تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

سورية وجورجيا

تعود العلاقات بين سورية (وبلاد الشام) وجورجيا إلى بضعة آلاف من السنين قبل الميلاد، حيث كانت منطقة جورجيا والقوقاز الغنية بالمعادن المصدر الأساسي للنحاس والحديد التي تحتاجه منطقة بلاد الشام والرافدين التي تفتقر إلى مناجم التعدين، وكان الطريق التجاري يمر عبر هضبة الأناضول وشمال سورية والجزيرة حيث ازدهرت ممالك الحيثيين والميتانيين والحوريين نتيجة احتكارها وتحكمها في هذا الطريق التجاري المهم.

ومع بداية العهد الكلاسيكي في النصف الثاني من الألف الأولى قبل الميلاد تحولت طرق التجارة من البر إلى البحر فأصبحت المدن التجارية الكبرى الفينيقية (أوغاريت وأرواد وصور وصيدا) واليونانية (أثينا وكورينث) في شرق المتوسط تعيش عصراً ذهبياً أنعشته التجارة المزدهرة مع البحر الأسود فكانت تنقل زيت الزيتون والمصوغات والمشغولات التي يصنعها الحرفيون المهرة في شواطئ بلاد الشام (الزجاج والألبسة الأرجوانية والأواني الفخارية وقطع الزينة من المعادن الكريمة) إلى شواطئ كوليشس (الاسم القديمة التي كانت تعرف به المملكة الواقعة على شواطئ جورجيا اليوم)، ويكفي أن نعلم أن سبب بناء بيزنطة (أقدم مدينة بنيت في موقع مدينة اسطمبول التركية) هو لتكون محطة استراحة في هذا الطريق التجاري القديم.

أما حرب طروادة (أشهر الحروب في التاريخ القديم التي خلدها الشاعر الإغريقي هوميروس في ملحمتيه الرائعتين الإلياذة والأوديسة) والسفن الألف التي انطلقت من شواطئ اليونان لحصار تلك المدينة لم يدفعها فقط جمال وجه هيلين، وإنما كانت أيضاً لتأمين سيطرة الإغريق القدماء على هذا الطريق التجاري المهم.

وقد حمل هذا التبادل التجاري معه تلاقحاً حضارياً مهماً يبدو أثره واضحاً في تشكل الأساطير التي تربط ما بين المنطقتين جورجيا وبلاد الشام، والتي وصلت إلينا مروية عبر التراث الشفهي لتتخذ شكلها النهائي في أسطورة  «الفروة الذهبية»، حيث تقول الأسطورة أن الآلهة بعثت بكبش ذهبي طائر ليحمل ابني الملك المتوفي هرباً من زوجة أبيهما من سورية إلى اليونان وسقطت الفتاة في البحر في مضيق هيلينسبونت (مضيق الدردنيل اليوم) الذي حمل اسمها، أما الغلام فوصل سالماً ومات الكبش نتيجة الإرهاق وجزت فروته الذهبية وأخذها ملك كوليشوس (جورجيا)، وبعد سنوات انطلق جايسون وأبطال الأرغو الاربعين (ومن بينهم هرقل وثيسيوس وبولوس وكاستور وأورفيوس) لاستعادة هذه الفروة في أشهر مغامرات أبطال الإغريق القدماء.

واستمرت العلاقات التجارية المزدهرة بين بلاد الشام وجورجيا في العصور الوسطى حيث أصبحت الإمبراطورية البزنطية الوسيط التجاري الجديد بين المنطقتين، والجدير بالذكر هنا أن الديانة المسيحية انتشرت في جورجيا عن طريق الكنيسة الأشورية والكنيسة السورية منذ أكثر من ألف عام، وتغير الوضع بعد هزيمة البيزنطيين أمام السلاجقة في معركة ملاذكرد عام 1072م حيث أصبحت الحضارتان الجورجية والعربية الإسلامية في حال تماس مباشر لأول مرة، وتعود أصول غالبية أمراء المماليك الذين حكموا المنطقة إلى أصول جورجية، وقد دخل الجورجيون كتب التاريخ العربية تحت اسم «الكرج» وهو تعريب للاسم الذي يطلقه الشعب الجورجي على نفسه بلغته الأصلية «Kartvelebi» وأطلقوا على عاصمتهم لقب «تفليس» وهو تعريب للاسم الأصلي «تيبليسي»،

يحل ضيفاً على سورية يوم الأحد 2-5-2010 وزير خارجية جورجيا السيد «جريجول فاشدزه                 Grigol Vashadze» في زيارة رسمية يتوقع استقباله فيها من قبل الرئيس بشار الأسد.

وتحمل زيارة الوزير الجورجي في طياتها العديد من الجوانب الاقتصادية والسياسية، فعلى الجانب الاقتصادي يعتبر خط أنابيب الغاز الممتد من باكو في أذربيجان المطلة على بحر قزوين إلى تركيا وشواطئ البحر الأبيض المتوسط والمار من أراضي جمهورية جورجيا من أهم خطوط الغاز الطبيعي المسال في العالم اليوم، وتزداد أهمية خط الغاز هذا بالنسبة إلى سورية بعد توقيع اتفاقية اقتصادية استراتيجة بين سورية وأذربيجان وتركيا، وفق نظرية البحار الأربع التي طرحها رئيسنا بشار الأسد، ومن المتوقع أن يجدد خط الغاز هذا أواصر التجارة المزدهرة التي كانت بين البلدين سورية وجورجيا عبر التاريخ.

أما من الناحية السياسية فتأتي هذه الزيارة في توقيت دقيق كونها تسبق الزيارة المرتقبة للرئيس الروسي        «ديمتري ميدفيدف» في النصف الأول من شهر أيار لدمشق، ويمكن لسورية التي تمتلك علاقات صداقة واحترام مع الدولتين وإيمان عميق بسياسة اعتماد الحوار حلاً للمشاكل العالقة بين الدول أن تلعب دوراً إيجابياً يساهم في حل النزاع الروسي-الجورجي حول أقاليم أوسيتيا الجنوبية، ولجورجيا سفارة نشطة وسفير متميز في القاهرة ودمشق، وقنصل فخري في سورية هو الصديق المهندس مأمون كنامة.

معلومات عن جورجيا:

العاصمة: تبليسي (تفليس).

اللغة الرسمية: الجورجية.

نظام الحكومي: برلماني بصلاحيات واسعة للرئاسة.

رئيس الجمهورية: ميخائيل سكاشافيلي.

رئيس الوزراء: نيكولوز جيلوري.

تاريخ الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي: 25-12-1991.

المساحة: 69.700 كم2

عدد السكان: أربعة ملايين ونصف نسمة.

ويعد من أشهر مواطني جورجيا في العهد السوفيتي «جوزيف ستالين» الذي قاد وترأس الاتحاد السوفيتي بين أعوام 1924 – 1953، وإدوارد شيفارنادزه آخر وزير خارجية للاتحاد السوفيتي.

نبذة عن الوزير الضيف فاشدزه:

مواليد 1958 في العاصمة تبليسي.

تخرج من معهد العلاقات الدولية الحكومي السوفيتي 1981.

عمل في الخارجية السوفيتية وكان عضواً في فريق مفاوضات معاهدة ستارت 1 التي خفضت الترسانة النووية في العالم.

تسلم منصب نائب وزير خارجية جورجيا في شباط 2008.

تسلم منصب وزير الخارجية في كانون الأول 2008.

متزوج من راقصة الباليه الشهيرة «نينو أنانيشفيلي» وله ولدان نودار وإيلين.

ويجيد الوزير الضيف سبع لغات هي: الجورجية، الروسية، الإنجليزية، البرتغالية، الإيطالية، الإسبانية والفرنسية.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.