تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

جلول: محكمة بلمار.. شنق المقاومةبأمعاءالحريري

 

محطة أخبار سورية  

"نظرت محكمة الشهيد رفيق الحريري الدولية في القرائن التي تقدم بها السيد حسن نصرالله عبر استجواب عدد من المسؤولين الإسرائيليين العسكريين والمدنيين وبعد اختبار الفرضيات التي وردت في القرائن تبين للمحكمة أن إسرائيل ليست متورطة في هذه الجريمة.

 

من ثم قررت المحكمة استنادا الى شهادات موثوقة يتعذر الكشف عنها حرصا على سلامة التحقيق قررت ان جماعة مجرمة تولت اغتيال الرئيس رفيق الحريري مستفيدة من عزوف الأجهزة الأمنية اللبنانية- السورية عن حراسة رئيس الوزراء السابق كما كانت تفعل من قبل. وتفيد القرائن التي توفرت لدى المحكمة ان عناصر غير منضبطة من حزب الله اقترفت هذه الجريمة وهي معروفة بارتباطها الوثيق بالجناح المتشدد في الحرس الثوري الايراني. وترجح المحكمة ان تكون تلك العناصر قد تصرفت بغير علم او مباركة قيادة حزب الله".

 

تبدو هذه الفقرة "الخيالية" او الافتراضية شديدة الشبه بالأجواء التي أشاعها مسؤولون صهاينة ووسائل إعلام غربية عن طبيعة القرار الظني الموعود في جريمة اغتيال الرئيس الحريري والراجح انها تعبر عما ينتظره اعداء وخصوم المقاومة اللبنانية من المحكمة الدولية وليس عن رغبة مشروعة في معرفة من ولماذا قتل الحريري. واذا اردنا التعبير بلغة اقرب الى السجال اللبناني ـ اللبناني يمكننا القول ان "القرار الظني" الموصوف أعلاه يسعى الى شنق "المقاومة اللبنانية" بأمعاء الحريري وهو يشفي "غليل" بعض الاذاريين المتشددين ويبعث الاطمئنان في نفوس الصهاينة ومن يناصرهم من الغربيين.

 

غني عن الذكر ان سيناريو اتهام المقاومة باغتيال الحريري هو الثاني بعد اتهام سوريا وأربعة جنرالات لبنانيين بارتكاب الجريمة وقد كشف الضباط الأربعة على رؤوس الأشهاد "نفاق المحكمة" والقضاة الذين تولوها لا سيما الألماني ديتليف مليس. ومعروف أيضا أن "محكمة الحريري" قد هبطت من سماء أخلاقية عالية إلى الحضيض عندما تساقط شهود الزور الذين اعتمدتهم الواحد تلو الاخر دون ان تصر على محاكمتهم والاقتصاص منهم.

 

واذ يسعى "الموالون" في لبنان إلى تهوين قضية الشهود الزور وتواطؤ المحكمة معهم واذ يلمحون الى ان القضية كانت متصلة بالمحقق السابق ديتليف ميلس وان المحقق بلمار مختلف عن سلفه، فان "المعارضين" اللبنانيين لا يسمعون من هذه الاذن. فهم يرون ان المحكمة "فقدت عذريتها" عبر التزوير وان التسامح معها يعكس عطبا اخلاقيا ليس اقل خطورة من التسامح مع رجل الدين الايطالي الذي اغتصب اطفالا في ملجأ للايتام تحت اشرافه. ففي هذه الحالة يتوجب عزل رجل الدين للحفاظ على سمو الاخلاق الدينية. وفي الحالة الاولى يتوجب تفكيك المحكمة للحفاظ على عدالة اهل الارض عذراء من كل فساد وافساد.

 

كان هذا الاستنتاج راجحا في صفوف المعارضة اللبنانية قبل ان يعرض السيد حسن نصرالله قرائن تدين إسرائيل في اغتيال الرئيس الحريري وقد بدا لمعارضين كثر ان الامين العام لحزب الله يسعى الى تسليط الضوء على "فساد المحكمة" عبر قرائنه وانه يريد محاكمتها وليس حثها على اختبار الفرضية الإسرائيلية. واذا كان مفهوما ان يطلب القاضي بلمار قرائن نصرالله للنظر في الفرضية الإسرائيلية فمن غير المفهوم ان يستجيب الوزير محمد فنيش لهذا الطلب وكأنه يثق على الضد من امينه العام بعدالة المحكمة ويرى وجوب تحكيمها في اختبار الفرضية الإسرائيلية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل.

 

اكبر الظن ان قيادة حزب الله وربما المعارضة اللبنانية لا تريد الحديث عن الغاء المحكمة الدولية حتى لا تصطدم بالموالاة التي مازالت تؤمن بالمحكمة الدولية بوصفها ورقة مهمة في المعادلة السياسية اللبنانية من جهة ولأنها من جهة اخرى تمثل عقدا للعمل المشترك مع القوى الغربية التي حلت محل سوريا في الوصاية على جزء مهم من القوى السياسية اللبنانية.

 

الواضح ان تقديم القرائن للمحكمة الدولية لن يغير شيئا في طبيعة القرار الظني باتهام عناصر من حزب الله باغتيال الرئيس الحريري بل ربما يضفي على الاتهام مصداقية اكبر اذ يرد بعد فحص القرائن وبعد تنظيف قاعة المحكمة من شكوك الفرضية الإسرائيلية. ولعل هذا ما يفسر ذلك الفرح الغامر الذي ساد اوساط المتشددين الاذاريين في ختام مؤتمر نصرالله الصحافي اذ اجمعوا على القول "نتمنى إدانة إسرائيل وعلى حزب الله ان يسارع الى تقديم قرائنه الى المحكمة".

 

بعبارة أخرى يمكن القول انه ما دامت المحكمة اداة من ادوات الوصاية الجديدة على الحياة السياسية اللبنانية وما دامت وسيلة "لوقف الاغتيالات" كما وصفها بعيد انشائها النائب وليد جنبلاط وما دامت تندرج في إستراتيجية اختراق سيادات الدول "لأسباب إنسانية " كما يراها وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير فانه لمن الصعب ان تلعب دورا مفاجئا في ملاحقة إسرائيليين خططوا ونفذوا جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحتى يتم ذلك لابد من محكمة اخرى وظروف اخرى ومعادلة سياسية لبنانية اخرى، بل وانتشال هذه الجريمة من براثن 14 و8 اذار وايكالها الى جهة قضائية مهنية مستقلة علها تميط اللثام عن قاتل او قتلة رئيس الوزراء اللبناني الراحل ودوافعهم ومحرضيهم.

 

بالانتظار يمكن القول دون تردد ان محكمة بلمار لا تختلف عن محكمة ميليس في عدالتها البهلوانية ونزعتها الفئوية وبالتالي سعيها لتحقيق الاغراض السياسية التي نذرت من اجلها.

 

نقلا عن العرب أونلاين.... فيصل جلول

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.