تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أبعـاد الضغـوط علـى سوريــة

 خاص/ محطة أخبار سورية 

 

أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، قبل أيام، أن الولايات المتحدة ستحضّ الأوروبيين والعرب وسواهم على ممارسة قدر أكبر من الضغوط على نظام الرئيس بشار الأسد لكي يوقف، ما قالت إنه قمع المحتجين المطالبين بالديمقراطية. هل يعتبر هذا التصريح اعترافا بالفشل الأمريكي في انتزاع أي مطالب من القيادة السورية رغم العقوبات الأمريكية والأوروبية التي فرضت على دمشق ومسؤولين سوريين قبل فترة، وبالتالي هناك حاجة إلى تجييش وتصعيد أوسع وأشمل!؟ أم أن تصريح الوزيرة الأمريكية يشي بمزيد من الضغوط المقبلة على سورية وصولاً إلى التصعيد العسكري وممارسته، كما قال ممثل روسيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) ديميتري روغوزين، إن الحلف بدأ في التخطيط لعملية عسكرية ضد سورية!؟ وهو، ربما، يشير من جانب آخر إلى فشل الحملة الداخلية التي استهدفت استقرار سورية وأمنها، وإسقاط نظامها، بل وإسقاط الدولة نفسها في سورية. لم تكن سورية يوماً بمنأى عن الضغوط الغربية عبر أشكال وطرق مختلفة. ولكن تصريح السيدة كلينتون ربما بدأ يأخذ طريقه إلى التنفيذ بأشكال مختلفة. ولعل أول الدلائل على الاستجابة للضغوط الأمريكية، تظهر في البيان الذي صدر قبل يومين عن دول مجلس التعاون الخليجي، والحملة الإعلامية التصعيدية التي رافقته من وسائل إعلام هذه الدول ضد سورية وقيادتها. بالتأكيد لا تريد الولايات المتحدة نصرة الشعب السوري أو قيادته إلى واحة الديمقراطية كما تدّعي، إذ لو كان الأمر كذلك، لكان الأجدى أن تقود الشعوب التي تدعي صداقتها ولاسيما في دول الخليج ذاتها. ولكن للولايات المتحدة أهداف وغايات أخرى، يمكن الانتباه إلى بعضها؛ أولاً، تشتيت الانتباه عما يجري في الولايات المتحدة والأزمة المالية والاقتصادية التي يعانيها الاقتصاد الأمريكي والغربي بشكل عام والتي لا تبدو في طريقها للحل قريباً؛ ثانياً، تخفيف الضغوط عن إسرائيل التي خسرت في الفترة الماضية أهم حلفائها في المنطقة، وأعني الرئيس حسني مبارك ودوره الذي تكشف في حمايتها؛ ثالثاً، ضرب أحد أهم أعمدة الحلف المقاوم والممانع في المنطقة، أي سورية أو إخضاعها وجعلها تستسلم وتتراجع عن مواقفها المقاومة، وبالتالي تحطيم وتدمير آخر دولة عربية، تستطيع، وتتخذ موقفاً معادياً للسياسات الغربية في المنطقة. هل تصل الأمور إلى التهديد العسكري!؟ حتى الآن نأت الولايات المتحدة ومعها حلف الأطلسي عن التهديد بالتدخل العسكري في سورية، لكن تصريحات المسؤول الروسي أعلاه تطرح الكثير من الأسئلة. من المؤكد أن احتلال سورية ليس نزهة ولن يكون أبداً، وهذا ما يدركه الغرب الأطلسي عموماً. ولهذا، ربما، يتم استبعاد هذا الخيار على الأقل مؤقتاً. أما وسائل التأثير الأخرى على المواقف السوري للحصول على تنازلات فهي محدودة أيضا، باعتراف الغرب نفسه، ولسبب بسيط، هو أن هذا الغرب ولاسيما الولايات المتحدة منه، لم "يسلّف" سورية شيئاً مهماً أو إيجابياً ليحصل مقابله على تنازلات سورية، لم يثبت التاريخ أن سورية أقدمت على تقديم مثلها. بالطبع، الضغوط كبيرة ومتنوعة؛ سياسية ودبلوماسية واقتصادية، وهي مستمرة، لكنها ليست العامل الفصل في الأمور. فما يحدد نتيجة الحرب الدائرة على سورية وحلفائها من جهة، من قبل أمريكا وحلفائها من جهة أخرى، تحسمها عوامل عديدة أخرى أهمها؛ أولاً، ثبات وقوة النظام في سورية والذي لم يظهر أي علامة ضعف حتى الآن في أي من مفاصله، كما كان الطرف الآخر يراهن وما زال؛ وثانيها، تماسك المجتمع السوري ووعيه، رغم الاختراق الذي تعرض له البعض القليل من السوريين. وثالثاً، أن قوة الداخل السوري شعباً وحكومة وجيشاً قوياً وقيادة واثقة، أعطت الحلفاء الإقليميين والدوليين الحافز الأساسي لاستمرار مواقفهم الداعمة لسورية ومواقفها وحقوقها المشروعة وسياساتها الإصلاحية التي بدأتها والتي تؤكد وتصرّ على استمرارها أياً تكن مواقف الآخرين التخريبية. وتالياً فإن سورية تملك من القوة الذاتية، ولاسيما العسكرية المتطورة، ما يجعل الآخرين يحسبون لها ألف حساب، فيما أثبت هؤلاء فشلهم في أفغانستان والعراق وحتى في.. ليبيا!! تعتبَر الحرب في القانون الدولي آخر وسيلة للتفاوض. وتعرف سورية أن الحرب التي تدار وتشنّ عليها تحت شعارات إنسانية براقة ومضللة، هي لجعلها ترضخ وتقدّم تنازلات تهدف في النهاية إلى إضعافها وتهديد وحدتها وقوتها. ولذلك كانت سورية ولازالت مستمرة بخوض معركتها بكل هدوء وصبر وتأن، وهي لن تصرخ أولا ولن تصرخ ثانياً ولن تصرخ أبداً.. ومَن يفكر بالاعتداء عليها عسكرياً، ربما يحتاج أن يفكّر بالأمر عشرات المرات قبل أن يُقدم على مثل هذه الحماقة. سورية تسيرُ سريعاً في طريق التعافي من محنتها، وهي استطاعت تحويل الأزمة والمحنة إلى مناسبة لتطوير نفسها وتصحيح الأخطاء التي ارتكبت ومعالجة نقاط الضعف التي اكتشفت في جسدها، وهي بالتالي، ستعود أقوى وأمنع مما كانت عليه، والأيام القامة ستؤكد هذه الحقيقة.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.