تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

قضية «سكود».. أم تغيرات المشهد الإقليمي

محطة أخبار سورية  

لم يكن الأمر يحتاج إلى إثارة زوبعة مثل تلك المتعلقة بصواريخ «سكود» المزعومة وما دار حولها وعنها سواء في وسائل الإعلام أو في الدوائر السياسية في المنطقة وعموم الغرب، حتى يتبين عمق المأزق الذي تمر به إسرائيل، حكومة ومجتمعاً ومؤسسة عسكرية.

الإعلام الإسرائيلي يعبر ربما أفضل من ساسته عن حال الضيق سواء من جهة علاقات إسرائيل الدولية المأزومة أو من جهة التموضع الجديد لموازين القوى الإقليمية أو حتى فيما يتصل بتحسن الوضع العربي العام بعد التحولات الإيجابية التي شهدتها العلاقات البينية العربية خلال العام الماضي، وللدلالة على التحولات الجيوستراتيجية العميقة التي شهدتها المنطقة وأثارت حنقا إسرائيليا، يكفي إجراء مقارنة بسيطة بين بداية هذا العقد ونهايته.

عندما جاءت إدارة الرئيس السابق جورج بوش إلى السلطة مطلع عام 2001، تخلت عن السياسة التي درج عليها أسلافها فيما يتعلق خاصة بمحاولة إيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي، ولم تمض أشهر قليلة على تجميد كل مسارات السلام وتحميل العرب مسؤولية الفشل حتى وقعت أحداث أيلول ليحصل التماهي الكامل بين أجندة حكومة أرييل شارون العائد لتدمير عملية السلام ومحو آثارها، وأجندة المحافظين الجدد الذين وجدوا الفرصة سانحة لإعلان الحرب على العرب والإسلام.

استحصل شارون على ضوء اخضر لإعادة احتلال مدن الضفة الغربية وتركيع الفلسطينيين والحجر على قيادتهم حتى تقبل بشروطه، في الوقت الذي كان يجري فيه اعداد وتنفيذ عملية إخراج العراق من المعادلة الإقليمية مرة واحدة وإلى الابد.

بالتزامن، راحت العلاقات العربية البينية تحت وطأة الضغوط الخارجية تمر باسوأ مراحلها، فانقسم العرب إلى معسكرين، حيث طال الخلاف كل شيء تقريباً من الخيارات الإستراتيجية إلى البروتوكول والتمثيل، وحتى تحديد صفة العدو وماهيته، وفيما كان العالم العربي يعيش اسوأ كوابيسه، احتلال وعنف وتهميش وتمزق، كانت إسرائيل تعيش أفضل حالاتها على الإطلاق، فالغرب الأميركي والأوروبي أطلق يدها للتنكيل بالفلسطينيين، ومنحها غطاء سياسيا وإعلاميا لإنهاء الصراع على طريقتها، ثم جاء الأسوأ من جهة موازين القوى بين العرب وإسرائيل، فبعد إخراج مصر «بالسلام» جرى إخراج العراق بالحرب، على حين بدأت محاولات عزل سورية وتطويقها.

كان عام 2006 مفصليا، بدأ على أثره المشهد الإقليمي بالتغير، في ذلك العام وبدأ يتضح حجم المأزق الأميركي في العراق، لكن الأهم تمثل في الفشل الذي منيت به إسرائيل في عدوانها على لبنان، وهنا بدأت تتشكل معادلة جديدة للقوة مع نشوء حالة ردع غير مسبوقة من وجهة نظر عسكرية مع انكشاف العمق الإسرائيلي أمام صواريخ المقاومة.

في أواخر عام 2008، اختارت إسرائيل هدفا ظنته اضعف في محاولة لاستعادة الهيبة المفقودة، فكان العدوان على غزة، لكن هذا العدوان بتزامنه مع رحيل الإدارة الأميركية الأسوأ، جاء، رغم آلامه، بنتائج سياسية ايجابية أنهت حال الاستقطاب العربي وفتحت باب المصالحات على مصراعيه، عرّت إسرائيل دوليا ومهدت لانقلابات في العلاقات الإقليمية أبرزها الانقلاب التركي على السياسات الإسرائيلية.

اليوم تبدو الصورة مقلوبة تماما، إسرائيل تعيش في شبه عزلة دولية، تسير عكس حركة التاريخ وتبدو كمن يضرب رأسه في الحائط، تتعرض لضغوط دولية شديدة لتغيير السياسة التي انتهجتها قبل سنوات بدعم دولي، وتجد صعوبة في التأقلم مع معادلة قوى جديدة حولتها من قطب إقليمي مهيمن إلى مجرد قطب عادي بين مجموعة أقطاب.

هي إذا ليست قضية صواريخ وغيرها، إنها تعبير عن حال الأزمة، بعد أن ذهب حصاد العقد الماضي أدراج الرياح.

 

 

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.