تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

عن التشاركية والديمقراطية!

 

رغم أنني سوري مزمن وفخور بسوريتي مع الإصرار، أعترف لكم أنني تمنيت، لبضع لحظات، لو كنت لبنانياً، ليلة الجمعة، وأنا أتابع باهتمام اللقاء الذي أجرته قناة «الدنيا» على الهواء مع المفكر أنيس النقاش. والأمر لا علاقة له بمدى إعجابي بحضور بديهة الرجل وعمق ثقافته ووضوح عبارته والتزامه، ولا بالطروحات الجريئة والأسئلة المحرجة التي أثارها خلال اللقاء، بل بالطريقة التفضيلية المحرجة التي يعامل بها المثقف اللبناني في وسائل الإعلام السورية.
ومبعث شعوري بالحرج هو أن الفضائية السورية سجلت ندوة قدمها الزميل مخلص الورار، وشارك فيها الدكتور فايز الصايغ وكاتب هذه الكلمات، قبل أكثر من ثلاثة أسابيع وبثت قبل أسبوعين على القناة الأرضية، ثم اعترض عليها «الرقيب» ووجه لوماً لمن أجاز عرضها فلم تعرض على القناة الفضائية!
في ندوتنا، انتقدت فقر موقع «التشاركية» الذي تطل الحكومة علينا من خلاله على الإنترنت، وطالبت بأن يتم تفعيله بما ينسجم مع اسمه، بحيث تتاح، من خلاله، مناقشة مشاريع القوانين كي تأتي معبرة، عند صدورها، عن تطلعات الجميع. كما انتقدت إعلامنا وقلت أنه مزدحم بالموظفين المتطفلين على المهنة، وإن مؤسساته طاردة للكفاءات. ولو قارنا بين جرعة النقد في ندوة أنيس النقاش وندوتنا التي منع عرضها لشعرنا بالحرج فعلاً، وهذا ما جعلني أتمنى، لو كنت لبنانياً، ولو لبضع لحظات!
يرى ابن عربي في فتوحاته المكية أن «الغضب نار محرقة» وأن تمالك النفس عند الغضب «صدقةٌ عليها» وهو في هذا يتمثَّل قول الرسول العربي اللـه صلى اللـه عليه وسلم: «ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب»، لذلك أربأ بنفسي أن أصدر أي حكم تحت تأثير الغضب، وأرفض منطق التخوين جملة وتفصيلاً، رغم ذلك أود أن تقفوا معي عند ما جرى بين قطبين ما يسمى «المعارضة السورية في الخارج» خلال الأيام القليلة الماضية، لأنه جدير بالاهتمام حقاً.
بدأت المسألة عندما أعلن برهان غليون أنه لن يحضر المؤتمر المزمع عقده آخر الشهر الحالي في أنطاليا بتركيا، لأنه، أي المؤتمر «... يجمع بين الكثير ممن يريد أن يستفيد من الثورة ويستغلها لخدمة أجندات خاصة، ومنها أجنبية لسوء الحظ».
فما كان من عبد الرزاق عيد إلا أن اتهم رفيقه غليون بـ«تبنيه للخطاب الأمني السوري» والهبوط «... إلى هذا الدرك المسف من اللغة التخوينية المنحطة». ولم يكتف عيد بهذا بل أشار إلى أن موقع غليون كأستاذ في السوربون «هو أهم ما يملك من كفاءات ومواهب» وأن موقع غليون في السوربون ما هو إلا «ثمرة قرار أجنبي، أو يخدم أجندات أجنبية».
المفكر الفرنسي جان جوريس 1859 - 1914 عرَّف الشعب بأنه «يتكون من كل من ليست له مصلحة خاصة تعارض لمصلحة العامة».
فإذا كان رفاق الصف الواحد في ما يسمى المعارضة السورية في الخارج، يمارسون الديمقراطية بينهم بهذا الشكل، فكيف يمكن أن يمارسوها معنا نحن أبناء الشعب؟

حسن م. يوسف

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.