تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عيسى الأيوبي: شجعان بيريز وأبطال سورية

 

محطة أخبار سورية

«كلي احترام وتقدير للمتظاهرين السوريين الشجعان» هذا الكلام هو لشيمون بيريز رئيس الكيان الصهيوني الغاصب بتاريخ 26 تموز 2011 الذي أكد في لقاء مع الصحافة العربية في الأرض المحتلة أنه «يتعين على بشار الأسد الرحيل». هذا الكلام بشقيه كان متوقعاً وطبيعياً أن يصدر عن عدو رأى أن طموحاته تذهب أدراج الرياح فالسوريون يستعدون لمعركة جديدة بالتعاون والتضامن والتكافل بين الشعب الذي يستحق أن يحمل اسم الشعب السوري ومن هم في القيادة وبدأت ارهاصات التحديث تظهر عبر قانون تأسيس وعمل الأحزاب التي تؤسس لنظام فكر ونهج جديدين. أحزاب تعيد تنظيم الحوار الديمقراطي وتنظيم الحراك السياسي على قواعد موحدة تحت سقف مصلحة الوطن ومستقبل مواطنيه تؤكد العقد السياسي والثقافي والاجتماعي في سورية المستقبل.

هذا الأمر وإن كان يشكل الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل السورية إلا أنه يخيف الكيان الصهيوني وقياداته التي تعرف جيداً أن سورية ومهما بلغت أزماتها ومهما كانت حاجتها للإصلاح والتطوير في بناها السياسية والاقتصادية والاجتماعية إلا أنها تبقى النواة الصلبة لمواجهة مشروعها.

لكن ما قاله بيريز في تحيته لا يقصد بالتأكيد «المتظاهرين الظاهرين» الذين ساروا ويسيرون بأمان مطالبين بالإصلاح أو الداعمين لخطواته بل هؤلاء «المتظاهرين الخفيين» وخفافيش الليل الذين يريدون ابتزاز السوريين وأخذهم رهائن لطموحاتهم في المال والسلطة.

من المفترض أن يثير كلام شيمون بيريز ردود فعل لدى من حياهم وحيا شجاعتهم وأن يستفيق الضالون من ضلالهم ويعرفوا حقيقة ما يحصل في سورية ويميزوا بدقة بين من يمتطي وينتهز حركتهم المطلبية الطبيعية ومن استجاب لها وحرَك كل ما لديه من أحلام وأدوات وآليات لتحقيقها.

قد يثور البعض على ما أكتب ويعتبرونه «تدخلاً سافراً» في شؤون سورية والسوريين الداخلية، كما قيل لي من بعضهم في باريس. لكني مع تفهمي لموقفهم الانعزالي الذي سقط في لبنان رغم الدعم الإسرائيلي والأميركي. إلا أني مقتنع أن سورية ليست مسألة قطرية أو كيانية بل هي قضية قومية شاملة وأن الأخطاء التي وقعت في فلسطين ومؤخراً في العراق لن يكررها القوميون ولا المؤمنون. وأنه لا مجال للتضحية بآخر ما تملك الأمة من عناصر قوتها التاريخية والثقافية والحضارية.

مسألة تحصين سورية وتحديثها وتملكها لعناصر القوة والحداثة ليست معركة من حملوا بطاقة هوية بل من اعتنق الهوية وعلى أبناء الهوية ألا يخجلوا ولا ينهزموا أمام الانعزاليين أينما وجدوا.

معركة إسقاط الهويات القاتلة ومعركة إسقاط مفاعيل سايكس بيكو وسان ريمو وقبلهما وعد بلفور وبعده وعد بوش ووعد ساركوزي ووعد شيراك تبدأ في سورية لكونها النواة الصلبة لهذه الثورة الجيو-إستراتيجية ولا تنتهي بها بالتأكيد بل ستشمل حكماً كل المحيط الجيو-سياسي والجيو-ثقافي والجيو –اقتصادي والجيو-تاريخي أيضاً.

ويبدو واضحاً الخطر السوري على مفاعيل الاستعمار فالمجتمع السوري شكل الحاضنة الرئيسية للممانعة طوال المراحل السابقة في الصراع. لكن يبدو أيضاً أن سورية الحديثة، الديمقراطية، المتعددة للأحزاب الناظمة للحياة السياسية والحراك السياسي وللحياة الثقافية والاقتصادية أيضاً هذه السورية ستشكل لاحقاً حاضنة للحوار الحضاري المقبل كما ستشكل حاضنة لانتصار الحضارة على الهمجية وللتفاعل على الاستعمار.

بالتأكيد في أزمنة التحول هذه على من يريد أن يكون له دور أو بصمة في صورة المستقبل أن يشارك ويلتحق بالركب فاعلاً ومتفاعلاً لا أن يتحول إلى قرصان أو قاطع طرق فالقافلة تسير، على ما يبدو، سواء عوى بيريز أم غيره معه. أليس لافتاً أن الجامع الأساسي لأعداء سورية في الداخل والخارج هم الطائفيون وحلفاء الإدارات الأميركية والغرب والمستغربون والمستسلمون للإرادة الصهيونية وفاقدو الثقة بشعبهم ومفسدوه ومضللوه وأن الجامع الأكبر للمنتصرين لسورية وبها هم العلمانيون المؤمنون الصادقون مع أنفسهم ومع شعبهم والواثقون بشعبهم والفخورون بهويتهم وبقدرتهم على التحديث والبناء والإصلاح والتطوير. إنه قدر سورية القومي والتاريخي.

 

باريس- عيسى الأيوبي

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.