادتها ومحددو نتائجها، لقد بات عليهم من الآن فصاعداً القيام بدور محوري في معركة الدفاع عن الأمة وحضارتها) ، لكن على ما يبدو ان هذا الدور الذي تحدث عنه عمرو موسى بات اليوم ملتبساً محيّراً وفي احيان كثيرة مريبا. فهذا المثقف الذي كنا نعتقد أنه «الرائي» في ذاكرتنا الجماعيّة، خانته قريحته وأغرقه ولاءه للسلطة في غيبوبة مسترسلة أعمت بصيرته وأغشت بصره  فلم ير ما رآه الآخرون.. وباغتته الثورة على حين غفلة ومن حيث لا يعلم.
فالمتابع للوضع الثقافي والاجتماعي والسياسي في تونس والوطن العربي  يكتنه وبصورة جلية تراجع وانحسار دور المثقف في هذا المجتمع، وكل ذلك نتاج سيء لسياسات أثرت سلبا على الواقع الحالي وانطبعت ملامح هذا التأثير على المنتوج العددي والنوعي للمجتمع الثقافي.
إن انقلاب السلطة على المثقف وإخضاعه لكيانها المغلق إشكالية هامة تفترض الغوص فيها بعمق للوقوف عند مكامن الداء وتحرير المثقف من هذه السلطة عبر تقويته من جهة، وخلق نظم اجتماعية واقتصادية تعطيه التوازن في الواقع البشري من جهة أُخرى، وبهذه الطريقة سينطلق المثقف في حركته النقدية والبنائية معاً، وسيتحرّر الفكر من أخطر القيود التي يعاني منها، ولا نعني بذلك أن يكون المثقف إلزاما معارضاً للسلطة،  ـ حتى يكون مثقفاً.
إن دور المثقف في سياق العلاقة مع الدولة – النظام، يكمن في الجدليّة النقديّة والتثقيفيّة بينه وبين النظام.
قد لا يحتكم المثقف على ذخيرة ضخمة من المعلومات تتيح له آليا التفاعل مع جل تجارب الحياة، لكن مع ذلك بإمكانه توظيف ما لدية معلومات في أرض الواقع من أجل إحداث تغيير نحو الأحسن، وبمعنى آخر، لا يجوز للمثقف الحقيقي أن يكون معزولا عن المجتمع أو أن تكون خياراته الفكرية وتطلعاته موجه ضد المجتمع الذي يعيش فيه. وفي حالة المجتمع التونسي اليوم، يحتاج المجتمع في الوقت الراهن إلى دور قيادي حقيقي للنخبة المثقفة للمساعدة في الخروج من هذا الظرف الدقيق والحساس على جميع الأصعدة.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.