تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

سورية تتخطى الأزمة: هل من مؤشرات!؟

خاص/ محطة أخبار سورية

اعتبر نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم، قبل أيام أن هناك مؤشرات على أن سورية بدأت تتخطى الأزمة التي مرّت بها، معتبراً أن العقوبات الدولية التي فرضت عليها دليل على ذلك. ولعل من المنطقي التفكير بهذا الاتجاه، إذ، لو أن الأوضاع في سورية سارت نحو الفوضى والانهيار وأفول شمس النظام لما احتاج الأمريكيون ومن يتبعهم إلى فرض عقوبات على سورية ولاسيما على المسؤولين فيها؛ فما قيمة العقوبات على شخص ذاهب لا أهمية له!؟، لكن إمساك القيادة السورية بزمام الأمور دفع الغرب للخيبة، وفرض العقوبات المتجنّية الظالمة التي كانت قبل أيام.

أمر آخر يمكن الوقوف عنده وهو تغيّر اللهجة التركية تجاه سورية في الفترة الأخيرة، والتراجع عن حدة التصعيد الذي كانت قد انزلقت إليه. ولفت في الأمر الاتصال الذي أجراه قبل أيام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بالرئيس بشار الأسد، حيث شدد أردوغان على حرص أنقرة على العلاقات الإستراتيجية مع دمشق، فيما صرح وزير خارجيته أحمد داود أوغلو بأن تركيا تريد تنفيذ الإصلاحات في سورية عن طريق الرئيس الأسد. وتزامن ذلك، مع نفي مصادر في الخارجية التركية وجود أي علاقة لأنقرة بمؤتمر المعارضة السورية الذي سيعقد في مدينة أنطاليا التركية الثلاثاء.

ويأتي ذلك أيضاً، بعدما نجحت الضغوط الروسية في تخفيف حدة البيان الختامي لقمة مجموعة الثماني في دوفيل الفرنسية، حيث تم شطب تهديد دمشق بتحويل ملفها إلى مجلس الأمن الدولي. وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، على هامش القمة، "اطلعنا على مشروع القرار. لن ندرسه حتى في هذه المرحلة، وسننحيه جانبا. انه غير ملائم ويتسبب بضرر". وأضاف "لا توجد أسباب للنظر في هذه المسألة (سوريا) في مجلس الأمن الدولي. لن نقرأ حتى النص"، موضحاً أن "الوضع السوري يختلف جذرياً عن الوضع في ليبيا، ونرى أن القيادة السورية تسعى إلى إصلاحات".

وحدث هذا وذاك، بعد عشاء أقامه الأسبوع الماضي، السفير القطري في دمشق زايد بن سعيد الخيارين على شرف وزير الخارجية السوري وليد المعلم، وبحضور أعضاء السلك الدبلوماسي العربي، أعلن فيه الخيارين موقفاً لافتاً في هذه الظروف تمثل بتأكيد قيادة قطر على "أمن واستقرار سوريا بقيادة الرئيس بشار الأسد".

هذا خارجياً، أما داخلياً، فتمكن الإشارة إلى عدد من النقاط في سورية، منها؛ تراجع أعمال العنف في سورية بشكل كبير، وتحوّل ما تبقى من تلك الأعمال إلى نشاطات وتصرفات معزولة يقوم بها البعض القليل، يملّها ويمقتها الموطنون السوريون. وربما لولا تحريض بعض الفضائيات المستمر واختلاق القصص والحوادث لتوقفت تلك الأعمال نهائياً، وهي على أي حال، في طريقها للتوقف.

أمر مهم أخر، تجدر الإشارة إليه، وهو عودة المجتمع السوري إلى معاودة نشاطاته المختلفة وإلى حيويته وتناغمه وتوازنه، مما يؤكد فشل الخطط التي وضعت لدفعه للانفجار من الداخل؛ فقد أظهر هذا المجتمع وعياً وتماسكاً قويين ومناعة كبيرة أمام الضغوط الخارجية الهائلة؛ السياسية والإعلامية والاقتصادية والأمنية والتحريضية.

وتأكيداً على ذلك، فقد انتقلت سورية قيادة وشعباً من مرحلة رد الفعل إلى المبادرة وتسلم زمام الأمور عبر مؤشرات عديدة، منها؛

1) توازن القيادة السورية بشكل كبير وعدم انفعالها جراء العقوبات الدولية عليها، كذلك عدم انجرارها للردود الجانبية على التصريحات والتصرفات التي كانت تصدر من هنا وهناك. بل، استمرت في تأكيدها على أن الإصلاح مستمر وبشكل صارم (وإن تعرقل أحياناً)، ولكن وفق المنطق السوري والمصلحة السورية والحاجة السورية، وليس وفق الإملاءات الخارجية التي ركبت موجة الإصلاح لتحقيق غايات وأهداف ومصالح أخرى، لا علاقة للإصلاح بها. وربما هذا ما أدركته القيادتان الصينية والروسية وكان السبب خلف موقفيهما. وهناك أكثر من علامة على الجدّية السورية بالإصلاح، أهمها العمل الجاري على تحديث قانوني الانتخاب والإعلام والذي سينتهي خلال فترة محددة قريبة، وفيما بعد سيصار إلى إصدار قانون الأحزاب، وكلّ هذا ستكون له نتائج كبيرة وإيجابية على حياة السوريين.

 2) بدء الحوار السياسي مع المعارضة لوضع أسس مشتركة للمرحلة الجديدة، والانتقال إلى التطبيق العملي للإصلاحات المختلفة، ولاسيما في المجال السياسي، حيث أن الإصلاحات في المجالات الأخرى، قد سبقته.

3) استمرار لقاءات الرئيس بشار الأسد مع الوفود الشعبية التي تمثل شرائح المجتمع السوري المختلفة، للاطلاع على مقترحاتها وسماع وجهة نظرها وطلباتها وذلك بما يسهم في إغناء عملية الإصلاح التي انطلقت بخطى متسارعة.

سورية تسير إلى الأفضل، وهذا واضح من المخاض، لكن المطلوب أولاً التأكيد على الاستقرار والأمن حتى تتمكن العملية الإصلاحية من الاستمرار بالقوة والدفع اللازمين. والمطلوب أيضاً السرعة والوضوح، وهذا يقتضي من الإعلام السوري، الرسمي والخاص، إجراء "جردة" شهرية، بل وربما أسبوعية،  لما تم ويتم تحقيقه وإنجازه في المجالات المختلفة، وحتى لا يصار إلى طمسه وسط " القصف" الإعلامي الخارجي المعادي على سورية، وحتى يعلم المواطن السوري المعنيُّ الأول بالإصلاح ماذا تحقق له وأين وصلت العملية المستمرة.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.