تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

البقرة الليبية.. والحليب المفقود!!

خاص/ محطة أخبار سورية

أذكر عندما كنّا أطفالاً، كانت جدتي تسألنا بذكاء؛ هل تريدون أن تشربوا الحليب؟ فنردّ نعم.. نعم، ولأنها كانت تريد منّا أن نحضر الحشائش والأعشاب للبقرة الحلوب، كانت تقول، ما في حليب.. نشفت البقرة ما حدا عم يطعميها (أي توقفت البقرة عن إعطاء الحليب بسبب سوء التغذية وقلّة الاهتمام).

معها حق تلك العجوز. لكنني لست أدري لماذا تذكرت قولها بعد مضي كلّ هذه السنوات وأنا أقرأ خبراً في صحيفة النهار اللبنانية(19/6/2011) يتهم فيه مسؤول صناعة النفط في "المجلس الوطني الانتقالي" الليبي علي الترهوني الغرب بعدم الوفاء بتعهداته تقديم مساعدة مالية عاجلة، قائلا إن الأموال نفدت تماما من المعارضة بعد أشهر من القتال.. وأضاف أنه لا يتوقع إنتاج النفط قريبا، موضحا أن المصافي لا تعمل بسبب عدم توافر النفط الخام لديها.

إذن البقرة الليبية توقفت عن الحليب، والغرب لا يريد أن يمدّ يد المساعدة والعون. والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن، هو، متى كان الغرب جمعية خيرية لعون المحتاجين ولنصرة المظلومين!! يبدو أن بعضنا لا يقرأ ولا يريد ان يعرف حقيقة الأمور ومسار حركة التاريخ ولا يريد ان يتعلم دروسها.

الخبر في الصحيفة يشير إلى أن "شرق ليبيا يعاني أوضاعاً اقتصادية صعبة، إذ تسعى المعارضة الى تأمين الأموال اللازمة للعمليات العسكرية ودفع الأجور في مجتمع يعتمد معظم أفراده بعد عقود من الحكم المركزي على رواتب حكومية". والسؤال الذي يخطر في البال: ألم يكن يدرك المجلس الانتقالي كلّ هذه الحقائق قبل الوقوع في فخ التحريض الغربي!؟ هل حقاً يريد الغرب الديمقراطية في ليبيا والحرية للشعب الليبي والتقدم والازدهار له!؟ هل ما يجري في ليبيا الآن من قتل وتدمير هو الطريق إلى الديمقراطية بعدما أصبح الثمن أغلى وارفع من الهدف!؟ وطالما أن الليبيين يُقتلون ويموتون بأيدي إخوانهم وأبناء جلدتهم، والبعض الأخر يموت على أيدي القوات الغربية الغازية وصواريخها الذكية وطائراتها الموجّهة، فمن بقي يا ترى ليمارس الديمقراطية، ومع مَن وكيف طالما أن تقسيم البلاد قاب قوسين أو أدنى!؟

بالطبع لا ندافع عن العقيد معمر القذافي وطريقته في الحكم ولاسيما بعد روائح الفساد التي فاحت عندما تحرك من مقعده، ولكننا لا نريد أيضاً أن تأتي المعارضة الليبية إلى الحكم على ظهر الدبابات الأمريكية والغربية وعلى جثث الليبيين ودمائهم وأشلائهم وأشلاء ليبيا ووحدتها.

ويقول الخبر أن الاقتصاد الليبي يعتمد على تصدير النفط، "وتكافح المعارضة لتلبية الحاجات في ظل توقف إنتاج الخام من جراء الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية لقطاع الطاقة بسبب الحرب". ربما سينتظر الترهوني كثيراً وطويلاً لأن الغرب لن يدفع له ولمجلسه الموقر؛ الغرب يقبض فقط. الغرب يجرّب أسلحته ويفرّق بين الليبيين ويمزّق ثورة عمر المختار ويدفنها في الصحراء الكبرى ويدفن معها شهامة وكرامة الشعب الليبي وكلّ تضحياته.

الخبر يضيف عن الترهوني قوله إن "المعارضة تنفق نحو 100 مليون دينار ليبي (86 مليون دولار) يوميا، مستبعداً أن تستسلم المعارضة رغم صعوبة التحديات".

بالطبع لم يبيّن السيد الترهوني أين يتم الإنفاق، لكننا نعلم أن الإنفاق يتم على الحرب والعمليات الحربية وتدمير وتخريب ليبيا وقتل قوات القذافي (وكأنها ليست قوات ليبية ومن الشعب الليبي)، وليس على المشاريع الاستثمارية والإعمار والتنمية والبناء وتطوير البنى التحتية. وبالطبع نصدّق الترهوني عندما يقول إنه لن يستسلم وإن المعارضة لن تستسلم رغم صعوبة التحديات، لأن إغراء الكرسي وتوزيع الغنائم يعمي العيون عن كلّ أمر آخر.

الخبر يضيف أن النمسا اعترفت بـ"المجلس الوطني الانتقالي" ممثلاً شرعياً للشعب الليبي. ترى، من سأل الشعب الليبي عن رأيه؟ وهل جاء المجلس الانتقالي بناء على انتخابات تشريعية وشفافة وديمقراطية، أم أنه حصل على موافقة الغرب فقط؟ هل أصبحت الشرعية التي يمنحها الغرب بديلاً عن رأي الشعب وكافية للتعتيم عليه؟ ثم، أليس من الجرأة والقوة ان يطرح نجل الرئيس القذافي "تحدّي" إجراء استفتاء عام في ليبيا؟

تأخر كلّ شيء في ليبيا على ما يبدو، إلا الموت.. الموت القادم والمستمر هو الحقيقة المؤكدة.. والخراب والدم والتدمير هو الحقيقة المؤكدة. أما متى ستنهض ليبيا في المستقبل؟ الله أعلم. فالخبر يقول أنه "ورغم قصف القوات الموالية للقذافي، فإن معارك عنيفة تدور في جبال نفوسة غرب ليبيا حيث يحاول الثوار تعزيز مواقعهم".

القذافي يظهر على التلفاز يلعب الشطرنج مع رئيس الاتحاد الدولي للعبة، لكننا لم نعرف إن كانت المباراة قد أكملت وماذا كانت النتيجة!!

بالطبع خسرت ليبيا وخسر الشعب الليبي النتيجة ورغم ذلك مطلوب منهما أن يصفقا للفائز وان يتحملا مرارة الهزيمة وتبعاتها!!

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.