تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أزمة السكن ما بين الاسرائيليين والمقدسيين..

 

 

قامت الدنيا ولم تقعد بعد في اسرائيل.. الشعب ينتفض مطالباً بتخفيض أسعار السكن في المدن الاسرائيلية.. مسيرات غضب والتهديد بمظاهرات مليونية في حال لم تحل الأزمة .. مشكلة تتفاقم يوماً بعد يوم.. وربما تؤدي مع المشاكل الاقتصادية الأخرى الى سقوط حكومة نتنياهو.. 

هذه هي الصورة التي تريدها اسرائيل أن تظهر أمام العالم.. لتستطيع، وبحجة امتصاص الغضب، أن تقوم ببناء المزيد من المستوطنات، أو على الأقل توسيع المستوطنات الموجودة بإضافة الآلاف من الوحدات السكنية اليها، والبداية في منطقة "غوش دان" كما جاء في اقتراح نتنياهو للتخفيف من الأزمة السكنية وكذلك الإعلان عن إقرار خطة بناء 1600 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة رامات شلومو في القدس الشرقية مؤخراً...

حركة السلام الآن كشفت ان وزير الداخلية الاسرائيلي إيلي يشاي يستغل هذه الأزمة بصورة سياسية لإجبار الاسرائيليين على الذهاب الى المستوطنات واعمارها والسكن فيها ، وبخاصة الأزواج الشابة، أي مزيد من المستوطنات ومزيد من الوحدات السكنية تضاف على أراض عربية تم الاستيلاء عليها . فبعد المطالبة العالمية بتجميد الاستيطان والانتقادات له ، والشرط الفلسطيني لاستئناف المفاوضات بإيقاف بناء المستوطنات ، كان لا بد لإسرائيل ولحفظ ماء وجهها أمام الرأي العام العالمي أن تفتعل أزمة كبيرة لتجد حجة ترد بها على كل من ينتقد سياسة التوسع الاستيطاني .. "الشعب غاضب ويريد تخفيض أسعار السكن ، وأسعار السكن في المدن مرتفعة ، فالحل إذن السكن في المستوطنات لأن أسعار الشقق فيها أقل بكثير ، وبما أن المستوطنات أصبحت لا تكفي لحل المشكلة فلا بد من توسيع المستوطنات وبناء المزيد منها" .. هذه هي حجتهم وهذا هو ما يريدونه ..

ربما تكون هناك أزمة ولكنها ليست بهذه الجدية بخاصة مع ما يتم توفيره للاسرائيلي من امتيازات وقروض وتسهيلات للحصول على شقة، والتسهيلات الأكثر في  الحصول على رخص بناء.  ورغم كل هذه الامتيازات للاسرائيلي، فان الحكومة لم تكتف بذلك بل وصادقت مؤخراً بالقراءتين الثانية والثالثة على مشروع قانون لجان السكن القومي في اسرائيل والذي يهدف الى تحديد سقف أدنى لأسعار الشقق السكنية واختصار اجراءات التنظيم والبناء ..

 وفي الوقت الذي يجد فيه الاسرائيلي كل هذه الميزات والتسهيلات فان المواطن المقدسي يواجه بكل أنواع الصعوبات والمعوقات عندما يقوم بطلب الحصول على رخصة لبناء بيت.. فحتى مشاريع الاسكان العربية تواجه صعوبة كبيرة في الحصول على رخص لاقامتها والتي عددها محدود جداً، واذا أعطيت رخصة فإنها تكون بمساحة محدودة وبطوابق قليلة مقارنة بما يعطى للاسرائيلي .. وأكبر دليل على ذلك اننا نشاهد عمارات شاهقة الارتفاع وبطوابق متعددة في المناطق الاسرائيلية والمستوطنات بينما معظم العمارات في القدس العربية لا يزيد ارتفاعها عن طابقين أو ثلاثة الا فيما ندر وبعد "طلوع الروح" كما يقول المثل.. فنسب البناء متدنية جداً للفلسطيني والمساحة التي يسمح له بالبناء عليها في غالبية الأحيان لا تزيد عن 25% وفي قليل من الأحيان تصل الى 75% من مساحة الأرض مقابل 75% الى 125% للاسرائيلي، وهذا أدى الى أزمة كبيرة للسكن في الجانب الفلسطيني وارتفاع كبير في أسعار الشقق السكنية، والتي أصبحت ثلاث أو أربعة أضعاف خلال العامين الماضيين، بحيث أصبح من المستحيل على الأزواج الشابة وحتى العائلات الحصول على شقة للسكن حتى بالايجار أيضاً بسبب ارتفاع الايجارات مع ازدياد الطلب وقلة الشقق السكنية ..

فبحسب تقرير لجمعية "عير عاميم" حول مشاريع تهويد القدس الشرقية بأن "إسرائيل تستخدم الأداة التخطيطية وسيلة من أجل المحافظة على ميزان ديمغرافي لمصلحة المستوطنين اليهود" فقد جاء في التقرير الذي نشرته "مدى" في شهر تشرين الأول عام 2010 بأن "تراخيص البناء المحدودة جداً التي أعطيت على امتداد السنوات لا تلبي البتة احتياجات السكان المتزايدة.  فمنذ العام 1967 ازداد عدد السكان الفلسطينيين في القدس من 70 ألف نسمة إلى 270 ألف نسمة، ولكن لم تعط طوال هذه الفترة سوى تراخيص لبناء 14 ألف وحدة سكنية فقط للسكان الفلسطينيين. وبأنه  وبناء على تقديرات البلدية الإسرائيلية، فإن الزيادة الطبيعية في صفوف السكان الفلسطينيين في المدينة تتطلب بناء ما لا يقل عن 1500 وحدة سكنية جديدة سنويا" .

يتباكون في اسرائيل على ارتفاع أسعار السكن رغم كل الامتيازات التي تمنح لهم وأعداد المستوطنات والوحدات السكنية التي تضاف يوماً بعد يوم، والبيوت التي يستولون عليها من أصحابها المقدسيين،  بينما وباعتراف جمعية اسرائيلية فان 200 ألف مقدسي حصلوا فقط على 14 ألف وحدة سكنية منذ عام 1967 رغم انهم بحاجة الى 1500 وحدة سكنية كل عام.. فماذا يفعل الباقون من دون شقق وفي ظل ارتفاع ايجارات الشقق فحتى الغرفة الواحدة في القدس أصبح ايجارها أكثر من 500 دولار شهرياً، يضاف اليها ضريبة البلدية الباهظة وفواتير المياه والكهرباء و.. هذه هي الأزمة الحقيقية بل الكارثة الكبرى للمقدسيين وليس "الأزمة" التي يتحدث عنها الاسرائيليون وأقاموا الدنيا عليها ولم يقعدوها.

من سيقف الى جانب المقدسيين الذين يريد الاحتلال تهويد مدينتهم من خلال اجراءاتهم القمعية، وأهمها تهجيرهم من مدينتهم بتشديد الخناق عليهم في كافة مجالات الحياة وبخاصة في موضوع السكن، فهم لا يستطيعون بناء بيوت تحميهم وان استطاع بعضهم ممن لديهم قطعة من الأرض الشروع في بناء منزل فان الرخص لا تمنح الا بعد أن تحفى أقدامهم وبرسوم بالغة جداً، مما أجبر البعض على البناء من غير رخصة فيتم هدم البيت.. وبعضهم حتى لا يستطيعون استئجار شقة  .. فحتى مجلس الاسكان الفلسطيني الذي كان يساعد في بناء المساكن قد تم تقييده.. فكيف سيصمد المقدسيون في القدس من دون بيوت تأويهم؟!! والى متى سيستطيعون الصمود؟!!

                                          ندى الحايك خزمو

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.