تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الحوار الوطني بين الوسيلة والهدف

محطة أخبار سورية

بقلم: د. أحمد الحاج علي

سوف يكون من شأن الحوار الوطني السوري أنه يشكل ظاهرة تدخل إلى التداول وهي محملة بآفاق المشروعية ودوافع البحث عن الأفضل والأمثل مثلما تحمل هذه التجربة في أعماقها الكثير من الإشكالات التي تبدو أحياناً عقبات قد تعطل الحوار أو قد تأخذ به إلى مستويات أقل من المتوقع والمأمول، ولابد من استيعاب الحوار المطروح من خلال خاصيتين تحيطان به إحداهما فكرية عامة تؤكد أن الحوار وسيلة وهدف في سياق واحد وهذا يعني أن الحوار كونه هدفاً يجب ألا يغيب عن الساحة الوطنية لأن غيابه يعني مباشرة حضور السلبيات وتكاثر الأخطاء والخطايا والانحرافات ومن هنا تكمن أهمية الجدية والمصداقية في عملية الحوار سواء من حيث موضوعات الحوار أو من حيث أهدافه أو من حيث القوى السياسية والاجتماعية المعنية به ومثلما الحوار هدف كذلك هو وسيلة لإبقاء الحالة الوطنية في حضن الفاعلية وللتعرف على المديات التي يصل إليها مبدأ الاعتراف بالآخر والتقاط نسبة المديات التي أنجز فيها الحوار طاقته وأهدافه القريبة والبعيدة وباجتماع الصفتين في الحوار أعني كونه هدفاً وكونه وسيلة هو الذي يعطيه هذه الضرورة الملحة وهذه الجدية في أن يدخل حياتنا الوطنية والاجتماعية على ألا يغادرها أبداً، وثاني الخاصيتين اللتين تحيطان بالحوار هي أنه حوار وطني أي إن قواعده ومبرراته تأسس في الحالة الوطنية من حيث أن الوطن ملك جميع أبنائه وأن مهام بناء الوطن هي مسؤولية الجميع، وأن الحوار بهذا المعنى الوطني سوف يكون واحداً من أهم مقومات الوحدة الوطنية ومن أهم فاعلية هذه الوحدة ومن أهم المعايير التي تدل على أن الوحدة الوطنية هي انتماء وطاقة وتصحيح، ومن الملاحظ هنا أن النقلة النوعية تتم في الحوار ذاته فقد كان قائماً فيما مضى ولكنه كان حواراً حزبياً وسياسياً وتنظيمياً أي إنه كان ينجز شروط التفاعل مع الذات وتغيب منه بنسب مختلفة شروط التعامل مع الآخر والذي هو بمساحة الوطن وهذه النقلة من الحوار السياسي إلى الحوار الوطني تستحوذ اليوم على نقاط حيوية هامة ولا يجوز القفز من فوقها فالحوار ليس كلاماً بين طرفين أو أطراف بل هو لغة فكرية منهجية تدخل كمادة نوعية في حياة الفرد والمجموع بحيث تضيف الإيجابي إلى ما هو قائم وترفع السلبي مما هو متكلس وتجعل نسبة التفاعل تعادل تماماً نسبة وجود الحوار ونسبة التشارك فيه ويتطلب الوضع الراهن أن ندخل في التداول ثلاث نقاط هي الأوسع والأعمق في هذه المرحلة.‏

 

1- أن يتم التعاطي مع مادة الحوار وثقافة الحوار وأخلاقيات الحوار في سياق واحد وهذا يعني أن القناعة به لابد أن تكون أخلاقية ومصيرية قبل أي اعتبار ثم إن الإطار الذي يتحرك فيه الحوار يستند إلى فكرة البحث عن المشتركات والقواسم التي لابد من إغنائها وتطوير مساحة حضورها باستمرار.‏

 

2- إن الحوار في حقيقته وعمقه يخرج عن كونه مطلباً تستدعيه جهة وتآمر به جهة أخرى إن التعادلية بعيداً عن أي حسابات هي القاعدة التي تصلح لإقامة الحوار ويخطىء من يعتقد أن الحوار هو فكرة النظام السياسي وقراره أو أنه مكرمة كما اعتدنا أن نطلق هذا الوصف على فواصل التحسينات في الحياة المعاشية والاجتماعية.‏

 

3- إن الحوار الوطني المطلوب يتأسس على اعتبارين عضويين أولهما أن المسألة هي في البحث عن سلامة الوطن وقوته وبما يعنيه ذلك من استيعاب للأزمة الراهنة واستثمار خصائصها على نحو إيجابي ولكن في إطارات أكبر وآفاق أغنى هي حدود الوطن وهموم المواطن ومصلحة الجميع في أن يصوغوا التجربة بكثير من الإيجابية والقدرة على إعادة إنتاج النظام السياسي أولاً وإعادة إنتاج العلاقات بين كل الأطياف والمكونات السياسية والاجتماعية في بلدنا وهذا يعني أن يكون الطريق هو من الراهن إلى المستقبل ومن الخاص إلى العام ومن الفردي إلى الجماعي ومن التشنج إلى المرتاح والمعافى والآمن، إن الحوار في مثل هذه الحالة يوصف بأنه طاقة بناء على قدر ما هو حلاّل عقد وفكَّاك مصائب ويأتي الاعتبار الثاني في الحوار ليؤكد أن القاعدة العليا هي ربح الجميع في مواجهة كل المخاطر وبالتالي فالمسألة هي اقتناع بالآخر واعتراف بشرط أهميته وحضوره ودفعه والاندفاع به.‏

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.