تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

قطاع الكهرباء: التحديات المتشابكة!

 

عادت الطاقة الكهربائية في الأيام الماضية إلى واجهة الاهتمامات العامة مع موجة الحر الشديد التي تواجهها البلاد والتي توصف بأنها الأولى من نوعها منذ أكثر من نصف قرن. موجة الحر هذه لها أضرار متعددة وهي تشكل تحدياً لقطاع الطاقة الكهربائية فهي من جهة ترفع استهلاك الطاقة الكهربائية بسبب الزيادة في استخدام أجهزة التكييف، بينما تنخفض كفاءة التوليد في المحطات الكهربائية بنحو 15% لذلك فالمشكلة مضاعفة في قطاع الكهرباء، زيادة في الاستهلاك ونقص في الطاقة المولدة.

قطاع الكهرباء مدار اهتمام الحكومة ممثلة بوزارة الكهرباء التي عمدت إلى زيادة الكمية التي نشتريها من تركيا. لكن تبدو التحديات التي تواجه قطاع الطاقة الكهربائية متعددة بحسب الأرقام التي تتداولها وسائل الإعلام فهناك حاجة لنحو 3.5 مليارات يورو أو ما يعادل نحو مئتي مليار ليرة سورية خلال السنوات الثلاث القادمة للاستثمار في قطاع التوليد وهناك حاجة لمحطة جديدة تكلف سنوياً نحو 700 مليون يورو بطاقة 700 – 800 ميغاواط وكل تقصير في إنشاء المحطات الجديدة يؤدي إلى مخاطر في توفير الطاقة الكهربائية اللازمة للاستهلاك. ‏

أما الغاز والفيول فهما يكلفان يومياً نحو 400- 450 مليون ليرة سورية أي نحو 3.5 مليارات دولار أميركي سنوياً أما فاقد الشبكة فهو في حدود 24.6% والحد منه يحتاج إلى جملة من الحلول منها ما يتطلب تكاليف استثمارية ومنها ما هي إجراءات جذرية للتعامل مع الاستجرار غير النظامي من الشبكة الوطنية. ‏

إذاً التحديات متعددة وهي ككل قضايانا الاقتصادية الوطنية تتطلب تعاون الجميع من عام وخاص لمواجهتها. أولى هذه التحديات هي النمو الكبير نسبياً في استهلاك الطاقة الكهربائية والذي يتجاوز 10% سنوياً، ثاني التحديات هو تأمين المبالغ اللازمة لتغطية رأس المال اللازم لإنشاء محطات التوليد وهو ما يتم تأمينه إما بالاقتراض من المؤسسات والصناديق المالية العربية وإما عبر فتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار في القطاع وهو تحد تنظيمي وإداري في آن واحد. التحدي الثالث هو الفاقد الكهربائي الذي يصل إلى نحو 25% وهو رقم كبير بالمعايير العالمية. وأما التحدي الرابع فهو تسعيرة الكهرباء وبعبارة أخرى الدعم المقدم للكهرباء وهو أمر مهم بأهمية دعم المشتقات النفطية ولابد أن يدرس النمو في الاستهلاك بالتوازي مع قدرة الموازنة العامة لتغطية العجز الناجم عن السعر، خاصة إذا كان هذا الدعم يؤدي إلى المزيد من التشابكات المالية بين المؤسسات العامة الاقتصادية في قطاعات النفط والغاز من جهة ومؤسسات التوليد وتوزيع الطاقة الكهربائية من جهة ثانية. ‏

جميع التحديات مرتبطة ببعضها بعضاً، فالقدرة على اجتذاب الاستثمار مرتبطة بوجود تصور اقتصادي متكامل أحد عناصره الفجوة في الطلب وتحت أي سعر وهل تستطيع الموازنة العامة للدولة أن تتحمل الدعم على المدى الطويل لتتم تلبية الطلب المتزايد لأنه يعني ببساطة زيادة فاتورة دعم الكهرباء. لكل واحد من هذه التحديات اعتبارات اقتصادية مهمة ولمجموع هذه التحديات جانب اجتماعي لا يمكن التغاضي عنه من حيث قدرة المواطن على تحمل تكلفة الكهرباء من جهة واعتبار الكهرباء عصب الحضارة فيكفي انقطاع التيار الكهربائي ساعة من دون وجود بديل ليرينا كم من القرون إلى الوراء يقذفنا هذا الانقطاع. هناك حاجة لتعاون العام والخاص لمواجهة التحديات التي تواجه هذا القطاع خاصة أن دخول القطاع الخاص للتوليد يتطلب وضوحاً حول الوقود المستخدم وأسعاره وأسعار التوزيع كما يتطلب تحديد حقوق المستهلكين ودون الإجابة عن هذه الأسئلة لا يمكن تصور دخول القطاع الخاص إلا من خلال مشروعات تقوم فيها الوزارة بشراء كامل إنتاج القطاع الخاص. ‏

قبل نحو قرن وسبع سنوات تقريباً حصل مستثمر وطني على امتياز تأسيس شركة محلية سميت(شركة الجر والتنوير الكهربائي لمدينة دمشق) قام بتغطية نصف رأس المال اللازم فيما طرح النصف الثاني للاكتتاب العام، وبالتالي نحن لا نعيد اختراع العجلة فلدينا تجربتنا التاريخية وهناك تجارب وممارسات عالمية ناجحة يمكن تبنيها منها التجربة التركية في هذا المجال. ‏

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.