تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

مديرو المكاتب الصحفية في وزارت الدولة!؟

خاص/ محطة أخبار سورية

مديـرو المكاتب الصحفية في وزارت الدولة، هل هم جزء من الحـل أم من المشكلــــة!؟

 

في ظل التطورات التي تشهدها سورية، ولاسيما في ظل العمل على إعداد قانون جديد للإعلام يصدر قريباً، سيَفتح الباب واسعاً أمام النشاط الإعلامي الواسع في سورية، تبرز مشكلة مهمة، ليست في توسيع دور الإعلام، بل في كيفية تعامل الجهات الأخرى مع هذا التوجه الجديد وهذا الدور الجديد لإعلام الرسمي والخاص القادم بقوة على الساحة السورية، في إطار الجهود المبذولة للتطوير والإصلاح الجارية في القطر..

ويبرز في هذا الصدد، دور مديري المكاتب الصحفية القائمة في وزارات الدولة وفي المحافظات، وبقية المؤسسات العامة والخاصة. فهل هؤلاء على استعداد وهل لديهم القدرة على القيام بمتطلبات المرحلة الجديدة، لاسيما وأن التجربة الماضية، أثبتت أن معظمهم لم يكن على قدر المسؤولية ولم يكن مؤهلاً للقيام بما هو مطلوب منه، فهل هم جزء من المشكلة!؟ سنحاول فيما يلي الوقوف على حقيقة "دور وأهلية" هؤلاء للقيام بما يمكّنهم من إبراز دور المؤسسات التي يمثلوها وإظهار النشاطات التي تقوم بها بما يخدم سمعة هذه المؤسسات:

أولاً، إن معظم العاملين في المكاتب الصحفية في وزارات الدولة ومحافظاتها، ليسوا إعلاميين (أو إعلاميين بدون أي خبرة إعلامية لاسيما حول شروط العمل في المكاتب الصحفية)، بل موظفين يتعاطون مع العمل في مكاتبهم وكأنهم عمال في أي شركة للنقل أو للخضار، يأتون صباحاً ويذهبون في الظهيرة والمهم أنهم يتقاضون رواتبهم!

وبكلام أكثر دقة: لا يعرفون ما هي واجباتهم وما هو دورهم، ولا يبادرون إلى تحسين خبراتهم، لأنهم لا يشعرون بالحاجة إلى ذلك؛ فمعظم المؤسسات التي يعمل فيها هؤلاء لا تفضل قدوم الصحفي إليها ولا تهم لذلك، بل وتحاول إخفاء المعلومة عن كل وسائل الإعلام. والمهم بالنسبة لبعض الوزراء والمحافظين أن تظهر صورهم هم وأخبارهم هم في وسائل الإعلام، دون أن يدرك أي منهم أن ليس هذا ما يهمّ المشاهد، بل إن إظهار نتائج أي عمل يقوم به الوزير أو نتائج أعماله الإيجابية هي ما تهم المواطن وما يحسّن صورة الوزير أو المحافظ أو أي مسؤول. ويخطئ أي مسؤول في الدولة بابتعاده عن وسائل الإعلام ـ عمداً أو جهلاً ـ مع التأكيد أن هذا الابتعاد لن يكون ممكناً في المرحلة القادمة.

ثانياً، وفي ضوء الأجواء السابقة، فإن العاملين في المكاتب الصحفية، وإن أرادوا القيام بواجبهم، فإنهم سوف يفشلون في القيام بتحقيق التوازن بين واجبهم المهني الإعلامي ودورهم في الولاء للمؤسسات التي هم يمثلوها(مع أنه في حقيقة الأمر لايوجد تعارض إذا كان العاملون في المكاتب الصحفية يدركون مسؤولياتهم بشكل جيد)، وذلك لأنهم لا يجيدون تقدير الأمور بالشكل الصحيح. فالمؤسسة والعاملون فيها لا تريد ولا يريدون في الغالب، إعطاء وتقديم المعلومة، وهذا خطأ فادح يرتكبونه لأنه يضر بالمؤسسة وبسمعتها وبالشفافية والوضوح حول ما تقوم به من جهة، ولأنه يعتّم على منجزاتها من جهة أخرى. أما الإعلامي الباحث عن المعلومة التي يتم حجبها عنه، فسيضطر إلى الحصول عليها من مصادر أخرى قد لا تكون دقيقة، وقد تتضمن (وهذا ما يحصل في الغالب) أشياء تسيء للمؤسسة. الصحفي يريد المعلومة ويريد التغطية الإخبارية وهذا دوره وواجبه، فلماذا لا يفهم المعنيون ذلك ويساعدونه على أداء واجبه!؟

ثالثاً، المكتب الصحفي أكثر من صلة وصل بين المؤسسة التي يمثلها وعليه نقل أخبارها وإظهار نشاطاتها في مختلف وسائل الإعلام، وبين هذه الوسائل التي لا تشبع من المعلومات ومن الأخبار ومن التكرار والبحث والتمحيص عن كلّ جديد لتحقيق السبق. ومن هنا نجد أن يقوم العاملون في المكاتب الصحفية بالمبادرة والذهاب إلى الوسيلة الإعلامية(لاسيما التي تهاجم المؤسسة التي يعملون فيها) لخلق علاقات معها والتعاون في كيفية إيصال المعلومة، بدل أن ينتظر هؤلاء قدومها إليهم، وقد لا تأتي، أو تأتي في أوقات لا يريدونها.

ونلفت هنا إلى أن العلاقات العامة الممتازة للعاملين في المكتب الصحفي، مطلوبة وضرورية ولكنها لا تكفي لإبراز دور الوزارة أو أي مؤسسة معنية، ولا تغني عن الجانب المهني الأساس..

كما نلفت أيضاً، إلى أن العديد من الوزارات ومن الوزراء أو المحافظين والمديرين، يقومون بنشاطات أو يتخذون قرارات هامة ولها نتائج وانعكاسات شعبية كبيرة وحساسة، ولكننا لا نسمع بها إلا متأخراً وقد لا نسمع بها أبداً، لأن المكاتب الصحفية لدى هؤلاء، وبسبب الإهمال أو التقصير أو نقص المهنية والوعي وعدم تقدير المسؤولية...الخ، لا تقوم بواجبها بإيصال المعلومة التي قد يكون الكثيرون بانتظارها، وأن مجرد وصولها يعطي فكرة جيدة عن المؤسسة ونشاطها!!

رابعاً، تحاول المكاتب الصحفية التركيز على نشاطات الوزير البروتوكولية، وليس على النتائج والقرارات: استقبل، ودّع، التقى، اجتمع... الخ! هذا لا يهم أحداً، وهذه ليست أخباراً. والأهم من كلّ ذلك أن هذا النوع من التغطية لا يخدم المسؤول بل يقدم عنه صورة "صورية" باهتة سرعان ما يملّ الناس من مشاهدتها. ومهمة المكتب الصحفي هي تقديم الحقيقي والجديد والمفيد في المؤسسة التي يعمل فيها، ويمثلها، وأن يقنع الوزير أو المسؤول الأعلى بذلك، وهذا دوره وواجبه ومسؤوليته وسبيله للنجاح.

خامساً، المكتب الإعلامي مسؤول عن تأمين الردود على ما يكتب وينشر في وسائل الإعلام بما يتعلق بالمؤسسة التي يمثلها هذا المكتب. والردود قد تكون مباشرة وقد لا تكون مباشرة، بل يمكن جمعها وإيرادها عبر مقابلة مع أحد المسؤولين البارزين في الوزارة أو المحافظة أو المؤسسة، وبالتالي يصل الإيضاح أو تصحيح المعلومة أو الإضافة عليها...الخ، إلى الوسيلة الإعلامية أولاً وإلى المواطن الذي هو غاية كلّ هذه العملية ثانياً.

سادساً، ليست المشكلة في المؤسسة أو الوزارة، فحسب، بل في الإعلاميين أيضاً. بعض الإعلاميين لا يريد أن يكلف نفسه عناء العمل ويحاول ترك هذه المهمة على عاتق المكتب الصحفي، فيرسل له مثلاً، أسئلة عبر الفاكس أو البريد الالكتروني، ويطلب الإجابة عنها، دون حضوره للمكتب الصحفي، على قاعدة التهديد الضمني أنني "إن لم تجيبوا، فسأنشر عرضكم في صحيفتي أو تلفزيوني"، وبعد أن يتلقى الإجابات يضع اسمه عليها على إنه هو من أجرى المقابلة أو قام بالعمل.

بعض الإعلاميين الأخر، يتقاضى على المواضيع والمواد الإعلامية التي يقوم بإعدادها وعدم نشرها أكثر من تلك التي يعدّها وينشرها. وهذا النوع من الإعلاميين هو الأخطر، ولكن يمكن كشفه ومحاسبته ووضع حدّ له لأنه يشارك في الفساد بشكل مباشر ومداورة أيضاً.

أين الحلّ!؟

يكمن الحل بتكليف أشخاص أكفاء ومختصين للعمل في المكاتب الصحفية، وممن دربوا على ذلك. من أين نحصل على هؤلاء، وكيف نؤمن لهم الاستقلالية المطلوبة للقيام بعملهم؟

قد يكون الجواب في أن تقوم وزارة الإعلام بانتقاء عدد من الصحفيين الجيدين وأن تخضعهم لدورة خاصة حول كيفية العمل في المكاتب الصحفية(الحصول على الأخبار، تقدير أهميتها، كيفية إبراز النشاطات المهمة للمؤسسة التي هم موجودون فيها، كيفية عقد مؤتمرات صحفية، شيئاً عن العلاقات العامة... الخ.)، ومن ثم ترسل هؤلاء للعمل في الوزارات والجهات الأخرى المعنية (على طريقة عمل المحاسبين في وزارة المالية). وهذا الإجراء ليس القصد منه احتكار وزارة الإعلام لدور هؤلاء، بل لتفعليه، وهو يفيد في عدة أمور، منها:

1) الحصول على أشخاص أكفاء مؤهلين مدربين للقيام بواجبهم

 

2) أشخاص غير خاضعين تماماً لسلطة الوزير أو المسؤول المباشر الذي يعملون تحت إمرته، وبالتالي لديهم هامش أوسع من الحرية والتحرك والاستقلالية،

 

3) أشخاص يمكنهم أن يكونوا أكثر من صلة الوصل بين المؤسسة التي يعملون فيها وبين الوسائل الإعلامية.

 

إن عمل المكاتب الصحفية مهمٌ جداً للغاية في المرحلة المقبلة، ولاسيما في مرحلة يتسع فيها دور الإعلام وتتعدد وسائطه، وفي مرحلة مقبلة على الكثير من التغيرات والنشاطات والإصلاحات والقوانين والمراسيم والنشاط في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في سورية.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.